الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. هذه التراتيل الشبيهة بالأناشيد المقدّسة لآلام الرواية وأوجاع الخضراء ومن خلال رمزية اسمها تونس الخضراء أيضا رواية لرشيدة الشارني (نقوش عربية، تونس 2017، في 185ص) تنضاف إلى مجموعتيها القصصيتين «الحياة على حافّة الدنيا» و«صهيل الأسئلة» متأثّرة بهما وكأنّها مجموعة لوحات قصصية من حياتها في العائلة وفي المجتمع بأوجاع الواقع القريب وإن تعدّدت الشخصيات والأمكنة وظلّت الخضراء خيطا رابطا بينها إلى آخر لحظة بين يدي سعد الحاج وكأنها تودّع... وللأسماء رمزية وإن تماهت دنيا مع الساردة مسترجعة اسما من مجموعتها الأولى، وكذلك غيث المخالف للرأي الحاكم والمضطهد إلى أن انتفض الشارع الرئيسي. وبعد الواقع مثلما قبله، وبعد الحاضر مثلما قبله أيضا تسترجع الذاكرة أجواء المدارس في الفجاج، كما في عين دراهم مصوّرة حياة الهامش البعيد عن صخب العاصمة والمدن المريحة. وهذا المنصف يقص عليها جريمة المرأة التي انتقمت من زوجها بأشنع صورة، قصّ يثري الواقع والذاكرة والسيرة الذاتية المتشظية ويصل القارئ بعجائب المخلوقات وقد تحرّر الإعلام لكشف الخفايا وفضح العيوب. وهكذا نحن على حقيقتنا بما جنيناه إلى أن يشرنا ابن خلدون في لقطة سريالية بأن ليل الغرابيب قصير مثلما أوحت روح الشابي للمربية مع الرجل الذي كان فتى يحمل الطعام للفلاّقة في برقو ويشهد على محاولة الانقلاب على حكم بورقيبة في ديسمبر 1961، وهو يكبر مع الأحداث. وكانت روح شاعر الخضراء ترفرف على صخرته بفجّ الأطلال للتي استعدت لرحلة صوفية إلى السماء للاتصال والفناء.