لم يغير حزب نداء تونس موقفه الرافض لحكومة الشاهد رغم منحه الثقة البرلمانية لوزير الداخلية الجديد... ما تغير أن هناك تقاربا بينه وبين حركة المشروع من خلال جبهة برلمانية فهل يكفيه هذا التقارب للإطاحة بالشاهد؟. تونس (الشروق) «موقف حزب نداء تونس من مصير الحكومة لم يتغير...»، هذا ما أكده المكلف بالإعلام في الحزب منجي الحرباوي قبل أن يضيف في تصريح أدلى به مؤخرا ل«الشروق اونلاين» أن «المسالة لا تتعلق برغبة في تغيير الحكومة وإنما هي ضرورة وطنية». موقف نداء تونس الرسمي والثابت على الأقل إلى اليوم يتمثل في رفض الحكومة والمطالبة بإقالتها كلها بعد انسداد قنوات التواصل بين رئيسها يوسف الشاهد ومدير الحزب التنفيذي حافظ قايد السبسي. صحيح أن كتلة النداء اختارت بعد مخاض عسير أن تمنح ثقتها لوزير الداخلية الجديد هشام الفراتي في ما يشبه الانتصار المبين للشاهد، لكن الخيار كان في النهاية تكتيكيا أملته الضرورة: جبهة برلمانية موحدة لم تكن كتلة النداء قادرة على حرمان الوزير الجديد من الثقة البرلمانية بالنظر إلى قوة خصومهم المنحازين للفراتي في مقابل تضارب نواب الكتلة في الموقف بين مؤيد ومعارض فضلا عما شاب كواليس التصويت من مستجدات استفاد منها الوزير الجديد والحكومة ورئيسها الشاهد. لكن بين الأمس واليوم حصلت مؤثرات مهمة أولها اتفاق كتلة النداء وكتلة الحرة (التابعة لحركة مشروع تونس) على تكوين جبهة موحدة بينهما تكون مهمتها تنسيق المواقف بين الطرفين برلمانيا. وثانيها ظهور نوع من التنسيق في المواقف داخل كتلة النداء ذاتها تثبته توقيع رئيسها سفيان طوبال على بيان تأسيس الجبهة الجديدة بمباركة مدير الحزب التنفيذي حافظ قائد السبسي. ولكن هل تكفي هذه المتغيرات للإطاحة بالشاهد وحكومته؟. مجموع غير كاف بلغة الأرقام تبدو المتغيرات الجديدة غير كافية فلو افترضنا توحد الآراء داخل كتلتي النداء والحرة على إقالة الشاهد فإن مجموع أصواتهما وهو حتى اليوم 69 صوتا (55 صوتا للنداء و14 صوتا للحرة) لا يكفي لسحب الثقة من الحكومة (على معنى الفصل 99 من الدستور) ولا حتى لجرها الى البرلمان عبر تقديم لائحة اللوم (الفصل 97 من الدستور). على الجبهة الجديدة أن تحصل على توقيع ثلث أعضاء مجلس النواب (73 عضوا) حتى تقدم لائحة اللوم وأن تضمن تصويت نصف المجلس زائد واحد (109 أعضاء) لسحب الثقة وهو ما تفتقده حاليا بالتعويل على إمكاناتها الذاتية لكن هل إن توفير هذا السقف مستحيل؟. هناك أحزاب نفضت يديها من حكومة الشاهد وتلتقي بالتالي مع النداء في المطالبة بإقالتها ولو لم تتوحد معه اليوم في جبهة مناهضة رسميا للحكومة. يوجد الاتحاد الوطني الحر على رأس القائمة ولو أعطى تعليماته لكتلته النيابية في التنسيق مع الجبهة الجديدة لوفر لها 15 صوتا إضافيا. صعب لكنه غير مستحيل يمكن لكتل النداء والحرة والاتحاد الوطني الحر أن توفر السقف المطلوب لتقديم لائحة اللوم وجر الحكومة بالتالي إلى مجلس النواب لكن العدد الأقصى من أصوات هذه الكتل (84 صوتا) لا يكفي لسحب الثقة إلا إذا توفرت فرضية صعبة الحدوث وهو أن يكون عدد الحاضرين من هذه الكتل الثلاث خلال جلسة التصويت أكبر من عدد خصومهم المدافعين عن الحكومة وخاصة منهم كتلة النهضة (68 صوتا). المطلوب إذن من نداء تونس ألا يكتفي بالحد المذكور بل أن يضمن 25 صوتا إضافيا من الكتل والنواب المستقلين المقربين منه والمعارضين للحكومة. قد يجد النداء ضالته في بعض نواب الكتلة الوطنية وكتلة الولاء للوطن وغير المنتمين إلى كتل وخاصة منهم نواب آفاق تونس وقد ينجح في «تحييد» عدد آخر من النواب (اكتفاؤهم بالاحتفاظ بأصواتهم أو تغيبهم عن الجلسة المفترضة لتجديد الثقة). هذه الفرضيات تبقى رهينة نجاح الحزب في لعبة الكواليس لكن قبل هذا عليه أن ينجح في توحيد موقف كتلته النيابية من الشاهد وحكومته. الفصل 97 من الدستور «يمكن التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة، بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مضي خمسة عشر يوما على إيداعها لدى رئاسة المجلس. ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في نفس التصويت، ويتمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة طبق أحكام الفصل 89. في صورة عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تقدم لائحة اللوم مجددا ضد الحكومة إلا بعد مُضي ستة أشهر...». الفصل 99 من الدستور «لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة...».