تشهد فرنسا أمرا نادرا في حياتها السياسية مع طرح مذكرتين بحجب الثقة عن الحكومة اليوم الثلاثاء في البرلمان في أعقاب قضية بينالا كبير الحراس الشخصيين للرئيس ايمانويل ماكرون. باريس (وكالات) وتأمل المعارضة من خلال المذكرتين استعادة ال«زخم» بعد الهزيمة النكراء التي ألحقها بها إيمانويل ماكرون في انتخابات العام الماضي الرئاسية. وتسعى المذكرتان بحسب صيغة تكاد تكون مماثلة بينهما في مواجهة «أزمة مؤسساتية»، إلى إرغام الحكومة على «تبرئة نفسها» والتنديد ب«تعتيم» يمنع جلاء الحقيقة حول قضية المعاون الأمني السابق للرئيس ألكسندر بينالا الملاحق بتهمة ارتكاب أعمال عنف بحق متظاهرين في الأول من ماي. وأبعد من ذلك، توفر المذكرتان اللتان قدمهما اليمين واليسار في حدث استثنائي، فرصة للمعارضين من الطرفين لإعادة ترتيب صفوفهم بعدما ضعضعهم فوز ماكرون بالرئاسة عام 2017. وقال ممثل عن حزب «موديم» الوسطي المتحالف مع الرئيس إن المعارضة كانت «متعطشة لذلك منذ سنة». وغالبا ما تقدم في فرنسا مذكرات بحجب الثقة يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومة في حال إقرارها، وقد قدمت أكثر من مئة منها منذ 1958، غير أنها أول مرة تلجأ المعارضة إلى هذه الوسيلة منذ فوز ماكرون بالرئاسة عام 2017، كما أنها أول مرة منذ 1980 تقدم فيها مذكرتان في الوقت نفسه. ولم يقر البرلمان الفرنسي في تاريخ البلاد سوى مذكرة واحدة عام 1962، قضت بحجب الثقة عن حكومة جورج بومبيدو وأدت إلى إسقاطها. ولا تحظى المذكرتان اللتان ستجري مناقشتهما اليوم الثلاثاء في الجمعية الوطنية بأي فرصة في إقرارهما، إذ تقتصر كتلة حزب «الجمهوريون» (معارضة يمينية) على 103 نواب وكتلة اليسار على 63 نائبا، ولا يمكنهما بالتالي جمع الغالبية المطلوبة لإسقاط الحكومة وقدرها 289 صوتا. واغتنمت المعارضة تردد الغالبية التي فوجئت كثيرا بالهجوم، والسلطة التنفيذية التي بقيت لفترة متحصنة بالصمت، فاستخدمت كل ما لديها من أوراق منذ اندلاع فضيحة بينالا في 18 جويلية الجاري، ووصلت إلى حد الخروج من لجنة تحقيق شكلتها الجمعية الوطنية حول هذه القضية واعتبرتها «مهزلة»، كما نجحت في تعليق المناقشات حول مشروع قانون لتعديل الدستور اعتبرت أنه يزيد من هيمنة الرئيس على المؤسسات. وتجري جلسة واحدة اليوم الثلاثاء لمناقشة المذكرتين التي سيضطر خلالها رئيس الوزراء إدوار فيليب إلى الرد على أسئلة نائب من كتلة «الجمهوريون» وآخر شيوعي، على أن تنظم عمليتا تصويت، علما أن أعمال الجمعية الوطنية تتوقف مساء الأربعاء مع بداية العطلة الصيفية. وتدل نتائج استطلاع الرأي العام، الذي أجري في فرنسا، على أن شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انخفضت إلى أدنى درجة، وذلك بسبب قضية مساعد مدير مكتب الرئيس ألكسندر بينالا. وتشير نتائج استطلاع الرأي العام الذي أجراه مركز «لفوب» لمجلة «جورنال دي ديمونش» إلى أن مستوى دعم الرئيس الفرنسي انخفض في الفترة ما بين 18 و27 جويلية الجاري من 41 % إلى 37 %. ويعني ذلك أن أعمال ماكرون يوافق عليها الشهر الجاري 39 % من الفرنسيين فقط. وشددت المجلة على أن أدنى مستوى لدعم ماكرون كان يبلغ قبل ذلك 40 % وتم تسجيله في أوت عام 2017. وكتبت: «يعني ذلك أنه (ماكرون) ضرب رقما قياسيا سلبيا جديدا»