إني المقاوم المذكور أعلاه شاركت في الثورة التحريرية المسلحة من مارس 1953 إلى 03 ديسمبر 1954 مع رجال أحبوا تونس وعاهدوا الله والوطن أن لا ينزلوا من الجبال إلا باستقلال تونس أو الشهادة في جبالها الشاهقة وفوق ترابها الغالي وكان قد حصل الشرف لعدد من هؤلاء الرجال المقاومين الاستشهاد في تلك الجبال ومازالت مقابرهم هناك إلى حد الآن منسية لا يترحم عليهم أحد في الخطب الرنانة والمطولة في التلفاز وفي الصحف الكتوبة أولئك الرجال الذين حملوا السلاح وتركوا أبناءهم وأرزاهم وصعدوا الجبال وناموا على التراب وتوسدوا الحجارة وضحوا بشبابهم وحياتهم من أجل استقلال تونس الحبيبة التياجتاحتها الجيوش الفرنسية سنة 1881 وملكت الأرض واستعبدت العباد وقتلت الرجال واعتدت جيوشهم المغتصبة على الحرمات ويتمت الأطفال وأصبح المواطن التونسي عند الاستعمار عبدا والعلم التونسي من يحمله يعتبر مجرما ويحاكم بالسجن والخطية وعند تكرر ذلك يعتبر مشاغبا ويقع إبعاده عن مسقط رأسه ويصبح تحت الإقامة الجبرية مراقبا من طرف السلطة الاستعمارية. ولهذه الأسباب قام الشعب التونسي بثورات متلاحقة ضد الاستعمار الفرنسي في الجبال والمدن إلى أن أحرزت تونس الاستقلال الداخلي ونزل المقاومون من الجبال سنة 1954. وفي سنة 1956 تسلمت تونس مقاليد السلطة بيد الحرس الوطني والجيش والشرطة الوطنية وكل الإدارات وفي سنة 1957 أعلنت الجمهورية بقيادة الزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة بطلب الكفاح والتحرير ومباشرة باشر البناء والتعمير وبناء المدارس في الأرياف والمدن ومجانية التعليم الابتدائي والثانوي والعالي وبناء الجامعات التي تخرج منها الاف الشبان يحملون الشهائد العليا خولت لهم الحصول على شهادة الدكتوراه والعمل باحترام في الدول المتقدمة براتب مرتفع جدا زد على ذلك تكوين إدارات عصرية رغم قلة الموارد والإمكانات وإحداث الإدارات وتطويرهاوبناء المستشفيات والمعالجة المجانية وإحداث الطرقات والجسور العصرية. وكل هذا أيها السادة لم يكن بالسهل وجدتم المدارس الابتدائية ومنها تحصلتم على الشهائد العليا ووجدتم الإدارة والرقات ووسائل النقل العصرية وغير ذلك من الامتيازات الكثيرة التي لا يمكن حصرها في كتاب أو في مجلد. لذا فإني من موقعي كموان تونسي مقاوم شاركت في تحرير تونس من الاستعمار العسكري والفلاحي من الجلاء العسكري سنة 1963 والجلاء الزراعي والعقاري سنة 1964 طبعا كان كفاحي مع الشعب التونسي رجاله ونسائه واستشهد في سبيل ذلك الاف من رجال تونس البررة واليوم لا تذكرونهم حتى بالرحمة ولا تكرمون الأحياء منهم بالكلمة الطيبة والعرفان بالجميل فهل يعقل هذا أيها السادة أننا أباءهم وأجدادكم تعبنا من أجل تحرير تونس وهيأناها لكم على أساس المحافظة عليها بالعلم والعمل ولكي تصونوا علمها وتحافظوا على وحدة الشعب بكلمة (لمّ الشمل) اتركوا المصالح الشخصية واتركوا الأغراض والأحقاد واعملوا الأعمال الصالحة التي بها يتوحد الشعب التونسي وليعمل كل منا لمصلحة الوطن ومن أجل عزته واستقلاله. حملنا السلاح وصعدنا الجبال وحاربنا العدو الاستعماري لا أحد من هؤلاء الرجال يفكر في منصب أو راتب أو مال بل كان همه الوحيد استقلال تونس أو الشهادة ولكن اليوم أيها الأخوة والأبناء تتسابقون إلى المناصب والرتب ونسيتم حق من سبقوكم واعدوها لكم لذا من الواجب عليكم المحافظة على الوطن وذلك بالعلم والعمل والمحبة بين كل أفراد الشعب واتركوا أعمال التفرقة والإقصاء لأن ذلك يزرع الحقد والكراهية في الكبار ومنهم يرثه الصغار وبذلك تتكون الفتنة والعصيان وعاقبة ذلك وخيمة على الأمة ونحن من قاوم الاستعمار حتى تحررت تونس لا نرضى ذلك لذا أطلب من موقعي كمقاوم ولي حق عليكم أيها السادة الحكام أن تحافظوا على تونس ومكاسب الثورات المتعاقبة المتلاحقة حتى ينعم الشعب التونسي بالأمان على حياته ومكاسبه وأعراضه وهذا لا يكون إلا بالأمن ومنه الأمان، الله أشهد أني بلغت ولا أرغب لا في منصب ولا في جاه إنما هي مداخلة تذكير.