المتصفح للمدوّنة الغنائية المصرية والعربية اليوم سيتوقف حتما عند صائفة 1923 التي كانت شاهدة على مولد أعظم قصة حب في الزمن العربي الجميل... تفاصيلها مؤرخة وموثقة في أكثر من 300 أغنية خالدة.. هي قصة الحب التي جمعت أحمد رامي بكوكب الشرق أم كلثوم. كان أحمد رامي في باريس عندما شدّت أم كلثوم لاول مرة بأشعاره وهي تخطو خطواتها الأولى على درب المجد الفني في القاهرة.. وصلت أحمد رامي رسالة من أحد الاصدقاء وهو مازال في باريس يحدثه فيها عن صوت طربي يتغنى بالشعر بحرفية عالية وامتاع كبير ومن ضمن هذه الأشعار قصيد لأحمد رامي نفسه. حزم الشاعر حقائبه عائدا الى القاهرة ليصاحب صديقه حيث السهرة الفنية (كل خميس) لأم كلثوم بحديقة الأزبكية. وجد أحمد رامي نفسه أمام فتاة صغيرة تضع (العقال) فوق رأسها ومن خلفها جلس أفراد أسرتها من الموسيقيين.. الذكاء يشعّ من عينيها. وهي تشدو بكل ثقة وتفاعل صادق لإحدى قصائد أحمد رامي في تلحين لأبي العلاء محمد الصبّ: تفضحه عيونه وتنم عن وجده شؤونه إنا تكتمنا الهوى والداء أكثر دفين أدت أم كلثوم القصيد بحرفية عالية وأكدت من خلال ذلك أصالتها وموهبتها الفنية... اقترب أحمد رامي من أم كلثوم ليشكرها على أداء قصيدته وطلب منها موعدا للقاء مرة أخرى. كان حرص أحمد رامي كبيرا على مرافقة أم كلثوم في كل مكان تذهب اليه لتغني فيه دون أن يدري أن القدر قد رسم له حكاية طويلة معها. إنها حكاية العمر كله حكاية عمره كله... مع أم كلثوم صاغها في أغنيات وقصائد تنضح حبا شفافا رقيقا. أغنيات هي الصفاء... والنقاء... والبهاء في كل أغنية .. اعتراف وحنين وشوق. أكثر من 300 أغنية.. هي حكاية أحمد رامي مع أم كلثوم حكاية ليست ككل الحكايات حكاية عاشق احترق بلهيب الحرف فداء لحبيبة كانت ملهمته كتب أحمد رامي وصاغ أحلى وأروع قصائد وأغاني الحب في المدوّنة الموسيقية العربية. النوم يداعب عيون حبيبي أغار من نسمة الجنوب يا اللي يشجيك أنيني الحب كله رق الحبيب حلم سهران لوحدي يا ظالمني هجرتك أقبل الليل هلت ليالي القمر يا طول عذابي وغيرها من الأغاني.. أغنيات تختزل قصة حبّ فنية خالدة عاش أحمد رامي وفيا لهذا الحب بعد رحيل ملهمته في فيفري 1975.. اعتزل العالم ولم يكتب حرفا واحدا حتى وفاته في بداية ثمانينات القرن الماضي.. لم يكتب أحمد رامي حرفا واحدا وكانت آخر قصائده مرثيته لها. إنها حكاية عمره كلها