تنفرد مدينة نابل بطريقتها المميزة في استقبال السنة الهجرية الجديدة من خلال إعدادها عرائس السكر بديعة الألوان والأشكال التي يزداد عليها الطلب من الزوار والمهتمين بهذه العرائس وخاصة الأطفال وهي عادة توارثتها العائلات "النابلية" عن الأجداد منذ عقود خلت. مكب نابل «الشروق»: فقبل نحو أسبوع من رأس السنة الهجرية يبدأ "النوابلية" احتفالاتهم فيما بات يُعرف ب"مهرجان عرائس السكر"، إذ تتجمل المدينة وتصبح في أحلى حلة وينتشر الباعة ببعض الأماكن لعرض منتجاتهم ومن أبرزها عرائس السكر والحلوى والفواكه المجففة، وتعيش المدينة العتيقة أو كما يحلو للبعض تسميتها ب"سوق البلغة" حركية غير معهودة، حيث تترك التجارة الأصلية وهي بيع منتجات الصناعات التقليدية جانبا ويتم الاهتمام بكل ما له صلة باحتفالات رأس السنة الهجرية. وتكون المدينة خلال هذه الفترة في أحلى مظاهر الاحتفال والفرحة خاصة للأطفال الذين يقفون منبهرين بما يشاهدونه من عرائس الحلوى مختلفة الألوان والأحجام والأشكال. عادات متأصلة لدى «النوابلية» تحافظ العائلات "النابلية" منذ القدم ببعض العادات المرتبطة بالاحتفالات برأس السنة الهجرية، فبالإضافة إلى مهرجان عرائس السكر تتولى العائلات افتتاح السنة بطبخ الكسكسي ب"القديد" و"العصبان" المجفف والذي يتم تزيينه بالبيض المسلوق والحمص والسكر والحلوى والفواكه الجافة والزبيب.وتقول في هذا الإطار السيدة سمر بيوض التي كانت بمعية كافة أفراد عائلتها بالفضاء المخصص لهم لبيع منتوجاتهم إن لهذا الموسم تحضيرات ومذاقا خاصا خصوصا وأنها عادة لم تنقطع عنهم منذ الصغر وتوارثوها أبا عن جد وهم ينتظرون هذا الحدث بشغف كبير لما له من وقع وتأثير كبيرين عليهم. من جانبه أكد السيد وليد جياش أنه يعمل في هذا الميدان منذ أكثر من عشر سنوات وأغرم به بشدة ويحاول أن يمرر عشقه وولعه لأبنائه، وقال إن الاقبال مكثف وتزامن تواجد بعض السياح الأجانب والأشقاء الجزائريين لمزيد التعريف بعادات "النوابلية" بالاحتفال برأس السنة الهجرية. أما احتفال الأطفال فيكون ب"مثرد" رأس العام الذي تتوسطه عروسة السكر في أشكال وأحجام مختلفة وفي ألوان زاهية حيث تتخذ عدة أشكال على غرار الديك والحصان للذكور والعروس والغزال والسمكة للفتيات وهي تتميز بالألوان الزاهية على غرار الوردي والأحمر والتي يتم أحاطتها بالفواكه الجافة والمكسرات والحلوى. ومن العادات الأخرى التي يحافظ عليها "النوابلية" تكسير عروس السكر يوم عاشوراء لأكلها أو استعمالها في تحلية الشاي، ومن الطرائف المتصلة بهذه العادة قيام الشبان المقبلين على الزواج إهداء عروس السكر لزوجة المستقبل ليلة رأس السنة. و تتطلب عملية تحضير عروس السكر توفير بعض المقادير مثل مسحوق السكر والماء وروح الليمون ثم يطبخ هذا الخليط لمدة ربع ساعة حتى ينضج السكر ويكتسب لونا أبيض ناصعا ثم يوضع في قوالب خاصة ليتخذ العجين أشكالا متعددة ويتم تلوينها في ما بعد بأصباغ صحية ذات ألوان زاهية وجذابة تستخرج من النباتات الطبيعية. تنشيط المدينة باعتبارها المنطقة الوحيدة في الجمهورية التي تتميز بالاحتفال بعرائس السكر فإن مدينة نابل تعرف خلال هذه الفترة من كل سنة حركية تجارية كبيرة أثرت إيجابا على السياحة حيث تعرف هذه الاحتفالات وخاصة مهرجان عرائس السكر إقبالا منقطع النظير للسياح الأجانب وحتى التونسيين الذين يتوافدون من المناطق المجاورة وحتى المدن الداخلية للفرجة أو للشراء مصحوبين عادة بأطفالهم. ويقع الاحتفال سنويا بهذا الحدث من خلال مهرجان عرائس السكر والذي تم الاحتفال به هذه السنة ليومين متتالين وقد تنوعت فقراته بين المحاضرات الدينية والعلمية وعرض لشريط عرائس السكر للمخرج أنيس لسود بالإضافة إلى ورشات مفتوحة للعموم لتشكيل عرائس السكر وورشات للأطفال لتزيينها بمشاركة الكشافة التونسية وورشات أخرى للرسم واختتم المهرجان بتقديم مراحل عملية طبخ كسكسي رأس السنة على الطريقة النابلية.