لئن دفعت بعض المواقف السياسية وإيضاحات خبراء القانون الدستوري إلى دحض فرضية تأجيل الانتخابات الوطنية فإنّ السؤال بشأن الاستعدادات لها لوجيستيا وسياسيا من شأنه الإجابة عن مدى توفر الظروف الملائمة لإجرائها من عدمه. تونس (الشروق) والمخاوف التي أبداها كل من قيادي حركة النهضة وعضو مجلس شوراها لطفي زيتون والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي من إمكانية تأجيل الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2019 فتحت باب التخمين على مصراعيه مستفيدة من الحملات الفايسبوكية بما جعل من الافتراض يتحول إلى جدل سرعان ما تم تفنيد سياقاته من قبل أطراف سياسية وخبراء في مجال القانون الدستوري. ومن الناحية الدستورية وبدرجة أقل على المستوى السياسي بدأت مزاعم تأجيل الانتخابات الكبرى تتلاشى حيث أكّدت في هذا الصدد أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي في تصريح سابق «للشروق» أنه لا يمكن إطلاقا خرق الآجال الدستورية للانتخابات والمحددة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل عهدة انتخابية وأن الفصل 80 من الدستور والذي يخول لرئيس الجمهورية تفعيل حالة الاستثناء يصطدم بتأويل مفهوم الخطر الداهم وبعدم قيام المحكمة الدستورية التي تعلم وجوبا بالقرار،كما أكّدت حركة النهضة وتصريحات سياسية أخرى التمسك باحترام الآجال الدستورية لعقد الانتخابات واستكمال البناء الديمقراطي. فهل يكفي ذلك لإبعاد شبح تأجيل الانتخابات؟ خطر الاختراقات السياسية في الحقيقية تبدو الصراعات السياسية التي تشق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مهددة بمزيد تأزيم الاوضاع مالم يتم التغلب عليها بتوفر الارادة السياسية لعقد الانتخابات مثل ما عبر عن ذلك نائب رئيس الهيئة عادل البرينصي في تصريحه «للشروق» والذي شدد من خلاله أن الحديث عن تأجيل الانتخابات من عدمه سابق لاوانه وهو بالون اختبار لدى بعض السياسين بلغ حد الترويج الى تأجيل قبول الهيئة للترشحات التي لم تفتح أصلا. واعتبر البرينصي ان الجدل السياسي بات يواجه كل الازمات السياسية بإشاعة امكانية تأجيل الانتخابات مع حشر أزمة الهيئة فيها خدمة لاجندات متنوعة مضيفا بأن الخطر الوحيد والموضوعي في هذا السياق يكمن في تحول مجلس هيئة الانتخابات الى رهينة بيد رغبات سياسية حيث تتغذى أزمة الهيئة اليوم مما اسماه التلاعب القانوني في حسمها بين جملة من المواقف المتضاربة ومنها الابقاء على التليلي المنصري في مجلس الهيئة بعد استقالته وموقف آخر متمسك بضرورة انعقاد مجلس الهيئة من قبل رئيسها المستقيل ومواقف أخرى لا ترى من صلاحية لنائب الرئيس في دعوة مجلس الهيئة للانعقاد أو في الانعقاد بطلب الثلثين دون وجود رئيس للهيئة. فهل يعني ذلك أن شبح تأجيل الانتخابات لا يزال قائما بسبب أزمة الهيئة ؟ الأمل قائم من الناحية اللوجستية لاتبدو هناك عراقيل كبرى تحول دون تنظيم الانتخابات في آجالها الدستورية المضبوطة حيث أكّد عادل البرينصي ان الهيئة استأنفت اجتماعاتها بعد طلب ثلثي الاعضاء بعد فشلها في الاجتماع في 3 مناسبات فارطة وتباحثت في مشروع ميزانيتها الذي كان جاهزا قبل المصادقة عليه وعلى نقطة تتعلق التسجيل الدائم والمفتوح للناخبين دون تحديد مهلة في الغرض في انتظار استكمال مناقشة بعض النقاط الاخرى. وبين البرينصي أنّ مجلس هيئة الانتخابات هو سيد نفسه بالقانون وسيضع آخر سبتمبر الجاري مشروع الروزنامة الانتخابية المحددة لتواريخ فتح الترشحات والحملة وعملية الاقتراع حيث أن الحيز الزمني مازال يسمح بذلك الى حين صدور قرارات مجلس الهيئة بعد استشارة الأحزاب والمجتمع المدني في الرائد الرسمي لتكون قرارات ملزمة للجميع. واعتبر البرينصي ان الامل في الالتزام بالمواعيد الانتخابية في آجالها قائم بل مسلمة لايرقى اليها الشك حيث أثبتت الهيئة في أزمات أحلك حسن تكييفها مع الظروف وإدارتها الجيدة للازمات دافعا في هذا السياق بنواب الشعب الى تحمل مسؤولياتهم قريبا في سد الشغورات الحاصلة في خطط مهندس إعلامية وقاضي عدلي وخبير محاسب وانتخاب رئيس جديد للهيئة.