تونس (الشروق) : تعجّ مدينة تستور الشهيرة بجذورها الأندلسية بكثير من المواقع والمعالم المتنوّعة الحقبات التاريخية وبتعدّد الحرف والمهن التقليدية التي تعكس متجمّعة ثراء مخزونها التراثي. ومن بين هذه الحرف اليدوية المشعّة في محيطها الجهوي والوطني صناعة الجبّة التستوريّة التي حافظت على ديمُومتها بثبات الحرفيين على الأصول وتدعيمها بالابتكارات العصريّة استجابة لرغبات «اللبّاسة». وفي لقاء ب» البرانسي» محمد بن علي الهمامي أحد أبرز الحرفيين في صناعة الملابس التقليدية الرجاليّة بتستور أكد أوّلا وفي إطار الوفاء المهني بأنه تلميذ ل»الصّنايعي» الرّاحل أحمد الشريف الذي احتضنه بالتكوين والإحاطة وهو في سنّ 12 عاما وتتواصل رحلته المهنية منذ 38 عاما في نفس المكان المفتوح منذ أكثر من 80 سنة خلت. وأضاف «سي محمد» بأن تستور تشتهر منذ القدم بالجبّة الصيفيّة والشتويّة وتوابعها كالصدريّة والفرملة والبدعية والمتنان والسروال العربي إضافة إلى برنوس الصوف العربي ووبر الجمل أو الملف أو الكشمير إلى جانب القشابية وتصنع الجبّة الخاصة بالأطفال (350د) والشباب والكهول والشيوخ (من 400د إلى 700د). ويستعمل في التصنيع اليدوي مواد أولية وأدوات كالقماش –الحرير – الخيوط – الإبر – المقص - الذراع والبربرة وعادة ما تستورد الأقمشة والحرير من الهند والصين إلى جانب المنتوج التونسي الأصلي. هذا وأضاف «سي محمد» بأن «ماركته» يبصمها بإتقان والجودة في فنّ الفصالة والنّقش في التطريز والغرزة. واستجابة لرغبات الشباب وقع ابتكار أنواع من الكسوة «السّوري» التقليدية المنقوشة أساسا بنفس «حرج» الجبّة. وخلص السيد محمد الهمامي بالقول بأن «اللبّاسة» الحقيقين من مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية لازالوا يقبلون على الجبّة برغم بعض التراجع في السنين الأخيرة والمتأتي أساسا من ارتفاع الأثمان التي فرضها تصاعد أسعار المواد الأولية وأجرة العملة. واختتم السيد محمد حديثه بالقول بأن عدد «البرانسيّة» كان في ستينات القرن الماضي أكثر من 15 «صنايعي» واليوم لا يتجاوز عددهم 3 «برانسيّة» ويعود ذلك أساسا إلى تراجع إقبال الشباب على التكوين وسعة البال لمعرفة خصائص هذه الحرفة برغم حرص الصناعية الأصليين على قبول هذه الفئة الشبابية ومساعدتها على التكوين.