يسابق المبعوث الأممي الخاص الى ليبيا غسان سلامة الزمن و يحاول هذه الايام عبثا اطلاق دينامية في المشهد الليبي من خلال محاولة «فرض» اجراء الانتخابات خلال العام الجاري واطلاق عجلة التسوية السياسية بين فرقاء الازمة لكن يبدو أن مسلكية الفوضى والعنف باتت هي الأرجح...و «الأنجح». يراهن المبعوث الأممي في مساعيه هذه على خطته التي يصرّ على وصفها بأنها «الفرصة الأخيرة» رغم ان الوصف الصحيح الذي ينطبق عليها هي خطة اهدار الفرص والوقت و الجهد بعد أن نجحت على مدى الأشهر الماضية في اغراق الأزمة بمبادرات و مؤتمرات و لقاءات ساهمت في اطالة أمد الأزمة و «نجحت» في تحويلها الى «عقدة» حقيقية بات حلها يحتاج الى ما يشبه «المعجزة» . نصف الكاس الممتلئ في خطة غسان سلامة يشير إلى أن ليبيا ستكون على موعد في ديسمبر المقبل مع انتخابات رئاسية و تشريعية لا شك انها باتت اليوم تحظى بقبول جلّ القوى الليبية...و هو مؤشر هام يفتح بكل تأكيد نافذة امل كبيرة أمام الليبيين للخروج من أزمتهم . ولكن نصف الكأس الفارغ فيه من العقبات و الألغام ما يمكن أن «يفجّر» كل هذه الآمال و التحركات و يعيد الأزمة الى المربع الاول في اي لحظة... لا يكفي القول هنا أنه تم تحديد موعد هذه الانتخابات المنتظرة دون إطار أو قواعد دستورية متفق عليها بل انها بالاساس بنيت على فكرة خاطئة، وهي أن» الانتخابات يمكن أن تصلح الفوضى في ليبيا» بينما المنطق يفترض القول ان انهاء الفوضى هو الكفيل باجراء الانتخابات وان أي انتخابات في ظل الفوضى ستخلق أزمة شرعية في ليبيا تعاني منها ليبيا الآن وستعمق حالة الفوضى و تكرس نفوذ الميليشيات المسلحة. بهذا المعنى فان اجراء أي انتخابات قبل انهاء الفوضى ونزع سلاح الميليشيات وحسم الحرب على الارهاب وقبل توفير «شبكة أمان» ستكون بمثابة وضع «العربة قبل الحصان»... لكن السؤال الملح اليوم في هذا المضمار ليس ما هو البديل للانتخابات، بل ما المطلوب لتهيئة الظروف لهذه الانتخابات لأن الانتخابات خيار لا بدّ منه حتى تتجاوز ليبيا أزماتها؟ ولكي تتجاوز ليبيا أزماتها من الوجاهة القول هنا انه يجب على كل الأطراف المعنية أن تركز عملها على معالجة معاناة الشعب الليبي والتوقف عن تحويل ليبيا الى ساحة صراع مصالح ونفوذ للقوى الأجنبية ؛ وهو أمر شرطُه الضروري مخاطبة الأسباب الرئيسة للأزمة، وهذا ما لم يحدث حتى الآن. لا أظن أن أي تسوية ستصمد إن لم تعالج التحدي الأخطر بالنسبة للشعب الليبي والذي يتجاوز خطره ليبيا إلى دول الجوار، ودليل هذا ما كشفته الهجمات الأخيرة التي شنتها ميليشيات ابراهيم الجضران ، آمر حرس المنشآت النفطية السابق بليبيا وعمليات الهجرة السرية عبر السواحل الليبية وما أفضت إليه تداعيات الارهاب و فوضى السلاح التي تنغّص حياة المواطن الليبي بشكل يومي.