من التهاب الأسعار الذي لم تطوقه وزارة التجارة، إلى أزمة الأدوية وامتداد مواعيد العلاج في قطاع الصحة، ومعها عجز الصناديق الاجتماعية وغياب النظافة واستفحال الجريمة، تتعدد الملفات والإشكاليات وتغيب الحلول الجذرية من الوزارات والإدارات التي تبدو «مشلولة». تونس (الشروق) بينما لم تنقطع شكوى التونسيين من ارتفاع الأسعارالذي نخر جيوبهم كداء مزمن عضال، تفاجأ التونسيون بالإعلان عن الترفيع في نسب الفائدة وفي فاتورة الكهرباء، واسعار البنزين مما ينبئ بارتفاع جديد في أسعار المواد الاستهلاكية والمصنعة، ليتساءلوا أين ذهبت وعود وزارة التجارة بتطويق نيران الأسعار والتقليص من نسبة التضخم ولماذا يتحمل الأجير مسؤولية غياب الحلول الاقتصادية الناجعة، ولماذا لم تعمل الإدارات المختصة في المراقبة على حل إشكاليات الغش والتلاعب بالاسعار. والواضح حسب تحليل عدد من الخبراء أن البلاد تغرق في مشاكل متنوعة تتوزع على أكثر من إدارة تونسية فيما تغيب الحلول الناجعة والجذرية التي يلمسها المواطن في معيشته وتفاصيل يومه اليومية. لا ماء لا دواء شكايات كثيرة يقدمها التونسيون فيما يتعلق بغياب الأدوية الذي تحول إلى معضلة وداء عضال. وكتب عدد من التونسيين شكايات على صفحات الوزارة تتعلق بغياب الخدمات في الإدارات والمؤسسات العمومية، ويشتكي التونسيون خاصة من طول مدة الانتظار لمواعيدهم لا سيما في قطاع الصحة. حيث تطول مدة انتظار مواعيد العلاج، في وقت قد ترتفع فيه شدة المرض ويموت العليل وسط غياب لإجراءات تسهل الإجراءات الإدارية التي تقلص فترة الانتظار في المنظومة العمومية. وفي زمن تتباهى فيه الدول المتقدمة بعدم تسجيل أي انقطاع في الماء والكهرباء يعاني التونسي من انقطاعات الماء وهي معاناة يعبر عنها التونسي يوميا عبرالمواقع الاجتماعية مطالبا «الصوناد» بإيجاد الحل. كبارنا «أهينوا» يعاني المتقاعدون وهم في عمر الحصاد لتعب سنوات الشباب من تأخر الجرايات، حيث تأخر صرف الأجور والجرايات. كما يعاني جزء منهم من غياب الزيادات في وقت من المفروض أن تقدر الوزارة جهد «الكبير» الذي أعطى حياته في العمل. ويضطر المتقاعدون إلى التوجه إلى الإدارات المعنية بشؤون المتقاعدين والانتظار لساعات لحل إشكالياتهم، ومعرفة أسباب تأخر الجرايات. كما تحدث أحد المتقاعدين بحزن قائلا :»هل علي أن أثبت للإدارة أني حي في كل مرة حتى يصلني الأجر ؟». ولم تنقطع شكايات التونسيين من غياب النظافة في عدد من النقاط «السوداء»، والتي تحولت مع صائفة هذا العام إلى كابوس من الروائح الكريهة والناموس والحشرات وانتقد ضحايا لسعات الحشرات الليلية الإجراءات الباهتة والتي لم توفر للمواطنين كرامة النوم دون ازعاج ولم تقم بحملات استباقية متسائلين عن دور الإدارات التابعة لوزارة البيئة والشؤون المحلية. وتحتاج الإدارات التونسية إلى تعصير عملها وإلى إجراءات جذرية فاعلة لا سيما فيما يتعلق بمكاتب العلاقات مع المواطن لحل ملفات واشكاليات أدمت قلوب التونسيين. إشكاليات بالجملة حسب دراسة للاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة حول أداء ومردودية الأعوان العموميين واعتمدت معايير: مثل الحضور والمواظبة وسرعة إسداء الخدمة وجودتها ونوعية الاستقبال والإرشاد والتوجيه، فإن 53 ٪ من الموظفين لا يحترمون التوقيت الإداري على كامل الفترة 18 ٪ منهم متغيبون باستمرار. وتحتاج الإدارة العمومية في تونس إلى برنامج تأهيل شامل يرتكز بالأساس على المبادئ ونقاط أهمها تفعيل الفصل 15 من الدستور الذي ينص على أن « الإدارة العمومية في خدمة المواطن والصالح العام تنظم وتعمل وفق مبدإ الحياد وقواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة» . أكرم الباروني (نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك) ملفات تنتظر «الفعل» لا القول نلاحظ غياب الشجاعة في اتخاذ القرارات الحاسمة في ملفات كثيرة تهم المستهلك خاصة ملف ارتفاع الاسعار، إضافة إلى الملفات الاجتماعية المتعلقة بالتقاعد والتغطية الاجتماعية، والملفات المتعلقة بالتهرب الجبائي، والتجارة الموازية، وهو ما يستدعي قرارات جريئة وواضحة. لكننا لم نر الى حد الآن إصلاحات عميقة ونتائج ملموسة يلامسها عامة الشعب وتصلح من وضعه. ولم نشعر بوجود إجراءات إدارية تطبق وتؤدي إلى التغيير، فاليوم مثلا نشهد اكتظاظا في «الكنام» وتأخرا في استرداد المصاريف وأمراضا لا يمكن تغطيتها، ويشكو الصندوق الوطني للتامين على المرض من غياب الأدوية الحياتية. فيما تلوح بقية الصناديق الاجتماعية بشبح يهدد جرايات المتقاعدين. ويعيش التونسي اليوم طوابير الانتظار الطويلة، وعدم تمتعه بجملة من حقوقه مثل الحق في الصحة والتقاعد والشغل بكرامة ودون تنغيص ولا تكدير وانتظار، وهي حقوق نص عليها الدستور، وهو ما يكشف الكم الهائل من الشعارات الرنانة للوزارات. وعموما نلاحظ أن كل المؤسسات الملاصقة لحاجيات المواطن المباشرة لم تحسن الخدمات ولم يشعر التونسي بالتحسن وبالتغيير. بالعكس هذه المؤسسات تعالج إشكالياتها بإغراق المواطن بمصاريف وتضخيم الفواتير. أرقام ودلالات 53 ٪ من الموظفين لا يحترمون التوقيت الإداري. 18 ٪ يتغيبون باستمرار حسب دراسة للاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة. 2,7 مليون يوم من العمل الضائع بسبب العطل المرضية الطويلة وقصيرة الأمد في قطاع الوظيفة العمومية وهو ما يعادل 4,5 بالمائة من كتلة الأجور .