تونس (الشروق) نزيهة بوسعيدي ثلاث حالات اغتصاب يوميا ، وثمانية قضايا يبت فيها القضاء شهريا ، هي جرائم يهتز لها التونسيون في كل مرة منددين ومستنكرين ومطالبين بتطبيق عقوبة الإعدام لما لها من اثار سلبية على الضحية والاسرة والمجتمع لكن بعد حادثة اغتصاب طفلة لم تتجاوز ثلاث سنوات و اغتصاب عجوز في الثمانين يفرض السؤال نفسه لماذا اصبحت جرائم الاغتصاب اكثر بشاعة ووحشية في تونس ؟ احتار العقل اثر اغتصاب طفلة قفصة التي مازالت كما نطلق عليها بلهجتنا العامية «ملايكة» واغتصاب طفلة اخرى في سن 15 من قبل اكثر من شخص وعجوز في قبلاط من الشمال الغربي التونسي ثم قتلها ولم يعد قادرا على استيعاب مثل هذه المسائل الغريبة عن مجتمعنا ،فهل من هن في مثل هذه السن يتوفرن على مايثير شهوة الجنس؟ ام ان الجناة ليسوا في وضع نفسي وعقلي طبيعي، ام انهم يتناولون أقوى انواع المخدرات ، ام ان هناك من البشر من تصل به درجات الحقد والكره والنقمة اقصاها حتى ينكل باشخاص ضعفاء البنية والقلب والجسد ؟ عشنا ولازلنا نعيش تحت هول الصدمة بسبب بشاعة حالات الاغتصاب التي جدت في اسبوع واحد ونطرح في هذا التحقيق اسئلة عديدة حتى نشرح الظاهرة ونقف عند الاسباب الحقيقية ومايلزمنا من اجراءات وقوانين للحد منها . عواقب وخيمة وقد يعجز العقل عن تفسير تحول إنسان بمافيه من عقل ومشاعر الى مجرد حيوان يتبع غريزته فيرتكب جناية ويتسبب في كارثة عواقبها وخيمة على الضحية وعائلتها في مقام اول وربما ذلك ما يفسر المطالبة بتطبيق عقوبة الإعدام على الجاني في كل حادثة ، وطفلة قفصة اعادت هذا المطلب وبقوة حيث وجد التونسيون في صفحات التواصل الاجتماعي اطارا للتنديد والاستنكار وعدم الوقوف عند تلك المرحلة بل المرور الى طلب الإعدام ، وعندما واجههم الناشطون صلب منظمات حقوق الانسان الذين يطالبون بالغاء عقوبة الإعدام في تقرير الحريات والمساواة احتد الجدل وكان ردهم ماذا لوكانت طفلة قفصة ابنتكم فهل ستتشدقون بحقوق الانسان ام ستأكلون الضحية بأسنانكم. المجتمع التونسي المسلم المعتدل ينبذ مثل هذه الجرائم وتنشئتنا على عدم التعدي على شرف المراة يجعل الاغتصاب مسالة منتهية تماما وهو مايفسر ردة فعل سجناء الحق العام عندما دخل عليهم مغتصب طفلة قفصة فانهالوا عليه بالضرب والشتم والسب وردة فعل السجناء ليست الاولى بل وفقا لأخصائي علم الاجتماع سامي نصر فان السجناء دائما ينبذون صاحب جريمة الاغتصاب ، اذا حتى المجرم ببلادنا يرفض مثل هذه الجرائم. هذا الجدل بين رافض ومؤيد لعقوبة الإعدام يحيلنا الى التساؤل حول اي نوع من العقوبات الزجرية يمكنها ان تحد من هذه الاعتداءات البشعة التي تكررت بتكرر الاعتداءات اذ كم من سجين عاود فعلته بمجرد خروجه من السجن ، كما ان اي مجرم جديد لاتخيفه عقوبة السجن ولن تردعه عن التفكير في الاغتصاب . ومن يدفع الفاتورة باهظة جدا هو الضحية اولا والعائلة ثانيا حتى ان البعض دونوا على جدرانهم على «الفايسبوك» من له طفلة يمسك بيديها دائما او يضعها تحت الحراسة المشددة. أعراض وأضرار قد تتعرض الطفلة او الطفل الى حالات اعتداء جنسي وتخفيها او يخفيها عن الأهل خوفا من الضحية والأولياء لا يتفطنون الى ذلك الا بالصدفة ويتفق المختصون حول بعض الأعراض التي يمكن الاستدلال بها للتعرف على الضحية وهي، الخوف الدائم، كثرة التلفت، والشعور بعدم الأمان، وتتمثل الأعراض اللاحقة التي تحدث للطفل بعد فترة من الاعتداء في التغير الملحوظ في سلوكه و كل تصرفاته فإذا تم اغتصابه من رجل كبير، فانه سوف يخاف من كل الرجال، أما إذا كان المعتدي صبياً أو فتى فيصبح في خوف دائم من الفتيان الذين في نفس عمر المغتصب كما انه يتفادى الاختلاط بغيره من الأطفال، خاصة الكبار منهم، ويصبح منعزلا، شارد الذهن، كما أنه يتحاشى المكان الذي تم اغتصابه فيه... كذلك يمكن ملاحظة التبول و التبرز اللا إرادي المتكرر للطفل. ويهمل بعض الاولياء اهمية عرض الطفل الضحية على مختص في علم الجنس و السلوك الجنسي أو مختص نفسي له تكوين خاص في مجال تشخيص الاعتداءات الجنسية قبل بلوغه سن المراهقة لعلاجه ، غير مدركين بان الطفل الضحية ، قد يتحول لاحقا إلى منتقم من الأطفال انتقاما لما حدث له في صغره، وهو يشعر بنوع من التلذذ، ورد الاعتبار لنفسه، وكأنه ينتقم لما تعرض له في طفولته من انتهاك جنسي، فيتحول الى شاذ جنسيا ناهيك وان ماتوفره الانترنات من مواقع اباحية قادرة على جعل الشاذ اكثر سوءا لما تبثه من صور حيوانية لمتعاطي الجنس. وعلى وزارة المراة والاسرة والطفولة والمسنين ان تولي العناية الكافية للإحاطة بحالات الاغتصاب وتلقي العلاج من جهة والتبليغ عنها لدى خلايا الانصات من جهة اخرى حتى لاترتفع نسبة هؤلاء المرضى ويكثر الشواذ في مجتمعنا كما لم يجب ان تعمل في اطار التشبيك مع المنظمات والجمعيات المهتمة بمكافحة الظاهرة والتي تستقبل عديد الحالات طلبا للمساعدة خاصة اذا كان الشخص المغتصب فردا من افراد العائلة التي تخشى من الفضيحة وإدخاله السجن . أقسى العقوبات لمقترفي جرائم الاغتصاب طالبت المنظمة الوطنية للطفولة التونسية ضمن بلاغ أصدرته الثلاثاء الماضي بتسليط أقسى العقوبات على مقترفي جرائم الإغتصاب الوحشية واللاإنسانية التي ارتكبت في حق أطفال أبرياء. وأدانت المنظمة في بيانها «بكل شدة جرائم الإغتصاب الوحشية والإنتهاكات التي إستهدفت الحرمة الجسدية والمعنوية للأطفال وحرمان آخرين من التمتع بالرعاية الصحية مما أدى إلى وفاتهم»، داعية سلطة الإشراف وكافة قوى المجتمع المدني إلى التحرك لإتخاذ جميع الإجراءات والوسائل الكفيلة لضمان حق الحماية المكفول بموجب الإتفاقيات الدولية والقانون التونسي. وأكدت وضع هياكلها ومواردها البشرية على ذمة المؤسسات المهتمة بشأن الطفولة للعناية بالأطفال المعتدى عليهم والمساهمة في القضاء على أسباب الإنتهاكات المسجلة في حق الطفولة التونسية.