وزير الخارجية ونظيره العماني يؤكدان على ضرورة متابعة تنفيذ توصيات الدورة 16 للجنة المشتركة التونسية العمانية    محمد الرابحي يطمئن التونسيين حول سلامة الدلاع ويحذّر من التسممات الصيفية    ضحايا ومفقودون في حادث غرق عبّارة بإندونيسيا    كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة لتهريب المخدرات    أكثر من 30 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ منتصف الليل    باريس تدين استمرار اعتقال فرنسيين في إيران "بتهم ملفقة"    عاجل: صفقة جديدة للنادي الإفريقي    محمد صلاح يتصدر قائمة أغنى اللاعبين الأفارقة لسنة 2025 بثروة قدرها 110 ملايين دولار    طقس الخميس: الحرارة تتجاوزال 40 درجة وأمطار بهذه المناطق    اليوم: ارتفاع درجات الحرارة ...والشهيلي حاضر    تونس – الطقس: عواصف رعدية… بَرَد… رياح الشهيلي… سنتمتع بكل شيء!    لي سيو-يي.. رحيل مفاجئ لنجمة الدراما الكورية يثير التساؤلات    ما تخبئه الكواكب ليوم الخميس 3 جويلية: يوم حاسم لمواليد الأبراج المائية والنارية    كوريا الشمالية تصعد لهجتها ضد الولايات المتحدة    تعليق اضراب الاطباء الداخليين والمقيمين وجلسة تفاوض الخميس مع وزارة الصحة    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    تركيبة الهيئة المديرة الجديدة للنادي الإفريقي    تونس – نحو توسيع محطة تحلية مياه البحر بقابس    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان: علاقات تاريخية متميزة    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: من المتوقع موجات حر أشد وأكثر تواتراً    أوروبا: موجة حر تودي بحياة أربعة أشخاص في إسبانيا وفرنسا    تونس وسلطنة عُمان تعتمدان خطة عمل استراتيجية لتعزيز التعاون الثنائي    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    أخبار الحكومة    الولايات المتحدة.. فقدان 7 أشخاص إثر انفجار مستودع للألعاب النارية بكاليفورنيا    مجلس الجهات والاقاليم يحيل مشروعي قانون يتعلقان باستغلال المحروقات على اللجان    بعد حجز 47 كيلوغرام من الكوكايين ب13 مليار ... كلّ الأسرار عن صفقة بيع المخدرات    لدى لقائه الزنزري.. سعيد يعطي تعليماته باعادة هيكلة عديد المؤسسات العمومية    القضية الفلسطينية اهم محاور لقاء سعيد بوزير خارجية سلطنة عمان    بعد ضجة كبيرة ...الأمن الفرنسي يفرج عن البلايلي    وزارة الفلاحة تُحذّر    مستقبل المرسى يتعاقد مع المدافع يسري العرفاوي لمدة موسمين    بنزرت: حجز 34 ألف بيضة مخبأة بمستودع عشوائي ببنزرت الجنوبية    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    صيف المبدعين .. الكاتبة عائشة السلاّمي .. لم أكن أرحّب بالعطلة... كان السّجن في انتظاري    5 خرافات عن الماء... تعرّف عليها للحفاظ على جسمك    التحقيق مع راغب علامة بقضية "المكالمة الهاتفية" المسرّبة    النادي الافريقي يتعاقد مع حسام حسن رمضان الى موفى جوان 2027    اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات عاجلة في القطاع العام والوظيفة العمومية    مستقبل المرسى يعزز صفوفه بالحارس سامي هلال    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    السجن 12 سنة لتونسية هرّبت الكوكايين من تركيا داخل حقيبة سفر    الدورة 20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني قابس من 15 إلى 19 أكتوبر 2025    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    هل الجلطات تقل في الصيف؟ هذا ما تقوله الدراسات    صادم: فيديو تحرش بفتاة في مكتب بريد بهذه الجهة..فتح تحقيق وايقاف المتهم..    محاضرة بعنوان "حوار على ضوء القيم ... عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خيارا" بمقر الالكسو    جوان 2025: استقرار معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية في حدود 7.5 بالمائة    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    في تونس: الإدمان لم يعُد حكرا على المخدّرات...تفاصيل صادمة    سخانة غير عادية تستنى فينا ابتداء من النهار هذا    كأس العالم للأندية: برنامج الدور ربع النهائي    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    كيفاش تستغل دارك والا محلك وتدخل منهم فلوس؟    أسامة الرمضاني يكشف عن تعرضه للسحر: "علاه شعملتلكم؟!"    وزير السياحة يلتقي ممثلي الجامعة التونسية للمطاعم السياحية والجمعية التونسية لمهنيي فن الطبخ    كيف تؤثر حرارة الصيف على مزاجنا وسلوكياتنا اليومية؟    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام على سقوط بغداد: «السقوط الى القمّة»
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

«السقوط الى القمة» هو عنوان «أشهر رواية عربية غير منشورة» كما تصفها صاحبتها غادة السمان، فقد سُرق المخطوط الاول للرواية في أحد المطارات الاجنبية ثم أعادت غادة السمان كتابتها لكنها ضاعت ثانية، ثم أعادت كتابتها مرة ثالثة، وكانت جاهزة للطبع لولا أن لعنة الحرب اللبنانية أصابتها حين انفجر صاروخ في غرفة مكتب السمان وأتى على كل ما فيها، بما في ذلك الرواية المخطوطة... فكأن الظروف جميعها تواطأت لحرمان القارئ العربي من رواية غير عادية على ما يبدو من خلال عنوانها على الاقل.
وما يجرنا الى الحديث عن «السقوط الى القمة» هو أن السقوط لا يعني بالضرورة الانحدار، قد يعني صعودا، وقد يعني انهيارا مفرطا وهو في كلتا الحالتين «سقوط» غير عادي... كما «سقوط» المدن العظيمة التي تستأثر لنفسها بهذه الصفة دون سواها...
«السقوط الى القمة» عنوان غير عادي، ويوم 9 أفريل من العام الماضي كان أيضا يوما غير عادي... والروايات غير العادية، قد تكون حكايا لتاريخ مدن غير عادية أيضا... بغداد... كم مرة سقطت بأيدي الغزاة، كم من الاقدام الدنيئة داست أرضها وكم من الدماء دنّست طهر نهريها، كم من المدافع دوّت في أرجائها، كم من الصواريخ والطائرات اخترقت سماءها وعكّرت صفاءها... لكن سقوطها الاخير كان مدويا الى حد لا يطاق... ما عاد ربيعها ربيعا، وما عاد نيسان فيها مزهرا، ما عادت بلابلها تغرد وما عادت بساتين الكرخ زاهية يانعة، فقد ألغت رائحة البارود شذى عطرها... ما عادت أشجارها أشجارا ولا ثمارها ثمارا، بل صارت مزروعة ألغاما...
يوم 9 أفريل من العام الماضي كان أيضا غير عادي... حد الجنون، حين رقص أشباه العراقيين احتفاء بالسقوط وحين نهبوا المتاحف والمكتبات والوزارات والبيوت... أحرقوا الكتب وسرقوا الآثار تحت أنظار «دعاة التحرير» وأي عار!
ضاع العراق شعبا وحضارة، وتاريخا، وجغرافيا...
ضاع شعبا لان أبناءه باعوه، وحتى أولئك الذين لم يتواطؤوا على «بيعه» أو أولئك الذين كانوا من ضحايا «الخيانة» يعيشون اليوم حالة من الضياع القاتل، لا دراسة، لا شغل، لا حاضر لهم ولا مستقبل، وليت التفاتهم الى الماضي يجديهم نفعا... وضاعت حضارة، إذ «طارت» آلاف القطع الاثرية النفيسة الى متاحف واشنطن ولندن وباريس وبرلين، و... تل أبيب أيضا! وأتلفت آلاف الكتب عمدا، وأحرق ما تبقى من المكتبة الوطنية بعد أن سالت مياه دجله والفرات من قبل سوادا ذات جنون من هولاكو!
وضاع العراق تاريخا إذ لم يتركوا من ماضيه شيئا ومن حاضره سوى الدمار ومن مستقبله إلا ما يصلح لانشاء «العراق الحر» الذي يريدون... عراقا «وديعا مطيعا» فاقدا السيادة والهوية، منتهك الارض والعرض، فارغ الذاكرة إلا من «دروس حرب التحرير» التي يزعمون... اغتالوا علماءه، وقلّموا أظافره حد الألم!
وضاعت جغرافية العراق إذ وضعوا خططا لتقسيمه شيعا وطوائف، و»الويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقلّ فيها الدّين»... نهبوا ثرواته وفرضوا عليه برنامج «النفط مقابل الجوع»... و»الويل لامة تأكل مما لا تحرث وتشرب مما لا تعصر»...
ضاع العراق ذاكرة وهوية، وليس أخطر من هذا الضياع... كل شيء يرمّم، حتى تلك القصور الفاخرة التي دكّتها الدبابات والصواريخ، وإن بدم العراقيين الاحمر، وذهبهم الاسود... كل دمار يعقبه إصلاح إلا الذاكرة، لا شيء يقوى على لملمتها إن هي ضاعت من أصحابها برغم ما يسمونه ب «إعادة الاعمار»... كم هو مدوّ هذا السقوط، وكم هو مؤلم حد البكاء!
عام مرّ على سقوط بغداد، والعراق سائر نحو المجهول بلا طريق، بلا رفيق... وذاك قدره، في زمن انقلبت كل القيم والمفاهيم، ليس من الغرابة أن تدوس الولايات المتحدة وحلفاؤها على الأمم المتحدة وعلى القانون الدولي، أن تسير فوق الجثث وتصعد الى قمة الوضاعة والدناءة والانحسار الاخلاقي... وليس من الغرابة أيضا أن تنهار عاصمة الحاضرة ذات نيسان حزين وتسقط الى قمة... الضياع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.