بحكم ترامي الواحات وامتدادها الشاسع في جهة قابس ولدت منظومة فلاحية متنوعة المنتوجات حيث دأب الفلاح منذ القدم على استغلال النخلة ومكوناتها في مآرب عدة لعل أهمها « السعف « لانتاج المظلة و»القفة « والخشب لبناء الأكواخ ومد الجسور التقليدية في الغابات ويبقى إنتاج عصير اللاقمي من أهم المهن التي حذقها الفلاح حيث مثلت تجارة مربحة بالنسبة اليه خاصة في فصل الربيع وشهر رمضان حين يتزايد الطلب على هذا العصير. ف» اللاقمي « لمن لايعرفه هو عصير طبيعي يميل لونه إلى الاصفرار ومذاقه كالتمر المحلى بالسكر تنتجه النخلة بعد تدخل فعل الانسان فيها إذ تمرعملية استخراج اللاقمي بعديد المراحل يفسرها أخصاؤوه أن العملية تنطلق بتنظيف الشجرة من بعض» الجريد « ( أغصان النخلة ) الزايد وإزالة الشوك لتسهيل عملية تسلقها ثم حك قلبها حتى يظهر مايسمى ب»الجمار « أو « العروسة « فالتسميات تختلف باختلاف الجهات والمعنى واحد ثم يقوم الفلاح ب» الحجامة « وهي أهم مرحلة إذ يقوم بنزع القليل من الجمار بواسطة أداة تسمى « الحجّامة « وهي عبارة عن منجل كبير الحجم وحاد جدا بعدها يحفرحوض صغير تتجمع فيه قطرات من اللاقمي في قلب « الجمار « ويحولها بواسطة قصبة صغيرة إلى الاناء المعلق بجانب الشجرة وعادة مايكون «جرّة « من الفخار أو أي إناء من البلاستيك هذا ويحرص الفلاح على عملية النظافة وذلك بتغطية هذا الجزء المنتج للاقمي بغطاء حتى لاتتسرب الحشرات داخل الاناء المعد لتجميع هذا العصيرالذي يقع تصفيته فيما بعد بواسطة قطعة قماش نظيفة ثم تخزينه في مكان بارد. هذه العملية ستغرق تقريبا بين 30 دق و45 ذق ويتطلب الاناء قرابة 12 اسعة حتى يمتلئ و يقوم الفلاح بعملية الحجامة مرتين في اليوم حسب نوعية النخلة وموقعها في الغابة فكلما اقتربت من سواقي المياه فإنها تنتج أكثرفيفقد بالتالي هذا العصيرجودته والعكس صحيح فكلما كانت نوعية النخلة ممتازة ك» البوحطم « وبعيدة عن مجرى مياه السقي يكون مذاق عصيرها أجود وعموما فالنخلة تنتج مابين 30 و50 لتر في اليوم. منافع «اللاقمي» حسب أخصائيين في المجال الصحي فإن شراب اللاقمي غني بالاملاح والمعادن والفيتامينات وهو فعّال في تنظيف المعدة من العوالق الزائدة والرواسب العالقة كما له منفعة كبيرة في تسريح المجاري البولية علاوة عن ميزته في تنشيط الخلايا ودعمها بالسكريات الضرورية. تجارة مربحة تبلغ تجارة هذا الشراب ذروتها في فصل الربيع وخاصة في شهر رمضان المعظم حيث تحرص معظم العائلات في قابس على أن تكون قارورة اللاقمي حاضرة يوميا على طاولة الافطار لما لها من ميزة في إطفاء عطش الصائمين وحلاوة مذاقها على ذلك فإن المزارعين في الجهة يحرصون على مضاعفة إنتاج اللاقمي خلال هذا الشهر بالذات فترى طوابير الصائمين منتصبة في « عين سلام « وباب بحر وفي معظم المفترقات حاملين قوارير فارغة يتنظرون دورهم لإقناء نصيبهم من اللاقمي حيث يصل ثمن القارورة الواحدة 2,500 مليم. عموما واحات قابس تنتج كميات كبيرة من هذا المنتوج إلى حد أصبحت من أهم ميزات الجهة إلى جانب الرمان والحنة وبعض الغراسات الاخرى .