أعوان أمن ملثمين و سيارة غير أمنية بدار المحامي : الداخلية توضح    قضية انستالينغو :محكمة التعقيب تقرر تاجيل النظر    مدنين: تركيز برنامج التربية الرقمية بالمدرسة الإبتدائية قصر أولاد سعيد بجرجيس    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    فستان ميغان ماركل يقلب مواقع التواصل الاجتماعي ؟    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    جندوبة: حجز مخدّرات وفتح تحقيق ضدّ خليّة تنشط في تهريبها على الحدود الغربية للبلاد    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    النادي الإفريقي يكشف عن تفاصيل تذاكر مواجهة النجم الساحلي    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    أوّل أمريكيّة تقاضي أسترازينيكا: "لقاحها جعلني معاقة"    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    سوسة: تفكيك شبكة لترويج المخدرات والاحتفاظ ب 3 أشخاص    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    تركيز نظام معلوماتي للتقليص من مدة مكوث البضائع المورّدة بالمطار ..التفاصيل    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    المندوبية الجهوية للتربية ببن عروس ..9283 مترشحا لامتحان باكالوريا دورة جوان 2024    عاجل/ مستجدات الكشف عن شبكة دولية لترويج المخدرات بسوسة..رجلي اعمال بحالة فرار..    تحذير من الديوانة بخصوص المبالغ المالية بالعُملة الصعبة .. التفاصيل    9 جرحى في حادث مرور على مستوى طريق مطار تونس قرطاج..وهذه التفاصيل..    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المعهد النموذحي بنابل ...افتتاح الأيام الثقافية التونسية الصينية بالمعاهد الثانوية لسنة 2024    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    غوغل تطلق تحديثات أمنية طارئة لحماية متصفح Chrome (فيديو)    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    أخبار المال والأعمال    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    نقابة الصحفيين تنعى الزميلة المتقاعدة فائزة الجلاصي    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    مقتل 14 شخصا بعد انهيار لوحة إعلانية بهذه المنطقة جراء عاصفة رعدية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع ارتخاء قبضة الدولة :حين يعوّض القصاص... القانون
نشر في الشروق يوم 07 - 08 - 2018

يمكن لمعركة بسيطة بين شابين في الشارع أن تتحول الى جريمة قتل وقصاص بين أسرتيهما. ويمكن لضحية السرقة والنهب أن يمارس القصاص دون رقيب !
تونس الشروق: اسماء سحبون
يحدث هذا في مناطق عديدة في تونس حيث ينصب ضحايا أحداث العنف وضحايا السرقة والنهب «المشانق» للمعتدين وذلك بمحاولة القصاص منهم بعيدا عن القانون. وهي ظاهرة اجتماعية ان دلت على شيء فهي تدل على بداية تفكك الدولة وانهيار سيادة القانون.
فوضى
تطالعنا من حين الى آخر في موقع «فايسبوك» فيديوهات وصور لعمليات جلد واعتداء على لصوص ومعتدين وإن ملك الضحيّة شرعية التصوير والنشر فإن المعتدي حين بادر بالنهب والسرقة والاعتداء وقد يكون أشد قتلا وأشد عنفا من جلاده لم يوثق جريمته فكان أن تصور المتلقّي سيناريو ما كان ليحصل وهكذا يجد فيديو الضحيّة - الجلاّد الرواج والدعم و»زيدو يستاهل» و»يرحم والدين الرجال».
يحدث كل هذا وسط غياب كلي لأي مؤشرات تدل على احترام سيادة القانون والدولة الامر الذي دفع بالناشط الحقوقي مصطفى عبد الكبير الى إطلاق صيحة فزع منتصف شهر جويلية استنجادا بالسلطات للتدخل ووضع حد «لانتشار الفوضى والاحتكام للمحاكمات الشعبية» مضيفا «بغض النظر عن أفعال المجرمين المرفوضة فإن محاكمتهم لا تكون الا عبر المسالك القانونيّة فما يحصل أمر خطير والخطر الأكبر انتشاره لأنه مؤشّر على انتفاء دور الدولة».
وقد حدث مؤخرا أن انتهى شجار في حفل زفاف بمدينة حاجب العيون بالقيروان بإصابة 5 أشخاص تم نقل اثنين منهم الى المستشفى الجهوي بالقيروان. كما تم حرق منزل أحد الأطراف المورطة في الشجار مما أسفر عن استنفار أمني مكثف في الجهة خوفا من الانتقام.
والى جانب انتشار مظاهر الفوضى والعنف والجريمة ومحاولات القصاص والاحتكام الى المحاكمات الشعبية فإن المزاج التونسي الجديد شُرِّعَ على اللاّقانون من ذلك شن اضراب عشوائي لأعوان شركة نقل تونس عشية الخميس الماضي بشكل شلّ حركة النقل في العاصمة طيلة ساعتين ونصف. وتتجه الأجواء في تونس نحو المزيد من الاحتقان الاجتماعي مع نهاية هذه الصائفة. وقد تبرز خلالها الاضرابات العشوائية حتى وإن كان مجالها حيويا.
استنقاص الدولة
عن هذا المزاج التونسي الجديد تحدث طارق بالحاج محمد الباحث في علم الاجتماع ليقول إنه «بعد ثماني سنوات من الثورة برزت ظواهر ومؤشرات تنم عن ضعف متزايد للدولة وأجهزتها وحالة وعي متدنية لدى المواطنين ومنسوب ضعيف من الوطنية والمواطنة يشترك فيه الجميع بدون استثناء كل حسب موقعه وكأن الجميع ينتعش في غياب سلطة القانون والمؤسسات».
وأضاف القول«إننا أمام حالة استثنائية لم تعرفها تونس من قبل تتسم بانفلات الغرائز وضعف الوازع وشبه غياب للقانون والإفلات من العقاب. وكأنها حالة من الهستيريا الجماعية غير المسيطر عليها».
كما قال إن فترة ما بعد الثورات والمراحل الانتقالية تمثل عادة بيئة خصبة لظهور الاضطرابات السلوكية والنفسية. وكأنها عبارة عن أعراض جانبية تخلفها كل ثورة. وهذا أمر مفهوم من وجهة نظر علمية لسببين رئيسيين على الأقل: أولا أن كل ثورة اجتماعية لم تسبقها أو تواكبها ثورة ثقافية تتحول من فرصة للتحرر الاجتماعي إلى فرصة لانفلات الغرائز في أكثر جوانبها بدائية وعدوانية، وثانيا أن الثورات تهدم عادة البنى والمؤسسات الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة دون أن تعوضها بسرعة ببنى أخرى توفر الإجابات اللازمة للإنسان مثلما رأينا التونسي في أبهى تجلياته رأيناه أيضا في أكثر صوره ضعفا وقبحا. ولاحت لنا بقوة ملامح التونسي المستنفر والمضطرب والقلق الذي يرتفع عنده منسوب العنف والعدوانية مما أعطانا مشهدا للانفلات الاجتماعي منقطع النظير انطلاقا من الفضاء العام وصولا إلى الحياة العائلية.
ومع تراجع سطوة الدولة وجبروتها السابق ومع عدم قدرة مؤسسات ما بعد الثورة على التكيف مع هذا الواقع الجديد تجرأ عليها المواطن كما تجرؤوا على غيرهم من المواطنين. وهذا يعكس حالة من الوعي الجماعي البدائي الذي يرى في الدولة عدوا وفي الامتثال للقوانين عقوبة أو استنقاصا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.