لم يشهد الوضع الصحي في تونس تأزما كالذي يعرفه الآن... وقد بلغ الامر بالأطباء في بعض الجهات الداخلية الى الاحتجاج والمطالبة بغلق المستشفيات لانها أصبحت لا تقدم شيئا للمرضى الذين يقصدونها كل يوم... الخارطة الصحية في تونس منذ الاستقلال بنيت على الحيف والظلم وعدم التوازن والى اليوم بعد اكثر من 60 عاما على دولة الاستقلال لايزال آلاف المرضى من سكان المدن الداخلية يقصدون العاصمة ومدن الساحل للعلاج والقيام بالعمليات الجراحية... لكن الوضع اليوم ازداد تعقيدا وصعوبة فالمستشفيات الداخلية وايضاً مستشفيات العاصمة وأقسامها الطبية باتت بدون تجهيزات ودواء ولم يعد يجدي الذهاب اليها للعلاج... أزمة المستشفيات العمومية باتت اليوم على كل لسان لكن الحكومة غير مكترثة بذلك حتى ان وضع بعضها صار كارثيا وينصح الان بغلقها لعدم توفر التجهيزات ونقص العاملين فيها وتدهور مرافقها وانعدام الدواء فيها... وحديث الوزارة عن مافيا تهريب الدواء لا يغفل عنا الحقيقة، حقيقة انها بكل مصالحها فشلت في حل المشاكل وفي إنقاذ المستشفيات وإصلاحها رغم انفاقها لعشرات المليارت... كل التونسيين اليوم صاروا رهينة لدى المصحات الخاصة وأطباء القطاع الخاص في ظل الخراب الذي يعم المستشفيات العمومية حتى أن بعض الأوبئة عادت لتضرب من جديد بعد عقود من القضاء عليها... اليوم المستشفيات العمومية بدون دواء وبدون أطباء وقائمات المنتظرين للعمليات الجراحية تضم عشرات الالاف من المرضى والمطلوب الان خطة عاجلة وبرنامج جدي لإنقاذ الصحة العمومية وإصلاح المستشفيات عِوَض الاكتفاء بالحديث عن الفساد والفاسدين وتهريب الدواء الذي صار مفقودا في كل الصيدليات... جميل ان تحارب الوزارة الفساد وتكشف عن الملفات وتقدم الفاسدين. - ان وجدوا - الى العدالة لكن الاجمل ان تتدخل بجدية وتنقذ المستشفيات وآلاف المرضى الذين ينتظرون ويعانون كل يوم... واقع الصحة اليوم في تونس اكثر من خطير والحكومة اختارت ان تبقى متفرجة في حين يتألم التونسيون كل يوم وكل حين... سفيان الأسود