تونس الشروق: عُرفت قرية قمرت الساحلية الموقع بالضاحية الشمالية لمدينة تونس بارتكاز نشاط مُتساكنيها «الأوائل» على زراعة الأرض والصّيد البحري وهذه المهن أثْرت المخزون التُراثي بعاداته وتقاليده وساهمت في إيجاد علاقات بشريّة تقوم على الثّبات على القيم الإنسانية من حيث التكافُل والتآزر ومن أرقى هذه العلاقات الارتباط العاطفي الذي كان سابقا الارتباط الاختياري والتّعارف والتّوادُد الأسري ولإعطاء شرعيّة للعلاقة ومباركة زيجتها تقُوم عائلة العريس المُرتقب بمُرافقة «كبار» العائلة وأقربها دمويّا بالتّوجه لدار أهل العُروس ويقُوم كبير العائلة بطلب يد الإبنة لابنهم وبتحصيل المُوافقة تُعتبر الخطوبة بمثابة «كَلْمَة» الأمان التي تتلُوها قراءة الفاتحة وتحديد الشرُوط المقدُور عليه وخلال هذه الفرحة توزّعْ المرطّبات والمشرُوبات وتُقدّم لعرُوس المستقبل قطعة ذهبيّة وتبرز خلال مرحلة الخطوبة السلطة المعنية لأب الشاب الضّامن «للكلْمة» وإتمام الزيجة ودعم تعاون الخطيبيْن على بناء المسكن وتجهيزه لتسريع آجال الزّواج. قران الوفاء يتميّزُ عقد القران بتوجه عائلة العريس وأهله إلى منزل العروس للإمضاء على الارتباط بحضُور عدل إشهاد وقرع للطبُول لخلق أجواء فارحة وتتقدّم أمّ أو الأخت الكُبرى للعريس لأجل إلباس الحليّ المُهداة للعروس من قبل عريسها كعربُون وفاء وصدق على الالتزام بثوابت البناء الزّوجي وبعدها يمرُّ الحضور والمدعوون إلى مأدبة العشاء التي تتكوّنُ عادة من الكسكسي واللّحم «السلطات» أو أطباق الملوخية والسّهر على أنغام وكلمات فرقة موسيقية أو السلاميّة وذلك حسب الإمكانيات المادية بعيدا عن الغلُوِّ في المظاهر ويتمُّ خلال يوم عقد القران نقل أدباش و»جهاز» العرسة الى بيت عريسها بعد ما يتمُّ تنظيمه وتبويبه وتزيينه بمُساعدة صديقات العروسة وهو مُساهمة طوعيّة في تأثيث عشّ الزوجية في تعاون خالص. فرحة وتضامن في استباق ليوم «المرواح» والحنّة تتوجّه العروس وصديقاتها والبعض من عائلة العروس للحمّام وسط أجواء من الفرح والمرح الذي يتلوه تجميل العروسة بمنزل والديها وتنظيم عشاء ومحفل ينشّطه صديقاتها و»الحنّانة» التي تتكفّل بتعداد خصالها والدّعاء لها بالهناء وتقدّمُ للعروسة هدايا عينية ومادية في شكل تبرّعات تضامنية لتخفيف شدائد مصاريف الزواج وفي المقابل يقصدّ العريس وأصدقائه المقرّبون الحمّام والحلاّق لتزيين «الملك» وحاشيته وفي ليلة «المرواح» تأتي عائلة العريس و»أتباعها» لنقل العروسة لمسكن الزوجية أين تقام سهرة فنيّة تنشّطها فرقة مُوسيقية أو الاعتماد على «شانْ» لتنشيط الأجواء الفارحة التي تتخلّلها ظاهرة «الرّشق» المالي في شكل تبرّعات تآزريّة من قبل الأصدقاء والأهل ويقع تسجيل الأسماء والمبالغ على كرّاس من قبل أحد «الثقاة» المختار من عائلة العريس وهذه الأعراس بجهة قمرت القرية تميّزت بكثير من فضائل العادات والتقاليد وخصُوصا «تشاركيّة» أهاليها في فرحة العمر.