قابس: تأجيل قضية المجمع الكيميائي التونسي الى يوم 25 ديسمبر الجاري    كارثة بحرية تهزّ قابس وصفاقس: 3 بحّارة في عداد المفقودين    أكثر من 300 رحلة مُلغاة... المسافرين محبوسين في المطارات..وين وعلاش؟    عاجل: رياح تتعدّى 70 كلم/س... وإشعار بالاحتياط للسواحل والمرتفعات    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    عاجل/ بسبب التقلبات الجوية: تنبيه لمستعملي لود قرقنة…    مدفيديف لأوروبا: لن نلجأ للمحاكم بل ستدفعون "تعويضات حقيقية" بعد هزيمتكم إن مسستم أموال روسيا    مشروع قانون المالية 2026: المصادقة على منح امتياز جبائي عند توريد أصحاب الاحتياجات الخصوصية لسيّارة من الخارج    مناظرة هامة: إنتداب 90 عونا وإطارا بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    البرلمان ينهي المصادقة على 38 فصلا اضافيا ضمن قانون المالية    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    قرية رياضية صحية بلا تدخين تحت شعار "تونس تتنفس خير" يوم 6 ديسمبر 2025 بشارع الحبيب بورقيبة    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    عاجل: مناظرة لانتداب ضباط صف أول لفائدة جيش الطيران...وزارة الدفاع توضّح    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    السياحة الداخلية والحجز المبكر محور جلسة عمل بوزارة السياحة    عاجل/ البرلمان يصوت على تسوية وضعية الأساتذة النواب..    وزيرة المالية: مشروع قانون خاص سيطرح قريبا على البرلمان لضبط آليات استعمال 'الدرون'    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    صابة الزيتون 2025 – 2026: وفرة مرتقبة... وأسعار تُربك الفلاح والمستهلك    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    هل تشكيلة تونس اليوم باش تشهد تغييرات؟    بطولة انقلترا – آرسنال يتغلب على برينتفورد بهدفين ويستعيد فارق النقاط الخمس في الصدارة    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    تونس من ابرز الوجهات السياحية العالمية خلال ديسمبر 2025..    الفيفا تقلص فترة السماح الإلزامي للاعبين بالانضمام لمنتخباتهم بالكان    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    عاجل/ تصريح مدرّب فلسطين قبل مواجهة تونس    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    3 مؤسسات عمومية تنتفع بالتجهيز بأنظمة فولطاضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقدمات للمطر :في الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس الألكسو:هل انصرف اهتمام العرب عن التربية والثقافة والعلوم؟
نشر في الشروق يوم 26 - 07 - 2018

المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) هي أم المنظمات العربية المتخصصة وأعرقها، وتذكيرا بعراقة وأهمية هذه المنظمة القومية العتيدة نذكر بان ميلادها كان في الخامس والعشرين من شهر يوليو/ جويلية من سنة 1970 وذلك تنفيذا للمعاهدة الثقافية التي أبرمتها الدول العربية سنة 1945 أي في السنة التي بعثت فيها (جامعة الدول العربية)؛ وفي العام (1964 -29 أفريل) صادقت الدول العربية ببغداد علي ميثاق الوحدة الثقافية العربية وذلك استجابة للشعور بالوحدة الطبيعية بين أبناء الأمة العربية وإيمانا بان وحدة الفكر والثقافة هي الدعامة الأساسية التي تقوم عليها الوحدة العربية.
وتكريسا لهذه الحتمية القومية النبيلة نصت المادة الثالثة من ميثاق الوحدة الثقافية العربية «على تطوير الأجهزة الثقافية بجامعة الدول العربية ( الإدارة الثقافية ومعهد المخطوطات العربية ومعهد الدراسات العربية) إلى منظمة واحدة تشملها جميعها في نطاق جامعة الدول العربية تسمى «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» وفقا لدستور يقره مجلس جامعة الدول العربية بناء على مقترحات المؤتمر الثاني للوزراء العرب للمعارف والتربية والتعليم وقد ألحق مكتب تنسيق التعريب بالرباط تباعا بالمنظمة.
إذن قامت المنظمة العربية كما اسلفنا في الشهر السابع من سنة 1970 وكان مقرها الدائم القاهرة وقد شهدت هذه المنظمة توسعا محمودا في اختصاصات إداراتها وأجهزتها الخارجية ومنذ عام 1979 انتقلت الالكسوإلى تونس بموجب قرار قمة بغداد التي علقت عضوية جمهورية مصر العربية ومنظماتها المتخصصة بعد الزلزال الذي أحدثته مبادرة الرئيس السادات بتوقيعه منفردا لمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني وخطابه الشهير في الكنيست الإسرائيلي.
وفي تداخل الذاتي بالموضوعي اذكر فيما اذكر بانني في تلك الفترة (سبتمبر 1979) كنت المحرر الثقافي لجريدة «بلادي» وأنا حديث التخرج من كلية الآداب 9 افريل بالجامعة التونسية وقد كلفتني إدارة الجريدة بان اجري حديثا مع مدير عام المنظمة التي استقرت في الأشهر الأولى من انتقالها إلى تونس في عدد قليل من الغرف ب«فندق تونس الدولي» الذي أصبح يسمى الآن «الهناء الدولي». وكانت تلك اللحظة الأولى التي التقي فيها الدكتور محي الدين صابر مدير عام المنظمة الذي أهديته في نفس اللقاء نسخة من ديواني الأول «البحر في كأس».
لم اكن اعرف الدكتور صابر من قبل ولم تكن صورة الالكسو في ذهني واضحة ولكن الأقدار شاءت وأنا أسلّم عددا من الجريدة الذي نشر به حديث المدير العام أن فاجأني باقتراح العمل في المنظمة مسؤولا عن الإعلام وفعلا بدأت رحلتي في الألكسوالتي انتقلت بعد أسابيع قليلة إلى مبنى أجّرته الحكومة التونسية بشارع محمد الخامس وهوالمقر الذي استقرت فيه إلى حين انتقالها إلى صرحها الجديد القشيب الحالي.
لقد دخلت الألكسوشابا يافعا وغادرتها بعد أكثر من ثلاثين سنة وأنا على مشارف الستين وقد كنت سعيد الحظ أن اكتسبت في هذه المنظمة القومية الخبرة الواسعة في مجالات العمل المشترك فقد تقلدت مناصب عديدة في الألكسومن المسؤول الإعلامي إلى مدير ديوان، والأمين العام للمجلس التنفيذي والمؤتمر العام وصولا إلى مدير الموسوعة العربية الكبرى لإعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين وذلك علاوة على الإسهام في الإعداد والتنظيم لعشرات المؤتمرات والندوات المتخصصة التي عقدتها المنظمة في دولة المقر أوعلى امتداد الوطن العربي من الماء إلى الماء.
إذن انتقلت المنظمة إلى تونس بدون وثائق وبعدد قليل جدا من الخبرات والموظفين.
وقد وجدت في مقرها الجديد بتونس رجالا وقفوا صادقين فقدموا الوثائق والخبرة والجهد مما هيأ لانطلاقة جديدة في مقر متواضع ولكنه اصبح بيت خبرة عربية وبؤرة إشعاع للمشاريع والاستراتيجيات والمؤتمرات والإصدارات والموسوعات.
الحق يقال لقد شهدت الألكسو عبر تاريخها الطويل إشراقات وتألقات كما عرفت فترات سكون وركود وذلك حسب الزمن العربي المتقلب وعلى قدر عزم المسؤولين القادة الذين تعاقبوا عليها، فترات مدّ وجزر وسينصف التاريخ الذين عملوا صالحا أعمالا ستخلد ذكرهم في سجل الغيورين على ثقافة هذه الأمة العظيمة ورقيها المعرفي والحضاري.
لقد تعاقب على قيادة هذه المنظمة رجال أفذاذ بينهم الدكتور محي الدين صابر عالم الاجتماع والانتروبولوجيا ومؤسس الاستراتيجيات الكبرى التي وضعتها المنظمة وفي طليعتها استراتيجية تطوير التربية العربية والاستراتيجية العربية للثقافة والاسترااتيجية العربية لمحو الأمية والتاريخ العربي الكبير وغيرها من العمال الباقية والتي اسهم في وضعها مفكرون ومبدعون قوميون منهم المرحوم عبد العزيز حسين من الكويت والكاتب الفذ محمود المسعدي من تونس وشاكر مصطفى وشاكرالفحام من سوريا ومضر بدران ناصر الدين الأسد من الأردن ومحمد عابد الجابري من المغرب وغيرهم.
كما استطاعت هذه المنظمة ان تؤسس شبكة لها من المكاتب والمعاهد والمراكز عبر الوطن العربي ومنها مركز تنسيق التعريب بالرباط ومعهد البحوث والدراسات العربية ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة ومعهد الخرطوم لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. كما نشطت الألكسو في النشر المتخصص وأصدرت المجلات الدورية المحكمة وأشهرها المجلة العربية للتربية والمجلة العربية للثقافة والمجلة العربية للعلوم وموسوعة علماء العرب والمسلمين وصولا الى سلاسل الفن التشكيلي العربي الحديث ومشروع النهوض باللغة العربية ... يضاف الى ذلك حضورها الدائم والفاعل في المؤسسات الدولية على غرار اليونسكو والايسسكو ومكتب التربية العربي لدول الخليج.. يضاف الى كل ذلك لم يغب الدعم الثقافي والتربوي لفلسطين قضية العرب الأولى عن اهتمامات هذه المنظمة وفي عهد مديرها العام التونسي المنجي بوسنينة أشرفت الألكسو على منظومة حوار الحضارات ووضعت الوثائق المتخصصة في ذلك ونسقت للثقافة العربية ضيف شرف بمعرض فرنكفورت الدولي للكتاب سنة 2003 وغيره. وتميزت هذه الفترة بسلسة المعاجم المتخصصة في كل مجالات المعرفة التي كان يصدرها مكتب الرباط للتعريب تحت إشراف مؤتمرات العربية وبالتنسيق مع مجامع اللغة العربية.
والواقع كانت استجابة الدول الأعضاء مميزة وكان تفاعل الجهات المتخصصة فيها واضحا، كما كانت آليات التنسيق بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والألكسو متينة ومنتظمة مما جعل هذه المنظمة العتيدة تصبح بيت خبرة عربية تقدم الخبراء ورجال الاختصاص لكل الدول العربية خاصة ذات الاحتياجات والأولوية التربوية والثقافية منها. مما جعل الوطن العربي يتصدى للأمية وينجح في الحد من انتشارها. وقد توجت تجارب عربية في المجال على مستوى دولي رسمي وعلى مستوى المنظمات المتخصصة كاليونسكو..
واليوم فإن مجالات العمل العربي المشترك لم تعد التربية والثقافة والمعرفة أولوية فيها. لقد اتجه العرب الى الصراعات والحروب والتسلح ... وحرفوا مسار المنظمة عن أداء رسالته التاريخية والحضارية فتراجع إشعاعها وانحسر جهدها – للأسف - في الصراع من أجل البقاء.. فلم تعد بيت خبرة ولا قاطرة معرفة ولا مركز إشعاع تربوي وثقافي وعلمي.
ويبقى السؤال: الى أي مدى ستقدر الألكسو على مواصلة الاضطلاع بدورها النبيل الذي أحدثت من أجله في ظل شح المال العربي وتراجع اهتمام الدول الأعضاء بها وجمود العمل العربي المشترك؟ وهل بإمكان المدير العام الحالي الدكتور سعود هلال الحربي أن يعيد للمنظمة بريقها وفاعليتها؟
الأمل يظل قائما على جهوده ودوره التاريخي من اجل أن تستمر هذه المنظمة الرائدة في أداء الرسالة النبيلة التي بعثت من أجلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.