تونس (الشروق) حالة طوارئ يعيشها هذه الفترة مرضى السكري والصرع نتيجة النقص الفادح المسجل في كميات الادوية الخاصة بهم وعدم توفر الأدوية الجنيسة. أدوية حياتية مفقودة تماماً ولا وجود لجنيستها وأخرى متوفرة بكميات محتشمة في صيدليات دون غيرها ذاك هو حال قطاع الأدوية في تونس اليوم وسط تشكيات المرضى الذين أطلقوا صيحة فزع خوفا من الخطر الذي بات يهدد حياتهم مطالبين بضرورة التدخل العاجل لإنقاذهم. ولعل هذا النقص في أدوية مرضى السكري زاد من حدة تفاقم أزمة اختفاء الكثير من الأدوية الحيوية في تونس سواء داخل الصيدلية المركزية أو من الصيدليات الخاصة التي دقّت ناقوس الخطر لما بات يهدد حياة المرضى امام غياب الأدوية المشابهة أو الجنيسة. وحذّر الكاتب العام لأعوان الصيدليات الخاصة هشام بوغانمي من خطورة الوضع الذي آل إليه قطاع الأدوية، مؤكدا ان حقن الأنسولين ذات المفعول السريع والبطيء مفقودة داخل الصيدليات مشيرا ان مريض السكري ان لم يتم حقنه سيتعرض الى حالة إغماء سريع تنتهي به الى الموت. ومن بين الأدوية الحيوية الأخرى المفقودة يضيف البوغانمي هي حقن «progestérone r 500 الذي يساهم في استقرار الجنين داخل أرحام والدته الى جانب أدوية «depakin500 cp وdepakin sirop» و«phénobarbital 50 وgardenal 100» الخاصة بمرضى الصرع التي تسجل نقصا كبيرا داخل الصيدليات علاوة على حقن sérum antitetanique الخاصة بمعالجة الجروح. وطالب البوغانمي بضرورة انشاء لجنة طوارئ تشكل من مهنيي القطاع عبر منظمات اجتماعية ووزارتي المالية والداخلية تعنى بمراقبة مسالك الأدوية منذ صنعها الى لحظة تسليمها للمريض لانه من غير المعقول ان تتجاوز طاقة التصنيع أضعاف السوق التونسية بينما يئن المريض التونسي من نقصه مشيرا الى وجود خلل بين مستوى الانتاج ومستوى الاستهلاك الامر الذي يطرح نقاط استفهام عديدة على حد تعبيره. ومن مشاكل مسألة التوزيع كذلك يقول الكاتب العام لأعوان الصيدليات هي اليد العاملة الغير مختصة بقطاع موزعي الأدوية بالجملة مؤكدا انها يد عاملة عاجزة عن توفير المعلومة للصيدليات في ما يخص الأدوية المعوضة «الجنيسة» الامر الذي نتج عنه بطء في التزويد علاوة على عدم إمضاء الملاحق التعديلية الخاصة بالزيادة في الاجور منذ سنة 2011 وما انجر عنه من هجرة لليد العاملة المختصة القادرة على توفير المعلومة. وحمّل هشام مسؤولية الخطر الذي بات يهدد آلاف مرضى السكري والصرع الى وزارة الصحة التي اكتفت وفق تعبيره بحلول ترقيعية حينية على غرار ضخ أموال للصيدلية المركزية ولم تتخذ إجراءات وحلول عاجلة لهذا الاشكال دون السيطرة على مسالك التوزيع وإيجاد حل للصناديق الاجتماعية. من جهته أقرّ رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة الشاذلي الفندرلي بوجود نقص كبير في هذه الأصناف من الأدوية التي لا وجود لأدوية جنيسة للبعض منها وأخرى أصبحت مفقودة على مستوى عالمي منذ قرابة الثلاثة أشهر. وأرجع الفندرلي أزمة نقص الأدوية الى المشاكل المالية التي تعانيها الصيدلية المركزية نتيجة تراكم حجم الديون المتخلدة بذمة حرفائها العموميين والتي بلغت اكثر من 800 مليون دينار منها 323 مليون دينار بذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض و344 مليون دينار بذمة الهياكل الاستشفائية التابعة لوزارة الصحة، ما جعلها عاجزة عن تسديد ديونها تجاه مزوديها من المخابر الأجنبية المقدرة ب 400 مليون دينار. ودعا رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة الى ضرورة توفير 400 مليون دينار للصيدلية المركزية حالا و50 مليون دينار شهريا لخلاص مستحقات المستشفيات والكنام الى جانب تقنين استبدال الأدوية وإدخال البرمجة المعلوماتية في المستشفيات وانتداب صيادلة لمزيد ترشيد النفقات وإرساء الحوكمة الرشيدة وتشجيع الصناعة الدوائية المحلية. والى حين حل مشاكل الصيدلية المركزية، أكّد الشاذلي الفندرلي انه سيتم العمل بالتنسيق مع الأطباء على استبدال الأدوية أو إيجاد بروتوكولات أخرى لاقتناء أدوية مشابهة رغم القلق الذي سيسببه هذا التغيير في الدواء للمريض.