تونس (الشروق) أحيت تونس يوم أمس، اليوم العالمي لمقاومة الجفاف والتصحر وكل المؤشرات تؤكد أن البلاد ستواجه في السنوات القادمة أزمة عطش حادة ستتزامن مع اجتياح الرمال لمساحات هامة من الأراضي الزراعية... حسب تقارير وزارة البيئة والتنمية المحلية ستعرف تونس خلال الخمس سنوات القادمة وبشكل تصاعدي تراجعا في كمية الأمطار يتراوح بين 10 و30 بالمائة في المقابل سيرتفع مستوى البحر بنسبة 30 الى 50 سم ما سيكون له تأثيرا مباشرا على اليابسة بتراجع الشواطئ من 20 الى 135 سم. وكنتيجة مباشرة لهذه المتغيرات المناخية ستخسر تونس 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية و700 ألف هكتار من الأراضي السكنية الواقعة على السواحل. ومن الطبيعي ان يؤثر هذا الوضع البيئي المنتظر في الحركة الجيولوجية للأرض بما في ذلك تدفق الغازات الدفينة الى السطح ما سيتسبب في ارتفاع درجات الحرارة. وفيما تبقى 75 بالمائة من الجغرافيا التونسية معنية بظاهرة التصحر فإن زحف الرمال يتسبب في اتلاف حوالي 15000 هكتار من الاراضي الصالحة للزراعة سنويا. على أنه يمكن تقسيم البلاد التونسية حسب درجات التصحر الى ثلاثة اقسام «كمناطق ذات درجات تصحر ضعيفة تتكون من جهة الوسط وهي مناطق مازال النبات الطبيعي يكتسب فيها امكانات للنمو رغم بداية تراجعه ومناطق ذات درجة تصحر متوسطة وتشمل جهات من ولايات قابس ومدنين وقفصة الا ان شدة التصحر تشتد حول بعض المراكز الحضرية كحامة قابس ومدنين وبنقردان ومناطق ذات درجة تصحر شديدة وتتكون من المناطق المتاخمة لهضبة الظاهر وبلاد نفزاوة والجريد حيث تسبب التصحر في ارمال بعض الواحات وأتى على بعض القرى بأكملها». العطش يعي كل الخبراء بأن احتياطات تونس المائية متواضعة جدا وعمقت المتغيرات المناخية والانحباس الحراري من هذه الأزمة التي باتت ترمي بظلالها على مستقبل الأجيال القادمة والتي قد تعاني كثيرا من نقص المياه الصالحة للشرب اذا لم تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة باستباق كارثة حقيقية بحلول سنة 2030. بلغة الأرقام، « تتوفر تونس على موارد مائية جمليّة تقدر ب4875 مليون متر مكعب، تحتل نسبة المياه الجوفية منها 2175 مليون متر مكعب والباقي 2700 متر مكعب من المياه السطحية. وتعد تونس 80 مائدة مائية تتعرض للاستغلال المشط (53 منها سطحية و27 عميقة) مما يدعو إلى العمل على ضرورة الحفاظ على الموارد المائية والتوعية بالتداعيات السلبية لإستغلالها المفرط نتيجة تطور مختلف الأنشطة الإقتصادية في تونس. وقد ارتفع ،حسب الخبراء في مجال المياه، مؤشر الإستعمال اليومي للكميات المائية السنوية المتجددة للموائد المائية من 81 % سنة 1980 إلى 114 % سنة 2010 بالنسبة إلى الموائد السطحية ومن 51 % إلى 86 % بالنسبة إلى الموائد العميقة». وتقر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بأن «نقص الموارد المائية قضيّة رئيسية وساخنة في تونس، حيث تكثف جهودها في مجال تعبئة الموارد المائية الى حدود سنة 2030 للمحافظة على توازن بين العرض والطلب الذي سيبلغ 2721 مليون متر مكعب كما «يتوقع خبراء الشركة الوطنية التونسية لاستغلال وتوزيع المياه انه بعد التاريخ المذكور سيبرز نوع من الاختلال في التوازن وسيكون الطلب على المياه ارفع من الموارد التقليدية المتاحة والتي يمكن استغلالها بما يؤدي الى نمو الطلب على الموارد غير التقليدية». الجوع اضافة الى العطش، فإن تونس معرضة كذلك الى أزمة غذاء بسبب التصحر وزحف الرمال مشكلة خطرا على الاراضي الزراعية. وتؤكد تقارير وزارة البيئة والتنمية المحلية على ان «ظاهرة التصحر وتدهور الأراضي وخاصة الزراعية يأثر سلبا على حياة الملايين من البشر في الوقت الراهن ويؤدي إلى تدني إنتاجيتها مما يشكل تهديدا للأمن الغذائي العالمي وجودة الحياة. وفي تونس تؤثر هذه الظاهرة على قرابة 75 % من التراب الوطني بتفاوت ما بين مناطق شديدة التدهور ومتوسطة التدهور وضعيفة التدهور. كما أن معالجة هذه الظاهرة أصبح أكثر شمولية نتيجة العلاقة القائمة بين المسائل الاجتماعية والاقتصادية وكذلك المواضيع البيئية الهامة وهي التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي، حيث أثبتت الدراسات مدى تأثير التغيرات المناخية وظاهرة تدهور الأراضي الزراعية، وتملّح التربة والاستغلال المفرط للمياه، على الأمن الغذائي. كما تتعرض المزيد من الأراضي لظاهرة التصحر التي تزداد حدتها بفعل التغيرات المناخية، إلى جانب العوامل البشرية المرتبطة بالإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، فضلا عن التوسع العمراني. أرقام ودلالات 75 % من الاراضي التونسية مهددة بالتصحر 700 ألف هكتار من الاراضي السكنية مهددة بالبحر