الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. وهي مقدّمات الشيخ الطاهر بن عاشور بنقد الشيخ عثمان بن منصور (دراسة وتحقيق لكتاب البشر في نقد المقدمات العشر، نشر المنجي الكعبي، تونس 2017 في 220ص). أما المنقود فهو مفسّر القرآن المشهور بالتحرير والتنوير اختزالا لعنوان طويل. بادر بنشر مقدّماته منقوصة في المجلة الزيتونية عام 1936 ثم كاملة عام 1952 ثم مصحوبة بالجزء الاول من التفسير عام 1956 ثم في الطبعة الكاملة له بعد حوالي عقدين. عاش من 1879 الى 12 8 1973. وأما الناقد فهو تلميذه المدرّس عثمان بن منصور التونسي مولدا ووفاة (1890 9 / 11 / 1964). وأما النقد، نقد التلميذ لأستاذه، فهو بشهادة المحقّق فريد من نوعه في الدلالة على علم صاحبه الواسع باللغة والأدب وعلوم الدين، إذ ليس من السهل التجرّؤ على نقد العلاّمة المشهور وشيخ الجامع المعمور، بدليل استفادة الشيخ من تلميذه، فيما استدركه عليه وخالفه فيه، دون ذكره والتنويه بجهده واجتهاده، للأسف، وكأنه هو ومناصروه قد احتقروا التلميذ العالم الفقير الى قوّة النفوذ حتى قال فيه المفتي السابق محمد المختار السلامي قولا خالف به الوصية النبوية بذكر موتانا بخير: «مرّت قافلة التحرير والتنوير ومقدّماته العشر، وبلغت أقصى آفاق العالم (...) ولم تضرّها الأصوات النشاز التي ولدت للموت» وردّد في استنقاصه قول الشاعر: كناطح صخرة يوما ليُوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنَهُ الوَعْلُ وكذلك احتقر السلامي تفسير السياري الباجي مستنكفا من أي تفسير يضاهي أو ينافس التحرير والتنوير الا أن يكون ملتزما بنفس السياق كتفسير السلامي نفسه، وحده، مع إخفاء الانتفاع به، هو أيضا. ولمثل هذا القهر اغترب محمد الخضر حسين فما رأي القارئ الحصيف إذا كشف له ابن منصور عن إلباس ابن عاشور التفسير بالسياسة في تهوين الظلم على حكّام المؤمنين وإدخال السرور على الجائرين؟ (ص 38 وما بعدها أنموذجا).