أعلن صباح أمس الأربعاء أن هناك تغييرا وزاريا قريبا في الوقت الذي يتمسك فيه نداء تونس واتحاد الشغل برحيل الحكومة وعلى رأسها يوسف الشاهد. وبغض النظر عن نجاح أو فشل مساعي المطالبين برحيل الحكومة وعن مدى التحويرات التي سيقوم بها الشاهد في حال بقائه فإن ذلك لن يحلّ مشاكل تونس المستعصية فأي وزير جديد أو رئيس حكومة لن تكون له عصا سحرية. وسيجد نفسه في نفس الوضع مع مزيد تأزم الوضع الاجتماعي والاقتصادي. فتونس تدفع ثمن الثورجية التي حرمت البلاد من آلاف الأيام من العمل وتدفع ثمن الانتدابات العشوائية والعفو التشريعي العام والقروض التي لا أحد يعلم فيم تم إنفاقها؟ وتدفع ثمن نظام سياسي ونظام انتخابي أثبتا فشلهما وقبل كل ذلك ثمن ظهور طبقة سياسية فاشلة لا تملك أكثر من الشعارات الثورجية والمزايدة السياسية. تونس تحتاج الى نخبة شجاعة وطنية صادقة تؤمن بإنقاذ المركب بحلول عاجلة وناجعة. وأولها إيقاف المطلبية والتوجه الى العمل والكف عن بيع الوهم والشعارات وتحتاج الى حكومة صغيرة العدد واضحة التوجهات ولها أولويات أبرزها الضغط على الأسعار ومقاومة التهرب الضريبي وتقود حربا حقيقية على الفساد لتعبئة موارد المالية العمومية لخلق مواطن الشغل وتحيين المشاريع المعطلة لأسباب عقارية غالبا. لقد رفعت حكومة الشاهد الكثير من الشعارات. لكنها فشلت في تحقيق معظمها رغم المساندة التي وجدتها من الجميع في البداية ورغم قناعة معظم التونسيين بأن التحوير الوزاري لن يجدي نفعا إلا أن ذلك من شأنه أن يخلق مناخا سياسيا جديدا بعد حالة العطالة العامة التي تعيشها البلاد منذ بداية «الحرب» بين «الأخوة الأعداء» فعمليا وسياسيا لم يعد ممكنا أن تواصل حكومة الشاهد عملها بهذه الصيغة وخاصة بالنسبة الى المستشارين والوزراء الذين حصل شبه إجماع على فشلهم يضاف الى ذلك كتابات الدولة التي تشكل عبءا ماليا وسببا في انعدام النجاعة في بعض الوزارات. فلم يعد ممكنا تواصل هذه الحالة من الارتباك والعطالة التي تعيشها البلاد بين حكومة مرتبكة وسياسيين غارقين في صراعات الديكة وحصد المغانم الشخصية دون أي اعتبار لواقع البلاد المنذر بالخطر الذي قد يتسبب في حريق لا يعلم أحد مداه هذه المرة.