وزيرة المالية.. تونس سددت حوالي 93 بالمائة من خدمة دينها الخارجي    لأول مرة.. غوتيريش يستخدم المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لدق ناقوس الخطر بشأن غزة    هل دخلت العلاقة بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي مرحلة التوترّ؟    بشبهة التآمر على أمن الدولة: إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق خمسة أشخاص    بينها القتل العمد.. ايقاف هارب من العدالة تعلقت به عديد القضايا    اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الشركة التونسية للسكر..    سعرها 300 مليون.. حجز 5 طيور جارحة ملكية نادرة    بنزرت: تحرير مخالفات إثر حملة رقابية للتصدي لظاهرة الري بالمياه المعالجة    عاجل/ نتنياهو: "نُحاصر منزل يحيى السنوار.. والقبض عليه مسألة وقت"    الحمامات.. تظاهرة " أوديسا الزيتون" من 14 إلى 17 ديسمبر 2023    هيئة الانتخابات تقتني سيارتين بمليار: رئيس الهيئة ''المليار اقتنينا به 11 سيارة''    أملاك الدولة : الموافقة على 17 ملف تفويت و هذه التفاصيل    "طلقة الرحمة"... عندما يطلق الجسد لاءات كثيرة في وجه القتلة    وزير الخارجية في زيارة رسمية إلى بوخارست    منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يطالب الاتحاد الأوروبي بإيقاف عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين بصفة عاجلة    الإصابات بالآلاف.. الحصبة تتفشّى في هذه الدولة الأوروبية    ازمة في الحبوب في تونس : منظمة آلارت تحذر    من07 إلى 12 ماي 2024:المنتخب الوطني لكرة اليد أصاغر ينظم دورة دولية    ابن سينا: يُروّج الهيروين بمحيط مؤسسات تربوية    الدنماركية فوزنياكي تشارك في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس المقبلة    منظمة "آلارت" تحذّر من تواصل ازمة توفير الحبوب وتأثيرها على صناعة الخبز    الجم: حجز كمية كبيرة من العجين الغذائي    الأولى في إفريقيا و أوروبا... نجاح عملية قلب لرضيع بمستشفى سهلول    عاجل : شوقي طبيب يُودع شكاية لدى محكمة الجنايات الدولية    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في مواجهة بيترو أتلتيكو الأنغولي    النظر في مهمّة هيئة الانتخابات: نواب ينتقدون الهيئة ويطالبون بمراجعة القانون الانتخابي    اختناق عائلة بأكملها بالغاز المنزلي في بن قردان..    دراسة: نظام غذائي يحسّن صحة القلب ويخفّض الوزن خلال 8 أسابيع فقط!    تأجيل زيارة وفد صندوق النقد : إطار سابق في البنك المركزي يوضح    زغوان/ تفاصيل القبض على مروّجي مواد مخدرة وحجز 10 قطع من مخدر "الزطلة"    تونس تطلق مشروع "طريق التراث العالمي لليونسكو" في خطوة لتوفير خدمة سياحة بديلة ومستمرة    كأس العالم للأندية: التعيينات الكاملة للمنافسات .. والقنوات الناقلة    تونس تنجح في تسجيل ملف النقش على المعادن لدى اليونسكو    وزيرة الشؤون الثقافية تعقد جلسة عمل وتدعو إلى إعداد برنامج متكامل لتثمين هذا الفضاء    الرابطة المحترفة الثانية : برنامج مباريات الجولة العاشرة    إمضاء اتفاق بين تونس وأرمينيا لإلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية    بن عروس: 10 اصابات في اصطدام بين حافلتين لنقل العملة    عاجل/كويكب عملاق يقترب من الأرض اليوم..وقد يشكل خطر..ا!    علاء الشابي قريبا في ''كلام الليل''    أيام قرطاج المسرحية 2023: انفجار ركحي يهزّ مسرحية "صمت" للمخرج الكويتي سليمان البسام    ماذا قال وزير الرياضة كمال دقيش على المنشطات ؟    لن تصدقوا/"الاعتراف باسرائيل" شرط للحصول على جنسية هذه الدولة..!!    تفاصيل حادث خروج المترو رقم 4 على السكّة    ميسي يفوز بجائزة مجلة تايم لأفضل رياضي في عام 2023    12 دولة إفريقية ضمن أفضل اقتصادات العالم للنمو العام القادم    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    رابطة الهواة (المستوى 1) (الجولة السابعة ذهابا): النجم الخلادي ناجع و«الرالوي» عائد من بَعيد    عائدات السياحة وتحويلات الجالية تغطي خدمة الدين الخارجي بنسبة 125 %    بينهم أكثر من 7 آلاف طفل.. حصيلة شهداء غزة تتجاوز 16200    سوسة: ضبط الاستعدادات الخاصة بالتكفل بعدد من الجرحى والمصابين الفلسطينيين بالمؤسسات الصحية بالجهة    فيديو-ماذا قالت الفنانة المصرية يسرى لظافرالعابدين في مهرجان البحر الأحمر؟    ابنة الممثل والمنتج السينمائي فريد شوقي في ذمة الله    منصوح بها لهذا الشتاء ...7 علاجات طبيعية ضد ''القريب''    طوفان الأقصى يُحدث طوفانا أخلاقيًا في الغرب... فماذا عنا نحن؟!    ملف الأسبوع..غزة لا تفنى ولا تزول ولا تموت..ألا إن نصر الله قريب    ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾    قُل يا ابن العم .. وهل بنو إسرائيل يقرؤون اليوم حقّا؟!    مواطن أجنبيّ يُعلن إسلامه بديوان الإفتاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الحريات الفردية والمساواة:المثلية الوجه الآخر للصهيونية
نشر في الشروق يوم 06 - 08 - 2018


بقلم د. بدر السماوي
أثار تقرير الحريات الفردية والمساواة جدلا واسعا داخل المجتمع لتناوله مواضيع مشبوهة مثل الترويج للمثلية عبر المطالبة بإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية بدعوى الاستناد إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتوجّهات المعاصرة في مجال الحريّات والمساواة. فما سبب طرح هذا الموضوع في هذا التوقيت بالذات وما علاقته بالوضع السياسي الذي تعيشه تونس والبلدان العربية في السنوات الأخيرة؟
أمريكا وكر المثلية
تعتبر الولايات المتحدة الامريكية من أكثر البلدان دفاعا عن حرية نشاط المثليين بداية من رسم العلم الخاص بالمثليين المميز بألوان قوس قزح الذي صممه الفنان الأميركي جيلبرت بيكر وتم رفعه للمرة الأولى في المسيرات التي خرجت للتنديد بمقتل عضو بلدية سان فرانسيسكو المثلي هاري ميلك عام 1978.
لكن المثير للانتباه أن اليهود هم من روج ودعم " حقوق " المثليين في أمريكا خاصة عبر وسائل الاعلام والسينما. فقد دأبت وسائل الإعلام الأمريكية التي يسيطر على أغلبها اليهود على استضافة المثليين لتعويد المشاهدين على رؤيتهم ولتمرير فكرة أن هؤلاء الأشخاص هم شخصيات عادية مثلنا تمامًا لهم نفس الطعام والشراب والأكل وذلك ليحوزوا على الإعجاب ويقتنع الناس بهم تلقائيًا.
وفي المجال السينمائي أصرّ رجال الأعمال اليهود المسيطرون على هوليوود على وضع شروط للشباب الذي يود الظهور بالأفلام ويصبح نجما بالانخراط في هذه الممارسات. وكمثال لهؤلاء الممثل الشهير (روك هدسون) الذي أصيب لاحقا بداء الإيدز. وفي لقاء له عام 2012، صرح (جو بايدن) نائب الرئيس الأمريكي بأن مسلسل (Will and Grace) كان له تأثير كبير في تحسين صورة المثليين.
وعلاوة على الدعاية لحرية المثليين كان اليهود من أول داعمي زواج المثليين التي صادقت عليه المحكمة الامريكية العليا سنة 2015 إذ صوّت الحاخامات المنتمون لأكبر تجمع يهودي في الولايات المتحدة لصالح الاعتراف بزواج الشواذ وذلك في المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين التابع لحركة الإصلاح اليهودية، حيث صرح رئيس المؤتمر تشارلز كرولوف "إن من حق المثليين الاعتراف بزواجهم واحترامهم".
تل أبيب «فردوس المثليين في العالم»
بالنظر إلى ما قام به اليهود في أمريكا للترويج للمثلية فمن البديهي أن يكون الأمر أكثر فداحة في الكيان الصهيوني الذي يختزل أكبر الجرائم السياسية وأخطر الفضائح الأخلاقية على وجه الأرض. وتفتخر بعض المنظمات العالمية التي تروج للمعايير الدولية وتدّعي الدفاع على حقوق الانسان إلى أن الكيان الصهيوني من أكثر البلدان " تقدما" في الاعتراف بحقوق المثليين بعد أن تم تقنين النشاط الجنسي المثلي سنة 1988 ثم مصادقة الكنيست الصهيوني على قانون مناهض للتمييز حيال المثليين عام 1993. وترصد حكومة الاحتلال ميزانية خاصة للمراكز المثلية في جميع أنحاء فلسطين المحتلة. وتتبوأ تل أبيب المركز الثاني عالميا في أسرع نمو في العلاقات المثلية إلى حد وصفها ب " فردوس المثليين في العالم". وتقام فيها سنويا احتفالات يأتيها المثليون من كل أرجاء العالم.
كما يعتمد الكيان الصهيوني على السينما لاستفزاز الفلسطينيين من ذلك ما تناوله فيلم " علاطا " أي " الظلام" للمخرج الصهيوني ميخاييل مائير الذي يصور قصة علاقة شاذة بين مثليَيْن، الأول صهيوني ويلعب دور اللواطي الايجابي والثاني فلسطيني ويلعب دور اللواطي السلبي. ويعدّ الفيلم حلقة من حلقات عداء الصهاينة للفلسطينيين وتشويه ثوابتهم وعقائدهم وما يملكون من رصيد ناصع في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاشم.
انتعاش المثلية في الوطن العربي
لم تقتصر الهجمة التي عصفت بمنطقتنا العربية خلال السنوات الأخيرة على تخريب الدول وإلهاء الجيوش ونهب الثروات وارتهان الاقتصاد بل شملت اختراق الجوانب الاجتماعية والثقافية. فقد نشأت وانتعشت منذ سنة 2011 في أغلب الأقطار العربية جمعيات تدافع عن المثليين وتعمل على توعينهم ب " حقوقهم" وتطالب السلطات بالسماح لهم بممارسة " حرياتهم الفردية".
ومن بين هذه الجمعيات جمعية " بداية " في مصر والسودان وجمعية " ألوان " في الجزائر وجمعية " كيف كيف " في المغرب وجمعية " عون " في الأردن وجمعية " حلم" في لبنان. وفي اليمن الذي يتعرض منذ أكثر من 4 سنوات إلى عدوان عسكري غربي خليجي تقوم بعض والصفحات الالكترونية المشبوهة بعمل لا يقل خطورة عن العدوان العسكري مثل " صفحة لكل المثليين في الجمهورية اليمنية". وفي سياق مستنقع أوسلو نشأت في ظل السلطة الفلسطينية منظمات تدافع عن المثلية على غرار " جمعية القوس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطيني".
وفي تونس أيضا
خرج المثليون في تونس إلى العلن منذ سنة 2011 وتطورت أنشطتهم إلى أن تمكنوا سنة 2017 من تأسيس جمعية " شمس" للدفاع عن المثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً، تلتها في سابقة أولى من نوعها في الوطن العربي بعث اذاعة " شمس " الالكترونية ممولة من سفارة هولندا بتونس. كما عقد خلال شهر جانفي 2018 مهرجان في الخفاء لأفلام تتحدث عن حقوق المثليين نظمته جمعية "موجودين" وتضمن سلسلة من الأفلام القصيرة من دول مختلفة تناولت " التحديات" التي يواجهها المثليون.
كما تبين أن منظمة « فيمين» التي قامت فتياتها في تونس وكذلك في بعض الأقطار العربية بالتعري وكتابة شعارات على أجسادهن تنادي بالحرية الجنسية والمثلية مموّلة من رجل الأعمال اليهودي الأميركي الجنسية والمدافع عن الكيان الصهيوني " جاد سوندون". وقد جسد رئيس الحزب الليبرالي التونسي العلاقة الوطيدة بين المثلية والصهيونية عندما دعا علنا إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني وعبر عن رغبته زيارة تل أبيب وهو نفسه الذي يرأس جمعية شمس للمثليين وهو الذي حوكم بالسجن لممارسة اللواط.
المثلية أداة ابتزاز
لا شك أن هذه الممارسات تخفي وراءها أجندات مشبوهة تحاول من خلالها البلدان الاستعمارية استغلال كل المناسبات لفرض أجندتها تحت يافطة حقوق الانسان. فقد منحت فرنسا مثلا حق اللجوء السياسي للشاب المغربي المثلي " أنس الجزولي " ليقوم بالدفاع عن زملائه المغاربة. وبمناسبة استضافة قطر للمونديال عام 2022 طالبتها المنظمات الدولية منذ الآن بالحد من القوانين التي تمنع المثلية احتراما " للحقوق المدنية للمشجعين واللاعبين من جميع الأجناس والأديان".وبذلك ستكون قطر مرة أخرى أداة لتخريب القيم في الوطن العربي بعد أن لعبت دور تخريب الدول بعد 2011.
ومن وسائل الابتزاز أيضا ما تروج له وسائل الاعلام الغربية من دعاية للمثلية عبر إبراز ما تقوم به العصابات الارهابية التكفيرية من قتل وتنكيل بالمثليين وهو أمر مقصود يراد به كسب عطف الناس على المثليين في حين أن الواقع أثبت أن قادة الارهابيين يمارسون اللواط بل ويتعاملون مع بعض الصبية كغلمان خاصة عند قلة المعروض من " المجاهدات في الحرب" مقدمين دليلا آخر على تناغمهم التام مع الصهاينة.
التقرير يروج للمثلية
في ظل هذه الظروف صدر تقرير الحريات الفردية والمساواة داعيا إلى اباحة المثلية ومطالبا بإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية الذي يعاقب بالسجن كل من يمارس اللواط أو المساحقة ومعتبرا أن لا دخل للدولة في الحياة الجنسية بين الرشد ( صفحة 42 ). كما رأى أن الفحص الشرجي للتثبت من ممارسة اللواط يمثل اعتداء على الحرية الجسدية للفرد ( صفحة 89). ويتوصل التقرير إلى أنه لا يرى موجبا لتجريم اللواط والمساحقة بين رشّد ويقترح إمّا إلغاء العقوبة أو تحويلها إلى خطية مالية لما جلبته للجمهورية التونسية من انتقادات الهياكل الدولية ( ص89).
وتبعا لما استعرضناه أعلاه من معطيات وخاصة ما تقوم به الدوائر الاستعمارية والصهيونية من دور للترويج للمثلية يحق لنا أن نربط بين دعوة التقرير اطلاق العنان لكل من يريد أن يطبع مع الكيان الصهيوني ومنع تقديم دعوى ضده وبين الدعوة إلى عدم تجريم العلاقات المثلية بتعلة الحريات الفردية.
وختاما فإن اتهام الدوائر الاستعمارية والصهيونية بالضلوع وراء الترويج لممارسة المثلية لا يعني أن هذه الظواهر حديثة العهد أو دخيلة على مجتمعاتنا لكن المثير للانتباه إعادة إثارتها في هذه الظروف التي تمر بها بلادنا والمنطقة العربية عموما من أزمات سياسية واقتصادية. فهلا يكون الهدف غير تخريب ثقافتنا وقيمنا وحضارتنا وحماية الكيان الصهيوني وجعله دولة طبيعية في المنطقة في كافة المجالات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.