لا يهم إن كنت ضيّعت نفسي أو هي التي ضيّعتني أو ضيّعوني. المهم أنني في المضيعة منذ ثماني سنوات ضاعت ولم أجد فيها لنفسي أثرا حتى إذا أمسكت بها وجدتها ليست أنا أهيم في وحل الأوضاع ومزابلها أسأل كل من يحيط بي عني فأجده مثلي ضائعا يبحث عن نفسه ويباغتني بالسؤال عما إذا رأيت له في الزحام أثرا. لا يهمّ إن كان وكنت زميلين في الضياع. المهم أن كل القوم ضياع. ولا أحد يرى أحدا ولا أحد وجد نفسه واستعادها من المضيعة. أتصفّح وجوه الناس. وإذا بالناس ليسوا هم الناس ولا الوجوه هي الوجوه. يعترضك في الزحام ذو الوجهين في ملعب الجاه والوجاهة يلعب بوجه رأس حرباء ووجه على كرسي البدلاء ينتظر الدخول في الوقت الضائع بديلا للقوم الضائع تتعدى ذا الوجهين تجد نفسك تواجه من لا وجه له صاحب جاه ووجاهة باع ماء الوجه باع الوجه واشترى جلد خنزير قناعا. تتعدى هذا وذاك يعترضك من وجهه في قفاه يزعم أن ما في الجبة إلا اللّه وهو في الأرض خليفته دون سواه لا يهم إن ضعت أنت وضاعت هي وضعنا جميعا. لا يهم حتى إذا ضاع القوم كله. فكم من قوم تاه وضاع وهو يطارد السراب يلاحق الضباب أملا في أن يمسك بالسحاب يستجدي غيثا لأرضه القاحلة في سنواته العجاف وفي النهاية وجد نفسه بين أحضان الوطن. ولكن ما العمل وقد ضيّعنا الوطن؟