مكتب قفصة (الشروق) تعدّ واحة مدينة « القطار» من ولاية قفصة واحدة من أكبر الواحات بتونس إذ تبلغ مساحتها 580 هك ما بين « قديمة وجديدة « وتحمل ما بين ظهرانيها ماض تليد عبر تاريخ ضارب في القدم ، إذ يعود تاريخها إلى 1400 ميلادي أي منذ أكثر من 500 سنة تقريبا ، إذ كان يطلق عليها « مطمور الجنوب الغربي « اعتبارا لثراء وتنوّع منتوجها ما بين نخيل على اختلاف أنواعه وأشكاله وأشجار مثمرة من كروم وزيتون ومشمش ورمان وفستق فضلا عن الخضراوات بفضل الفلاحة السقوية التي كانت تستمدّ من وجود ثمانية وعشرين عين ماء جارية تفنن الأجداد في وضع استراتيجيتها عبر حفر نوعية من الآبار أوبالأحرى « المكايل « تنبع من الجبل لتصل إلى الواحة عبر أنفاق حيّرت الخبراء وأثارت اهتمامهم.. ولكن ومع سنوات الستينات بدأ نجم هاته الواحة يأفل شيئا فشيئا بعد أن نضبت العيون ولم يبق منها شيء من جرّاء عوامل وأسباب عدّة ، مما جعل الفلاّح يلتجئ إلى استعمال الآبار السطحية لريّ أرضه لكن ذلك لم يف بالحاجة اعتبارا للنقص المسجّل في كميات المياه المستخرجة وطرق التصرّف فيها بحكمة واستعمال طرق تقليدية في عمليّة الريّ وتشتّت الملكية ، كما تراكمت أكوام فواضل الواحة والأوساخ بعد أن أهملت الأراضي وهوما أنتج مناخ لتكاثر أنواع شتى الحشرات التي أضرّت بالمنتوج وجعلت الفلاّح يعزف عن خدمة أرضه ويبتعد عنها .. المجمّع التنموي يتدخّل أمام الواقع الذي أمست عليه واحة القطار وما أصبحت تعانيه من اهمال وأفول تدخّل المجمع التنموي « التألق « بالمنطقة من خلال بعث مشروع التصرّف المستدام في المنظومات الواحية بتونس المموّل من طرف الصندوق العالمي للبيئة تحت إشراف وزارة البيئة والتنمية المحلية ، حيث تمّ تخصيص مساحة قدّرت بعشرين هكتارا وقامت بتجربة مداواة بيولوجية أثمرت نتائج ايجابية في المنتوج من خلال النوعية والكميّة وهوما أثبت تأثير الحشرات على المنتوج الفلاحي هذا إلى جانب تدخّلات وخطوات أخرى كان لها الأثر الإيجابي في تغيير وجه الواحة على غرار احداث قرابة 2725 متر خطّي من السواقي الإسمنتية من خلال مشروع تحسين طرق ونظم الريّ بالواحة بجزئيه الأوّل والثاني وتنظيف أكثر من 100 هكتار من الواحة واقتناء جرّار فلاحي ومجرورة وثلاثة محاريث لفائدة الفلاحين بأسعار تفاضلية .هذا بالاضافة الى استصلاح خزّان المياه بمنطقة « الأرطس « بسعة 600 متر مكعّب لفائدة المجمّع والمكافحة البيولوجية المندرجة بجزئيه الأوّل والثاني لمساحة تدخّل قدّرت ب 95 هكتارو اقتناء آلة جارفة للتدخّل العاجل لإصلاح منظومة الريّ والعمل لفائدة الفلاحين بأسعار تفاضلية. مشكل مياه الريّ وجمعية المبادرة في الموعد وقد كان لجمعية المبادرة الاقتصادية والاجتماعية بمدينة القطار دور واضح المعالم من خلال مساهمتها الفعّالة في ايجاد حلول لمشكل نقص المياه بالواحة عبر إرساء منظومة معلوماتية لمجمّع التألق لحسن التصرّف في كميات المياه المستعملة ، كما قامت في ذات السياق بإحداث مشروع ثان عبر منظومة أخرى فريدة من نوعها في عمليات الريّ تتمثّل في احداث قنوات « مطمورة داخل الضيعة من أجل تسهيل عملية الريّ والتحكّم في نسبة كميات الماء المستعملة وهوما أنتج نقصا قدّر ب 30 في المائة في كميات مياه الريّ , ولم تكتف جمعية المبادرة الاقتصادية والاجتماعية بهذا القدر بل تخطّت ذلك إلى مساهمتها الدورية في توعية وترشيد وتثقيف وتوجيه وتشجيع الفلاّح عبر اطّلاعه إلى كلّ ما يفيد خدمة الأرض وطرق التصرّف الجيّد والحكيم في مياه الريّ ، وما زالت الجهود مبذولة في ذات السياق عبر مراحل أخرى في قادم الأيام للتدخّل في عدد هام من الضيعات لإرساء منظومات ريّ حديثة. وقد اكد السيّد زياد سعيد رئيس جمعية المبادرة الإقتصادية والإجتماعية بالقطار أن جهود الجمعية مركزة على البحث عن الحلول الكفيلة بجعل واحة « القطار « تعود من بعيد لترفل في جلبابها الأنيق ويعاد إليها بريقها الذي عرفت به في القدم ، وهذا لن يكون إلاّ بتظافر جهود الجميع وعزيمة الفلاّحين مضيفا في ذات السياق أن الجمعية لن تدخر جهدا في سبيل تحقيق هاته الأمنية التي يرنو كل اهالي القطار .