مع اقتراب بداية السنة السياسية الجديدة يعود الجدل من جديد حول مصير الحكومة وما إن كانت ستعرف تحويرات جزئية تواصل إثرها أعمالها أم الأطراف المتمسّكة بإطاحتها ستنجح في تغييرها بشكل جذري. تونس الشروق: وبتعليق وثيقة قرطاج أواخر ماي الماضي نتيجة انقسام بين أطراف سياسية داعية الى تحوير عميق صلب الحكومة وبين حركة النهضة المتشبثة بالاستقرار بقي مصير الحكومة رهين حل مؤجل زاد في ترحيله زمنيا دخول مجلس نواب الشعب في عطلة برلمانية تنقضي آجالها غرة اكتوبر الماضي، فهل سيأتي مستهل السنة السياسية الجديدة التي تنطلق مطلع سبتمبر القادم بالجديد ام انها ستثبت يوسف الشاهد على رأس الحكومة الى حدود بداية الاستحقاقات الانتخابية نهاية العام القادم؟ وانطلاقا من التصريحات الاعلامية والتحرّكات السياسية يبدو أن الفاعلين السياسيين اعدوا العدة لإعادة الجدل من جديد حول بقاء الحكومة من عدمه في الايام القادمة، وكان المنطلق في ذلك تصريح القيادي في حزب حركة نداء تونس عبد الرؤوف الخماسي قبيل العيد والذي أشار فيه الى ان حركة النهضة ستغيير موقفها من الشاهد وان حزب نداء تونس يترقب موقف رئيس الحكومة قبل امكانية اللجوء الى الآليات الدستورية أو سحب وزرائه من الحكومة. هذا التصريح فتح الباب واسعا امام تخمينات عدّة، فلئن أوضح القيادي في حركة النهضة محمد بن سالم أنّ موقف حركة النهضة من الشاهد مازال ثابتا ولم يتغير وان الخماسي ليس بناطق رسمي باسم حركة النهضة فإنّ عددا من مراقبي المشهد السياسي لم يستبعدوا في هذا الصدد امكانية حدوث توافق بين «الشيخين» تحت عنوان تعديل مبادرة المساواة في الإرث مقابل رفع النهضة سندها عن يوسف الشاهد. كما ان المساعي البرلمانية لتشكيل كتلة موحدة تجمع بين كتلتي نداء تونس ومشروع تونس يرى فيها البعض امكانية تشكيل موقف موحد من نواتها يعجل بإنهاء الازمة السياسية وحسم التصويت لصالح عدم تجديد الثقة فيها استعانة بأصوات المعارضة من داخل الكتلة الديمقراطية وكتلة الجبهة الشعبية ومستقلين منوهين الى ان هذا الطرح يصطدم بانقسام أعضاء الكتلة الموحدة في الموقف من الاستقرار الحكومي ومن الشاهد. والى جانب هذه السيناريوات الممكنة لرحيل الحكومة فان تصريح الخماسي وحديثه عن امكانية استعمال الآليات الدستورية يستبطن عدم استبعاد التوصل الى جمع الامضاءات اللازمة لثلث البرلمان لتقديم لائحة لوم ضد الحكومة يدعوها الى طلب تجديد الثقة ولن يكون ذلك ممكنا الا بعودة البرلمان الى النشاط مطلع شهر اكتوبر القادم ، ولا يستبعد ايضا وفق مراقبون تفعيل رئيس الجمهورية للفصل 99 من الدستور بأن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها وان لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يومًا. كما ان الحكومة مقبلة على جملة من التحديات والصعوبات فلئن واجهت تأخر صرف جراية المتقاعدين مؤخرا بإعلان فتح تحقيق لمعرفة الاسباب المعرقلة فإنها ستجد نفسها في أقل من شهرين أمام تحد آخر عنوانه مشروع قانون المالية لسنة 2019 وفرضيات التوازنات المالية التي سيبنى عليها في ظل وضع اجتماعي خانق. في المقابل يرى الناشط السياسي ونائب المجلس الوطني التأسيسي السابق رابح الخرايفي انه ليس من المفيد لتونس وللطبقة السياسية عموما والحاكمة خصوصا جعل أولويات العمل السياسي بعد عيد الاضحى استمرار الحديث عن تغيير الحكومة وترك المشاغل الكبرى ومنها ازمة المالية العمومية والتضخم واصفا تواصل هذا الجدل بالعبث السياسي المتواصل لاكثر من نصف عام، وقال الخرايفي ان رئيس الحكومة مصمم على عدم الاستقالة ولن يقدم حكومته للمجلس لنيل ثقة استمرار عملها وبالتالي لم يبق سوى تقديم لائحة لوم وإقالته عنوة دستوريا عن طريق سحب الثقة وهذا في رأيه امر مستبعد على اعتبار ان الكتل السياسية ليست لها الشجاعة والنصاب الدستوري لفعل ذلك. ويرى الخرايفي ان السيناريو الممكن والمفيد لتونس هو انصراف الفاعلين السياسين نحو التنظم وحسن الاستعداد لانتخابات 2019 قصد تقديم فريق بوسعه الحكم ل5 سنوات قادمة بعيدا عن الفوضى والعبث الذي تعرفه اليوم ومن الارجح ان يقدم رئيس الحكومة على تحوير وزاري يخفض من خلاله عدد الوزراء ويحذف خطط كتاب الدولة لتكوين فريق صغير فعّال ومتماسك دون الاكتفاء بتغيير شكلي لا غير لإسكات المناهضين له. ودعا الخرايفي في الأثناء الحكومة للخروج من حالة الضغط والتململ التي تعيشها عبر إعادة ترتيب أولويات العمل الحكومي وجعل محاربة الفساد والتضخم والخدمات المسداة واداء الادارة العامة على رأس هذه الاولويات في الفترة المتبقية من عهدته مع دفع المنظمة الشغيلة الى ان تكون قوة دفع وتنمية عبر جملة من القرارات أهمها انهاء الحاق الموظفين المتفرغين لدى الاتحاد واقرار قانون اساسي ينظم العمل النقابي وفتح ملفات فساد المركزية النقابية واعلان تخلي الدولة عن اقتطاع معاليم الانخراطات وتكفل الاتحاد بجمع امواله وانهاء العمل بالاضرابات خالصة الأجر وغيرها من الاجراءات الاخرى.