كيف الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد منذ قرابة السنة؟ هو سؤال أصبح يطرح حتى لدى عموم المواطنين بعد أن عجزت النخبة السياسية عن توفير إجابة واضحة له فالأزمة أصبحت تشبه المأزق الحقيقي والذي ينبئ بمزيد التصعيد. تونس الشروق: لا أحد قادر اليوم على حلحلة الأوضاع السياسية في البلاد وهو ما تسبب أيضا في انعدام سبل التصدي لتفاقم الأزمة الاقتصادية كل الفاعلين السياسيين عاجزين أمام ما وصلت إليه أزمات البلاد وكل فريق متمترس خلف موقفه منذ حوالي ثمانية أشهر. لقد ساهمت حالة الجمود التي شهدتها الساحة السياسية وخاصة بالنسبة للفاعلين الأساسيين أي الأطراف الحاكمة ساهمت في إطالة الأزمة ومزيد تعميقها حتى بلغت مفاصل الحكم فحولتها إلى نواتات تعمل في معزل عن بعضها البعض ونرى تلك الانعكاسات مثلا بالنظر الى العلاقة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية او العلاقات بين أعضاء الحكومة أو بين الأحزاب وأعضاء الحكومة ورئيسها. هي الأزمة الأولى من نوعها التي تتمكن من تفكيك كل تلك العلاقات بين الأحزاب والحكومة ورئاسة الجمهورية وتجعل كل منهم عاجزا عن تحقيق أي تغيير في المشهد المتأزم ولعل أكثر العلاقات التي يعكس مدى تضررها تجليات عمق الأزمة هي العلاقة بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي فلم يقف أي منهما في موقف العاجز في المراحل السابقة حتى عندما كانا على طرفي نقيض. وبالعودة الى الحلول الممكنة للخروج من هاته الأزمة تجمع كل الأطراف سواء السياسية او الحكومية وحتى رئاسة الجمهورية على ان الحل يكمن في الرجوع الى التوافق لكن الخلاف الحاصل حول كيفية العودة الى طاولة الحوار والتوافق فالجميع يرفضون العودة من أجل مناقشة الحلول وإنما من أجل تمرير احد الحلول المقترحة. وبالنسبة للحلول فهي واضحة وجلية منذ ثمانية أشهر أيضا وهي اما التوافق حول رحيل الحكومة برمتها وتعيين حكومة جديدة تلتزم بعدم الترشح في الانتخابات القادمة وهذا الموقف يتبناه خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة نداء تونس في حين يرى الموقف الآخر ان الحل يكمن في تواصل هاته الحكومة إذا التزمت بعدم الترشح في الانتخابات. والى حد يوم أمس مازال كل طرف يحافظ على موقفه مع بعض التغيرات في موقف حركة النهضة التي أصبحت تعمل على إيجاد أرضية مشتركة لعودة التوافق وأصبحت كذلك تحذر من خطورة تواصل الوضع على ما هو عليه وكان ذلك خاصة في كلمة رئيسها بعد لقائه برئيس الجمهورية لكن دون تقديم مقترح واضح لكيفية إعادة التوافق. ومن جهته يحاول الاتحاد العام التونسي للشغل حلحلة الأوضاع عبر تأكيد على اقتراب نفاد صبره أمام تفاقم الأزمة الاقتصادية خاصة والتي تعود بالأساس إلى تواصل الأزمة السياسية في البلاد وعدم ظهور أية بوادر للانفراج رغم خطورة الوضع الراهن. اذن فان الوضع الراهن يؤكد عجز جميع الفاعلين عن التدخل من اجل انقاذ البلاد كما يثبت أن 2019 أهم لدى الجميع من 2018 التي بلغت فيها الازمة الاقتصادية حدا غير مسبوق ورغم وجود نقاط مشتركة بين كل الفاعلين السياسيين خاصة واهمها توافقهم على ان تلتزم الحكومة القادمة بعدم الترشح فان الجميع يفضلون الابتعاد عن تلك النقاط والتركيز على مواطن الاختلاف بدلا وهو ما يجعل امكانية التوصل الى حلول في وقت قريب رهن تقديم أي منهم لتنازل وحيد حول مصير الحكومة الحالية.