لم تعد الإدارة الأمريكية تكتفي بفبركة القصص والأكاذيب لتبرير عدوان او لحماية مصالح وتنفيذ استراتيجيات.. بل لقد أصبحت تسبق «أخطاء» الآخرين باختلاق سيناريوهات واعداد العدة لإطلاق الدابة وتنفيذ الضربات العسكرية. مع العراق اتكأت على كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية زمن الرئيس الشهيد صدام حسين، وبعد تدمير العراق اعترف قادة أمريكا بأن تقديراتهم وتقاريرهم كانت خاطئة. مع سوريا نفذوا أيضا نفس السيناريو بالاعتماد على ضربات مزعومة بالكيمياوي نفذها الجيش العربي السوري ضد مدنيين. وكلنا يتذكر مسرحيات «الخوذ البيضاء» التي مهدت لاعتداءات أمريكية فرنسية بريطانية على مواقع سورية. الآن يجري اعداد العدة لنفس السيناريو، لكن مع اختلاف جوهري هذه المرة.. مع تحرير الجيش العربي السوري ل96 ٪ من أراضي سوريا من دنس الجماعات الارهابية. ومع تكدّس ما بقي منهم في محافظة ادلب. ومع توضح نوايا القيادة السياسية والعسكرية السورية بالاتجاه الى تحرير المحافظة بقوة السلاح إن لم تفلح طريق المصالحات وتسليم السلاح مع الجماعات الإرهابية... أمام هذه المعطيات لم تجد الإدارة الأمريكية من مبرّر لحماية «حلفائها» من الجماعات الإرهابية في أدلب غير اختلاق سيناريو ضربة سورية مزعومة بالكيمياوي. ضربة «توقعتها» أمريكا وحشدت الأساطيل وكل أدوات العدوان ل«تأديب» سوريا على ضربة مزعومة بالكيمياوي لم تقع بعد (ولن تقع) واستبقتها بإرسال وإعداد فرق «الخوذ البيضاء» التي ستتولى نجدة ضحايا ضربة كيمياوية مرتقبة وفق السيناريو الأمريكي.. وبذلك تكون الإدارة الأمريكية قد ابتدعت مفهوما جديدا ليس للحروب الاستباقية هذه المرة... لكن لاستباق نوايا خصومها ومعاقبتهم على هذه النوايا المبتدعة وفق السيناريو الأمريكي... إنه قانون الغاب في أبهى مظاهره وإنها إعادة تجسيد لحكاية فيكتور هيغو حول الذئب والخروف (حكاية إن لم تكن أنت فهو ابن عمك). فلن يكفي سوريا أنها لم تفكّر مجرد التفكير في توجيه ضربات كيمياوية للإرهابيين لأنها المتفوقة على الميدان وجيشها الغالب. ولن يشفع لها صراخها صباح مساء بأن هذا مجرد وهم لا لشيء إلا لأن إدارة ترامب قررت أنها تنوي توجيه ضربات كيمياوية وإذا قرأت أمريكا النوايا فسوف تسارع بريطانيا وفرنسا إلى تصديقها ومساعدتها في العدوان... طالما أن الهدف هو حماية آخر أوراقها في أدلب وفي شرق الفرات.