اثر استقالة ثمانية من نواب حركة نداء تونس واقتراب التحاقهم بالكتلة الجديدة المحسوبة على رئيس الحكومة أصبحت حركة النهضة بالفعل المحدد في مصير الأزمة السياسية الراهنة. تونس (الشروق) تتوقف الأزمة السياسية الراهنة منذ انطلاقها على موقف حركة النهضة فان شاءت إقالة الشاهد فعلتها حيث كانت لها إمكانية تحقيق أغلبية برلمانية لذلك مع حركة نداء تونس لكن بقاءه لم يكن بيدها وحدها في حين انه بعد ثمانية أشهر على انطلاق الأزمة أصبحت كل الخيارات ممكنة أمام النهضة. كانت مجموعة الأصوات في البرلمان الداعمة لرحيل الشاهد في حاجة الى اصوات حركة النهضة لتحقيق ذلك لكنها اختارت دعم الشاهد تحت ما أسمته «دعم الاستقرار» وبعيدا عن نواب الحركة لم يكن تمرير رئيس الحكومة الى البرلمان لتجديد الثقة ممكنا فباقي الأصوات أو النواب لم تكن مواقفهم واضحة الى درجة تجميع أغلبية صريحة وقد رأينا ما حصل في جلسة منح الثقة لوزير الداخلية فكل الأطراف لم تكن تضمن تمرير موقفها بمن فيهم النهضة. اليوم وبعد تكون كتلة نيابية داعمة ليوسف الشاهد واستقالة ثمانية نواب من كتلة حركة نداء تونس أصبحت كل الاحتمالات بيد حركة النهضة بالفعل فان واصلت دعمها للشاهد مع منحه شرعية برلمانية جديدة عبر التصويت لصالحه في جلسة تجديد الثقة ستتحالف مع الكتلة الجديدة ويمكنها توفير ال109 صوت المطلوبة . طبعا هذا الاحتمال يظل رهن تلبية الشاهد لمطالب حركة النهضة والتي من بينها الالتزام بعدم الترشح في انتخابات 2019 الى جانب المطالب التي لم تعلن عنها النهضة لكنها بلغتها لرئيس الحكومة، وان تم ذلك فسيتم تعيين جلسة في أقرب وقت ممكن لتجديد الثقة في رئيس الحكومة. واذا لم يلب يوسف الشاهد طلبات حركة النهضة فان طريق إزاحته مازالت مفتوحة أمامها عبر العودة الى تحالفها القديم مع رئيس الجمهورية وحركة نداء تونس وعندها يمكن ان تتم إقالة الحكومة إما بسحب الوزراء لكل منهما أو دعوته الى البرلمان عبر عريضة سحب ثقة وتتم إزاحته. اذن فكل السيناريوهات أصبحت بيد حركة النهضة فعلا ولن يكون يوسف الشاهد قادرا على تجاوز مطالبها اذا أراد البقاء في منصبه فالمعادلة الجديدة في البرلمان ليست لصالحه فقط وإنما جعلته يصبح أكثر فأكثر رهن ارادة حركة النهضة فليس هناك أي حزب اليوم لا يحلم بموقع الحركة في الصراع الحالي فهي التي بيدها كل الخيوط ويمكنها تحريك الجميع كما تريد. وفي الأثناء ربما تعلم الحركة ان موقعها لا يعطيها السلطة على إدارة اللعبة السياسية فقط وإنما هو يحملها مسؤولية تاريخية فأي خيار ستعتمده ستكون هي وحدها المسؤولة عن انعكاساته في ما بعد خاصة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي حيث ان الازمة ازدادت شدة وقد لا تكون هناك فرصة لارتكاب اخطاء اخرى.