تونس الشروق- : سلط مركز جسور للسياسات العمومية الضوء على استقراء نتائج الانتخابات البلدية في ورقة بحثية أكّد من خلالها ضعف العرض السياسي الحزبي وضعف تمثيلية المؤسسات المنتخبة مقابل بناء خطوة مهمة لتغيير نموذج الحوكمة وتشبيب النخبة السياسية. وأصدر مركز جسور للسياسات العمومية الذي يرأسه خيام التركي مطلع الشهر الحالي تقريرا يقدم قراءة في نتائج الانتخابات البلدية من زاوية الكشف عن الثغرات وتسليط الضوء على التقدم الذي يمكن أن يدفع نحو انفراج عملية الانتقال السياسي. واعتبر التقرير أن نتائج الانتخابات البلدية الماضية كشفت استنتاجات اساسية هي اتساع دائرة العزوف نتيجة ضعف العرض السياسي وصراع الاحزاب السياسي على حصة ضئيلة من الناخبين وإهمال الحصة الاهم مع تسجيل نقطتين ايجابيتين نحو تغيير نموذج الحوكمة وتشبيب النخبة القيادية. الحملة الانتخابية سببت العزوف ويتجاوز مضمون التقرير تفسير عزوف الناخبين بفقدان الثقة في الاحزاب السياسية وبتأخر المصادقة على مجلة الجماعات المحلية وبتقصير هيئة الانتخابات في تحسيس الناخبين معتبرا أن الحملة الانتخابية كانت سببا مباشرا في العزوف وذلك استنادا على سبر آراء داخلي أظهر تراجع نوايا التصويت من 60 في المائة في جانفي 2018 الى 45 بالمائة في أفريل الماضي. وانطلاقا من تراجع الخزان الانتخابي لكل الاحزاب بدرجات متفاوتة يتضح أن وضوح الطلب السياسي المقدم في عمليات سبر الآراء قوبل بمحدودية عرض الاحزاب في التوغل المجتمعي واقتصارها على رصيدها الشعبي كما فعلت حركة النهضة. انكماش حزبي إزاء الأغلبية الصامتة ويقارن التقرير بين نسب حصص الاطراف المشاركة في الانتخابات من السجل الانتخابي الموجود ونسب حصصها من كل الجسم الانتخابي المؤهل قانونا للانتخاب ملاحظا أن نسبة المسجلين الذين لم يصوتوا والمقدرة ب64.4 بالمائة ترتفع الى نسبة 77.2 بالمائة عند احتساب كل الذين لم يصوتوا بما يعني ان ضعف تمثيلية الاحزاب السياسية هنا تعبر عن تصارع الجميع حول جزء ضئيل من "كعكة التمثيلية" وإهمال الجزء المهم وهو مؤشر خطير يهدد الانتقال السياسي طالما ثمة إهمال لأغلبية صامتة تتوق للتغيير والانجاز. تغيير نموذج الحوكمة وبداية تشبيب القيادة في المقابل يبرز التقرير نقطتين ايجابيتين من نتائج الانتخابات البلدية على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس من خلال الامل في تغيير نموذج الحوكمة وتجديد النخبة القيادية حيث اسهمت الانتخابات البلدية في تجاوز نموذج الحوكمة المعتمد سابقا والمسلط على المركز نحو المرور الى نموذج محلي دامج يأمل من خلاله طيف واسع من التونسيين المستجوبين في سبر داخلي لمركز السياسات العمومية تحقيق انجازات في المناطق والجهات شريطة أقلمة السياسات العمومية مع ماهو متاح من موارد. كما خلص التقرير المذكور الى أن الانتخابات البلدية الماضية مثلت فرصة حقيقية للدفع نحو تجديد النخبة القيادية للبلاد وفسح المجال امام طاقات شبابية جديدة ملتصقة بمشاكل البلاد الحقيقية ولها القدرة على التعاطي معها لحلها وتجاوز حالة العطالة وذلك استنادا على تطور نسب تواجد المرأة والشباب في مواقع القرار حيث ان 47 بالمائة من المنتخبين الجدد من النساء و 37 بالمائة منهم لا تزيد أعمارهم عن 35 سنة.