كشفت نسب النجاح في الدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا أرقاما مفزعة بالنسبة الى المعاهد الخاصة اذ لم تتجاوز 5.4 بالمائة وهي نسبة ضعيفة جدا تعكس وجود ثغرات كثيرة وخطيرة في منظومة المؤسسات الخاصة في مرحلة التعليم الثانوي في تونس. تونس(الشروق): تذمّر التلاميذ المترسّمون في المؤسسات الثانوية الخاصة من هيمنة البعد المادي على التربوي في هذه المؤسسات وتراجع المستوى العلمي وتضخيم المعدّلات وغياب مراقبة البرامج وتكوين المربين الذين ينتمي جلهم للقطاع العمومي مما جعل نسب النجاح فيها ضعيفا في الامتحانات الوطنية وهو ما يحبط كثيرا الاولياء الذين يتداينون لتدريس ابنائهم في المؤسسات الخاصة لإنقاذهم من الفشل لكنهم يصدمون بان الكثير من هذه المؤسسات التربوية الخاصة تزيد من تعميق ثغراتهم المعرفية عبر تضخيم المعدلات ومغالطة الاولياء عبر اخفاء مستوى ابنائهم الحقيقي. وفي هذا الاطار ذكر الخبير الدولي في التربية عماد السديري ل"الشروق" ان هذه المؤسسات بما تحققه من نتائج متدنية جدا قد أصبحت في واقع الأمر راعية للفشل ومهدرة لأموال العائلات التونسية ومحبطة لآمال التلاميذ الذين يلتجئون إليها على أمل الحصول على فرص إضافية لتطوير معارفهم ومهاراتهم والاستمرار في دراساتهم العليا. لكن الملاحظ انه ومنذ إلغاء احتساب نسبة ال25بالمائة من المعدل السنوي في الباكالوريا منذ دورة 2017 سقط القناع عن كذبة تميّز التعليم الخاص مقارنة بالتعليم العمومي عبر تدني نسب النجاح في امتحان الباكالوريا التي تم تسجيلها فباستثناء المعاهد الخاصة الكبرى لم تسجل المعاهد الخاصة نسب نجاح معقولة. تجاوزات والمتأمل في عمل هذه المؤسسات يكتشف أن هناك جملة من التجاوزات التي تخصّ مراقبتها وإدارتها وهيكلتها وآليات عملها وتنظيم الحياة المدرسية فيها. فجميعنا ندرك أن وزارة التربية لاتتعامل مع هذه المؤسسات بالجدية والحزم اللازمين، إذ تتركها تعمل بشكل يكاد يكون مستقلا،دون مساءلة أو محاسبة. ومن منظور مؤسسي وإداري، من المهم أن ندرك أنه من غير المعقول أن تصل نسب النجاح في مؤسسة خاصة إلى صفر بالمائة. ومن غير المقبول أن تكتفي هذه المؤسسات بتقديم الحد الأدنى من الخدمات التعليمية لفئة من التلاميذ الذين يتميّزون بحاجتهم الأكيدة إلى مزيد من الدعم والإحاطة والمساندة. ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف غير الطبيعية أن يكون التلاميذ هم الضحية الأكبر في المعاهد الخاصة، فهؤلاء لا تعيرهم وزارة التربية التونسية أي اهتمام عملي، إذ لم تتدخل بشكل مبكر لإنقاذهم من الفشل المدرسي ولا توجد في آليات عملها أي إمكانية للإحاطة بهم ودعمهم، بل تكتفي المعاهد الحكومية بمعاقبتهم على تدني نتائجهم المدرسية وطردهم منها وكأنهم دخلاء على هذه البلاد. ورغم رغبتهم في الاستمرار في الدراسة وحاجتهم الماسة إلى الدعم الإضافي، لا يجد هؤلاء أي مساندة أو رعاية مخصصة من قبل وزارة التربية أو السلطات الجهوية أو المعاهد الخاصة التي ينتمون إليها. حق النجاح ما لا يدركه بعض المسؤولين أن النجاح التربوي قد أصبح اليوم حقا مكتسبا في الدول المتقدمة،وهو حق تكفله الدولة وتوفر له الموارد المالية والبشرية اللازمة ليتحقق. فعلى سبيل المثال سنّت الولاياتالمتحدةالأمريكية في العام 2015 قانونا يضمن النجاح لجميع التلاميذ مهما اختلفت قدراتهم، ليس من خلال النجاح الآلي بل من خلال توفير منظومة قوية من الدعم والمساندة داخل المؤسسات التربوية وخارجها. إن فشل المؤسسات التعليمية الخاصة في تونس في مرحلة التعليم الثانوي يعكس في جوهره فشل المنظومة التربوية في تونس بشكل عام. فوزارة التربية التي تعمل وفقا لفلسفة تجاوزها التاريخ تتعامل مع المعاهد الثانوية الخاصّة وكأنها لا تتبعها ولا تخضع لسياساتها ولا تتحمل أية مسؤولية في تدني نتائجها. وإجمالا، فإنّنا نقدّر أنّ تدنّي نسب النّجاح في البكالوريا بالمعاهد الخاصّة هي وضعيّة مؤقّتة، حيث من المنتظر أن تتحسّن النّتائج بشكل كبير جدّا بتزايد عدد مؤسّسات التّعليم الثانوي الخاصّة ذات الجودة العالية مثلما هو الشّأن في التّعليم الابتدائي والإعدادي، حيث تسجّل هذه المؤسّسات نتائج تعادل تلك التي تحقّقها مؤسّسات التّعليم العمومي. الكاتب العام للنقابة العامة لمتفقدي التعليم الثانوي أحمد الملولي ل«الشروق» ضرورة انتداب أساتذة خاصين تسجل المعاهد الخاصة منذ سنتين نتائج متدنية اكثر من السنوات الماضية اذ ان نسبة ال25بالمائة من المعدّل كانت ترفع نسب النجاح نسبيا والغاؤها تسبب في كشف المستور فباستثناء المعاهد الخاصة النموذجية يتطلب الوضع مراجعة الوضع في المعاهد الخاصة من ذلك مراجعة شروط النجاح فمن غير المعقول ارتقاء تلميذ من قسم الى آخر بمعدل ضعيف الى جانب اعتماد انتداب اساتذة خاصين بهذه المعاهد وعدم التعويل على اساتذة التعليم العمومي واستغلالهم بأسعار رمزية في التعليم الخاص ودعا الى منع هذه الممارسات واجبارية تكوين اساتذة خاصين بالتعليم الخاص وإبرام اتفاقيات مع وزارة التربية لإخضاع الدروس الى التفقد وتحسين مستوى ما يتم تقديمه للتلاميذ وعدم التركيز فقط على سنة الباكالوريا فالعملية التربوية مسترسلة من السنة اولى إلى الرابعة ثانوي. سليم قاسم رئيس جمعية جودة التعليم التعليم الثانوي الخاص تعليم انتشال إنّ تراجع نسب النّجاح في البكالوريا بالمعاهد الخاصّة إلى ما دون ال٪6 يعدّ أمرا منطقيّا بالنّظر إلى عدّة عوامل أهمّها أنّ التّعليم الخاصّ في المرحلة الثّانويّة لا يزال تعليما انتشاليّا يلجأ إليه المتعلّمون الذين فقدوا حقّهم في التّسجيل بالتّعليم العموميّ إما بسبب تدنّي نتائجهم وكثرة رسوباتهم أو لأسباب تأديبيّة تتعلّق بسلوكهم، وفي الحالتين فنحن أمام فئة تلمذيّة يتراجع مؤمّل نجاحها كثيرا مقارنة بباقي التّلاميذ. زد على ذلك أنّ البحث عن المردوديّة يدفع بعض المعاهد الخاصّة إلى الاستعانة بمدرّسين محدودي التّجربة لتدنّي أجورهم، بالإضافة إلى عدم تمتّعهم بزيارات التّفقّد رغم أنّ القانون ينصّ على ذلك، وهي مسألة غير مقبولة ولا بدّ من إيجاد حلّ لها. ولا يمكن أن نتناول تراجع نسبة نجاح تلاميذ المعاهد الخاصّة دون أن نستحضر الإجراء الذي تمّ اعتماده طيلة سنوات، والمتعلّق باحتساب نسبة ٪25 من المعدّل السّنويّ في البكالوريا، حيث مكّن هذا الإجراء آلاف التّلاميذ من نجاح هم في الحقيقة لا يستحقّونه، وذلك عن طريق تضخيم الأعداد وإسنادها دون حقّ، ولا شكّ أنّ اقرار التّخلّي عن هذا الإجراء يفسّر بنسبة هامّة التّراجع المسجّل على مستوى النّتائج. وفي هذا السياق علينا أن ننبّه إلى ما لا تزال تشهده اختبارات الرّياضة منتجاوزات، حيث أن احتساب المعدّل السّنويّ ضمن معدّل البكالوريا يجعل بعض أساتذة هذه المادّة في المعاهد العموميّة والخاصّة على حدّ السّواء يسندون الأعداد بطريقة عشوائيّة ولا يكلّفون أنفسهم أحيانا حتّى مجرّد إنجاز الاختبار، وهو إخلال جسيم أشار إليه وزير التّربية ولا بدّ من التّدخّل الحازم لوضع حدّ له. الحدث في أرقام 18783 مترشحا مرسما في المعاهد الخاصة 107.981 مترشحا مرسما في المعاهد العمومية 5486 فردي