رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الإدارات التونسية.. تشكيات وتذمرات ومواطن مرهق من بطء الخدمات
نشر في باب نات يوم 09 - 11 - 2017

- (وات/ريبورتاج من اعداد ليلى بن ابراهيم) - "طوابير طويلة وخدمات بطيئة ومواطن أرهقه الركض بين الأروقة لقضاء خدمة أو استخراج وثيقة" تلك هي نظرة أغلب التونسيين للإدارة وخدماتها التي لا يرونها ترتقي لمستوى انتظاراتهم ويؤكدون أن أداءها تراجع خلال السنوات التي تلت ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 .
خدمات دون المستوى المطلوب ساهم في تعميقها وفق عدد من قاصدي الإدارات النظرة الاستعلائية لبعض لأعوان والموظفين وعباراتهم التي لا تختلف من إدارة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى من قبيل "ارجع غدوة " و"الريزو طايح" وهي بالنسبة إليهم تعلات يتخذونها للتهرب من المسؤولية وأداء واجبهم.
وهذه التشكيات التي تزداد حدة من يوم إلى آخر في صفوف المواطنين تقابلها تذمرات الموظفين من نقص الأعوان والتجهيزات ونفاذ صبر الحرفاء وعدم تفهمهم لطبيعة طلباتهم.
وفي هذا الصدد يرى صالح كعباشي (متقاعد من التعليم العالي) أن ما ساهم في تردي الخدمات بأغلب الإدارات التونسية هو عدم إهتمام الموظفين وغياب الجدية والتحلي بالمسؤولية لدى تقديمهم للخدمات المطلوبة منهم. وبين أن المواطن اليوم يجد نفسه من رواق إلى آخر لقضاء شأن لا يستغرق بضع دقائق وذلك بسبب شح المعلومات المقدمة أو التعلات الواهية التي أتى عليها الزمن وولى والتي تدحضها التكنولوجيا التي غزت العالم لتسهيل الخدمات.
وأوضح أن بعض الخدمات قد تستغرق من المواطن عدة أشهر لقضائها كما حصل معه عندما كان في حاجة لوثيقة من المقر المركزي لديوان الزيت بالعاصمة لقضاء شأن خاص بملف بولاية قفصة لكن المقر المركزي رفض منحه إياه وأحاله إلى صفاقس للحصول عليها وفق تعبيره. ولفت في هذا الشان الى ان الدولة مطالبة اليوم بتعصير الإدارة ورقمنة خدماتها والتقليص من المركزية التي كبلت الإدارة وجعلت خدماتها محل تشكيات سواء من قبل التونسيين أو المستثمرين الأجانب قائلا ان "البعض ممن لا يقدمون خدمات جيدة ويتلكؤون في أداء واجبهم تجدهم في أغلب الأحيان مكبلين بالإدارة القديمة العميقة وفصول قوانينها التي تجعلهم محل تتبعات ومشاكل في صورة خرقها".
من جانبه تطرق لطفي (موظف) إلى التعطيلات والمماطلة التي تتسم بها الخدمات الإدارية وما يستغرقه ذلك من هدر للوقت ليتمكن المواطن من قضاء حاجياته مؤكدا أن خدمات الادراة التونسية قد تراجعت وتردت مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة وان ما ساهم في تعميقها هو عدم التحلي بالمسؤولية وغياب الموظفين أو مغادرتهم قبل انقضاء ساعات العمل.
أما ريم (عاملة بشركة للنقل) فقد بي
نت أن ما أساء لخدمة المرافق العمومية هو كل ما اتصل بالجوانب الفنية والتقنية والبشرية كغياب الموظفين وما تعلق بالمحاباة والولاءات والمحسوبية قائلة في هذا الجانب "عندك معارف تقضي خدمتك ما عندكش أرجع غدوة". وهو ما ذهب إليه فتحي التوزري (جزار) الذي اعتبر ان خدمات الإدارة كانت في السابق غير مكلفة ومقبولة لكنها اليوم اختلفت وتدنت لتصبح أكثر سوء وتشهد تعطيلا جراء الطلبات التي تكون أغلبها بمقابل وتحول دون قضاء المواطن لحاجياته رغم إمكانية أن يكون قادما من إحدى الجهات.
حسيبة صنديد (معلمة متقاعدة) ترى إن خدمات الإدارة بصفة عامة ليست بالسيئة ولا بالجيدة وتختلف من إدارة إلى أخرى حيث ان بعض الإدارات تتوفر بها آلات اقتطاع التذاكر كما يسعى الموظفون الى تقديم الخدمات اللازمة للمواطن لكن في المقابل هناك إدارات أخرى لا تلبي حاجيات المواطن والخدمات فيها متدنية مما يسبب للمواطن الشعور بالقلق والاشمئزاز دون قضاء حاجياته. وقالت إن المطلوب من الدولة اليوم هو أن تكون عينا ساهرة على الخدمات المقدمة عبر مراقبتها وتقييمها ومحاسبة كل مخل بواجبه ومتسبب في بطئ نسق العمل موضحة أنّ البرامج الإصلاحية التي تحددها الدولة يمكن ان تكون كافية لتعصير الإدارة وتحسين جودة الخدمات لكن شريطة أن تكون بالتعاون مع المواطن باعتباره طرفا في العملية وعليه التفهم في بعض الأحيان.
من جهته اعتبر محمد الرويسي (متقاعد من الوظيفة العمومية) إنه لا يحمل فكرة كبيرة عن الإدارة التونسية اليوم وعن نوعية خدماتها المقدمة رغم تطورها عما كانت عنه سابقا لكنه أقر بأن الانضباط هو سر نجاح العمل رغم العوائق التي كانت موجودة والتي تم تجاوزها موضحا ان التسيب الذي يتسم به بعض الموظفين والأعوان هو سبب ما تعانيه الإدارة التونسية مشيرا الى أن هذه المسألة انعكست سلبا على الاداء والخدمات المقدمة .
أما سمير شعباني (موظف بشركة تأمين) فقد اعتبر أن الخدمات الإدارية في تراجع مقارنة عما كانت عليه قبل الثورة موضحا انها ليست في المستوى المطلوب وتعاني نقصا وبطءا في الخدمات ونقصا في الأعوان رغم الانتدابات الكثيرة التي جدت بعد الثورة مبينا أن إصلاح الإدارة وتحسين الخدمات يتطلب إرادة جماعية سواء من قبل المواطنين أو الموظفين وليس من مشمولات الدولة وشدد على ان تطوير الإدارة الكترونيا وتعزيز الرصيد البشري لا يمكنه ان يحقق النتائج المرجوة في غياب الالتزام بضمير مهني وعدم التحلي بالمسؤولية.
الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى: للحكومة توجهات وأهداف لتسهيل الخدمات الإدارية والتقليص من الإجراءات
قال الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، إن التوجهات والبرامج التي تم وضعها في إطار مخطط العمل الذي اعتمدته الحكومة للرفع من نجاعة العمل الإداري، تضمنت جملة من المحاور والأهداف من بينها تسهيل الخدمات والتقليص من الإجراءات الإدارية وإفراد المستثمرين بشبابيك خاصة لإعطائهم الأولوية، إضافة إلى التوجه نحو الحذف التدريجي لمشكلة التعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل".
وأوضح الوزير في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن هذا المخطط الذي تم اعتماده في إطار استراتيجية إصلاح الإدارة، "يتضمن رزنامة تنفيذ ومؤشرات للمتابعة من أولوياتها تحقيق تقديم خدمات ذات جدوى عالية للمواطن".
ولفت إلى أن البرامج التي تم وضعها مرتبطة بتحقيق أهداف وتوجهات إستراتيجية، من بينها "العمل على إيجاد مناخ إداري متطور لممارسة الأعمال من خلال إيجاد شباك خلفي متطور وناجع بهدف إصلاح الإدارة من الداخل وتعميم مراكز الخدمات العمومية وتسهيل الخدمات المقدمة لذوي الحاجيات الخصوصية، إضافة إلى التوجه نحو الحذف التدريجي لمشكلة التعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل وتركيز منظومة الكترونية للنفاذ إلى المعلومة".
أما التوجه الإستراتيجي الثاني فيتمثل في العمل على "مراجعة الإجراءات الإدارية الموجهة للمؤسسات مراجعة شاملة، مبينا أن هذا التوجه الذي تم الإنطلاق فيه يلزم الإدارة بالتخفيض من حجم الإجراءات بنسبة 20 بالمائة".
كما أشار إلى أن هذا التوجه يتضمن أيضا إحداث بوابة الكترونية موجهة للمؤسسات ومسارات إدارية لفائدة المستثمرين، عبر إفرادهم بشبابيك خاصة وإعطائهم الأولوية لتحسين جودة الخدمات المقدمة إليهم والعمل، دون تعطيلهم"، لافتا إلى أن هذا التوجه الإستراتيجي "سيعمل على التقليل من البيروقراطية التي تعطل العمل الإداري وسيحسن من المناخ العام المرتبط أساسا بتحسين المناخ الإداري".
وبخصوص التوجه الثالث فيتعلق، وفق الراجحي، بإحداث إدارة عمومية ناجعة وتضمّن مسألة دعم هياكل الإصلاح الإداري، على المستوى المركزي والجهوي، وهو ما سيتم الشروع في تنفيذه سنة 2018، في إطار شبكة وطنية للتحديث الإداري.
يذكر أن مشروع استراتيجية تحديث الإدارة وتطوير الوظيفة العمومية، كان تم عرضه بمجلس نواب الشعب منذ جانفي 2017، في إطار لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام.
وتضمنت هذه الإستراتيجية، كإجراءات عاجلة لسنة 2017، تأهيل 100 فضاء استقبال بالمصالح العمومية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن وإرساء مركز اتصال إداري لإرشاد المواطنين وإحداث 20 دار خدمات إدارية إضافية بعدد من المعتمديات وإرساء دور خدمات إدارية متنقلة لتغطية المناطق النائية بالتعاون مع الديوان الوطني للبريد وإحداث شبابيك خاصة بفضاءات الإستقبال بالمصالح العمومية لذوي الحاجيات الخصوصية وتنظيم مظهر وسلوك أعوان الإستقبال.
المديرة العامة للوظيفة العمومية: التحكم في الموارد البشرية والتقليص من حجم الضغط المسلط على الوظيفة العمومية لن يؤثرا في نوعية الخدمات الإدارية
"التحكم في الموارد البشرية والتقليص من حجم الضغط المسلط على الوظيفة العمومية، مسألة لن تؤثر على نوعية الخدمات المقدمة للمواطن ولن تضر بالإدارة التونسية"، هذا ما أكدته المديرة العامة للوظيفة العمومية، فضيلة الدريدي التي بينت في حوار لها مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء أنه سيتم في هذا الجانب "استغلال العدد الكبير الذي تم انتدابه منذ سنة 2011 بحسن توظيفه وإعادة توزيعه عند الإقتضاء بين الإدارات لتلبية حاجيات النقص في بقية الإدارات".
وقالت الدريدي إن المرور من 450 ألف موظف سنة 2011 إلى 640 ألفا في الوقت الراهن، مسألة أثرت على الوظيفة العمومية وعلى كلفة الأجور وجعلت الحكومة تنتهج توجها عكسيا نحو التحكم في ارتفاع العدد والتقليص من حجم الأجور من 14 بالمائة بالنسبة إلى الناتج الوطني الخام إلى 12.5 بالمائة في أفق 2020"، موضحة أن "تونس تأتي في مقدمة الدول من حيث ارتفاع كتلة الأجور، مما جعل الحكومة تسعى إلى التخفيض من هذه النسبة، عبر الحد من الإنتدابات قدر الإمكان والتقليص من نسبة الترقيات".
إشكاليات الفترة الإنتقالية
ولاحظت المسؤولة في هذا الجانب أن الوظيفة العمومية تعاني اليوم إشكاليات الفترة الإنتقالية وما تبعها من استجابة لمطالب الأوضاع الإجتماعية، مبينة أن الإنتدابات التي شملت الوضعيات الهشة للتشغيل وانطلقت بتسوية وضعيات عمال المناولة وعمال الحضائر والعرضيين وفئات عديدة للعائلات المعوزة وبعض حاملي الشهادات الذين طالت بطالتهم، قد شكلت ضغطا على القطاع العام.
كما أضافت أن هذه المسائل والتي من بينها كذلك الإستجابة لمطالب الزيادات ومراجعة الأنظمة الأساسية، "استنزفت جزءا كبيرا من الإهتمامات المكرسة لإصلاح الوظيفة العمومية وحالت دون الإهتمام بالقدر الكافي بالمسائل والمحاور الإستراتيجية التي تخص تطوير وإصلاح منظومة الوظيفة العمومية التي تراهن البلاد على قدراتها البشرية والتي تعد إدارتها مقوما أساسيا في عملية التنمية ودفع الإستثمار".
ولفتت إلى أن الوظيفة العمومية تشهد تضخما من حيث عدد الأعوان العموميين والموظفين، مبينة ان العدد الجملي للموظفين اليوم هو 640 ألف موظف وأن عدد الإحالات على التقاعد العادي لم يتغير عما كان في السابق والذي كان في حدود 5 آلاف و10 آلاف إحالة، معتبرة أن ارتفاع معدل الإنتدابات بما يفوق 20 ألف انتداب سنويا، جعل الإدارة تتضخم من حيث العدد وتؤثر على كلفة الأجور.
وأوضحت أن معدل الإنتدابات كان خلال الخماسية التي سبقت الثورة، في حدود 10 آلاف سنويا .
وقالت إن الإنتدابات لم تكن لتلبية حاجيات حقيقية للمصالح الإدارية بقدر ما كانت استجابة لطلبات ووضعيات إجتماعية وأدت إلى تضخم خاصة بالإدارات على المستوى الجهوي التي تشهد تضخما في العدد يفوق 100 موظف والحال أنها لا تتطلب سوى 10 موظفين مبينة أن سبب ذلك تسوية ملفات عديدة لعمال الحضائر والآلية 16 وعمال المناولة والعفو العام وعائلات الشهداء وتوجه الإدارة نحو إبقائهم بالأماكن التابعين لها.
وبينت أن الحكومة ولتجاوز هذه الإشكاليات اختارت التوجه العكسي نحو الضغط على عدد من الموظفين من خلال التحكم في ارتفاع عدد الموظفين وفي حجم الأجور مبينة ان هذا الهدف رسمته الحكومة لسنتي 2017 و2018 بإيقاف الانتدابات.
وفي هذا الجانب بينت أنه سيتم الاخذ بعين الإعتبار بعض الإستثناءات وستظل الحكومة بالتنسيق مع مصالح وزارة المالية تستجيب للحاجيات المتأكدة للإدارات العمومية للعمل على عدم إيقاف المرفق العام والتأثير على نوعية الخدمة المقدمة للمواطن لافتة إلى أن التحكم في الموارد البشرية يقتضي عدم التأثير على نوعية الخدمات المقدمة . وقالت في هذا الشان إن للحكومة توجه في هذا الإطار بالتشجيع وتسهيل الإجراءات لطالبي النقلة وبتمكين طالبي الإضافة من ذلك في إطار إعادة التوزيع مع دعوتهم لإعداد بلاغات في تسديد الشغورات عن طريق النقلة من مؤسسات عمومية اخرى .
التقاعد المبكر والمغادرة الطوعية
من جهة أخرى لفتت المتحدثة إلى أن الدولة وللحد من حجم الضغط الذي تعاني منه الوظيفة العمومية قد وضعت برنماجين اثنين الأول تعلق بالتقاعد قبل السن القانونية والذي صدر فيه القانون عدد 51 لسنة 2017 والذي سيمكن الموظفين بمختلف الأسلاك من الخروج إلى التقاعد مع دفع كامل التغطية الاجتماعية المتعلقة بهم حتى بلوغهم السن القانونية للتقاعد.
وبينت في هذا الإطار أنه تم وإلى حدود 2 أكتوبر الماضي (آخر أجل لقبول الملفات) تلقي 6400 مطلبا وهو عدد مقبول بالنظر إلى أن الحكومة رغبت في أن يكون الإقبال ما بين 5 الاف و7 آلاف العدد مقبول.
ولفتت إلى انه الراغبين في التقاعد سيتمكنون من ذلك سنة 2018 موضحة انه يتم في الوقت الحالي دراسة المطالب والتثبت من الوثائق الإدارية والإجراءات .
أما البرنامج الثاني والمتعلق بالمغادرة الطوعية وفق تعبيرها فقد بينت أنه تأخر مقارنة بإجراء التقاعد المبكر لكنها أشارت إلى أنه سيمكن كل موظف يرغب في ذلك من الخروج مقابل منحة تحفيزية.
وبينت أن هذه المسائل تم ضبطها بمشروع القانون الذي تم عرضه مؤخرا على مجلس الوزراء وحظي بمصادقة المجلس موضحة أنه سيمكن الموظف الذي قبل بالمغادرة الطوعية من منحة تتمثل في أجره كاملا للثلاث السنوات.
وقالت إن هذه المسألة لن تؤثر بل ستخفف من عبء الموظفين في المستقبل من حيث ضغط العدد وحجم الأجور وافادت بان الحكومة تنتظر خروج 10 ألاف موظف عبر هذا الإجراء مبينة أن الانطلاق في تنفيذه سيكون سنة 2018 إذا ما تمت المصادقة على مشروع القانون المتعلق به بالبرلمان ليكون العدد الجملي للمغادرين بين التقاعد المبكر والمغادرة الطوعية في حدود 16 الف و500 موظف معتبرة أن هذه البرامج ستمكن من التحكم في العدد والكلفة.
وبخصوص تعصير الإدارة لفتت الى إن الحكومة قد وضعت جملة من البرامج كتطوير الإدراة الإلكترونية وتعميم دور الخدمات لتقريبها من المواطن أين ما كان.
أما عن قانون المصالحة في المجال الإداري وما سينجر عنه من تبعات على الإدارة التونسية فقد بينت إن هذا القانون قد أنصف بعض الموظفين الذين مرروا قرارات إدارية تحت الضغط وسيمكن من العمل بأكثر أريحية في ظل تطبيق القانون.
واكدت أنه بمقتضى هذا القانون يمكن للإدارة ان تستفيد من بعض الموظفين السابقين الذين تعلقت به تهم ولم تصدر في شانهم أحكام وذلك عبر إعادتهم إلى العمل وإدماجهم مجددا لدفع الإدارة بالنظر إلى كفاءتاهم.
مسائل استراتيجية وآليات جديدة
على صعيد آخر أكدت الدريدي أنه يتم اليوم العمل على مسائل إستراتيجية تخص الوظيفة العمومية كمراجعة قانونها الذي لم يراجع لأكثر من 30 سنة مبينة في هذا الجانب وجود مشروع بصدد التفاوض في شانه مع إتحاد الشغل في بعض الجوانب .
واضافت إن الهدف من مراجعة هذا القانون هو تحديث أساليب التصرف في الموارد البشرية وتطويرها وإدخال آليات جديدة تكون أكثر مواكبة للعصر وملاءمة مع المبادئ التي أقرها الدستور والمتعلقة بشفافية الإدارة والمساءلة والحياد من بينها تقييم الموظف وبينت ان الحكومة تعمل على الاقتراب من التجارب العالمية في هذا المجال لإدخال حركية على الوظيفة العمومية مشيرة الى أنه "سيتم ضبط نظام للتقييم والتأجير حسب الأداء في بعض جوانبه من اجل الوصول إلى صيغة ولو في نسبة صغيرة من الأجر تكون في علاقة بنوعية الأداء للموظف".
ولفتت إلى أنه سيتم مراجعة القانون في اتجاه تطوير الوظيفة العمومية عبر دعم التكوين وتكريسه على مستوى القانون ليصبح تنظيم دورات تكوينية بالإدارة ضرورة لافتة في هذا الجانب إلى ضعف التكوين لدى الموظفين ومبينة أن التوجه نحو إقراره يهدف إلى تحسين جودة الخدمات وتطوير الإدارة و نوعية الخدمة وتحسين علاقة الموظفين مع طالبي الخدمات.
كما أشارت إلى أن المراجعة تهدف كذلك الى تحسين طريقة الانتداب عبر إيجاد نظام انتداب يجعل الادارة تستوعب اقدر الكفاءات وذلك لعدم الاقتناع بالطريقة الحالية (المناظرة على المواد) وإلى إقرار نظام خاص للوظائف العليا كالمديرين العامين والرؤساء المديرين والكتاب العامين للوزراء لتصبح مسألة اختيارهم تتم على أساس برامج وأهداف ويتم تمييزهم بنظام تأجير خاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.