الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. خلافا لكتب الأطعمة والحلويات المقتصرة على مكوّناتها وطرق إعدادها تبحث دراسة سهام الدبّابي الميساوي الصادرة عن بيت الحكمة (تونس 2017 في 331ص) في المظاهر التاريخية والحضارية لكل ما يوضع على المائدة التونسية عبر العصور من ألوان الطعام والشرب والحلويات ولكلّ ما يحتاج اليه من أدوات الطبخ والأكل وكلّ ما يرافق ذلك من الآداب والشروط وحتى الحيل في تعويض المفقود بالموجود من المكوّنات. ومن خلال ذلك تتجلّى الشخصية التونسية الذوّاقة المتّسمة بالتفتّح والهضم نظرا الى موقع البلاد المتوسّطي وتلاقح العناصر البشرية الواردة على الأصل المقيم بتقاليدها الغذائية ومصطلحاتها الدخيلة على اللغة المحليّة والمعرّبة. وذلك ما اقتضى استنطاق عديد المصادر والاستفادة من مختلف المراجع لتتبّع الموضوع في تطوّره بما بقي من التراث وما اندثر منه وما تغيّر منه وما أضيف اليه حسب ما تمليه الأرض وتستسيغه العادة. كما اقتضى المقارنة لاستجلاء ما اختصّت به تونس وما اشتركت فيه مع بلدان المغرب والأندلس والمشرق. ومن المعجّنات يستوقفنا الكسكسي والرشتة والدويدة أو الحلالم من أنواع الإطرية بلفظها اليوناني المعرّب. وعنها تقول الباحثة: «لم يعد مصطلح الاطرية مستعملا اليوم فقد أزاحه مصطلح مكرونة / مقرونة الذي يطلق خاصة على ألوان العجائن الايطالية التي تباع في السوق وعلى بعض الألوان المنزلية مثل مقرونة الأباري التي تعمل في تستور ومقرونة الدّار التي تعمل في جهة بنزرت. أما مصطلح النجارة الشائع في جهة بنزرت فيطلق على لون من الرشتة المنزلية الرقيقة جدّا».