فيما تسعى غالبية دول العالم الى التقليص من استعمال السيارة يكاد التونسي لا يستغني عن عربته الا عند النوم...قصة عشق تتسبب يوميا في تلوث الهواء بل وكذلك في حوادث قاتلة. تونس (الشروق) أكثر من مليوني عربة تجوب الطرقات التونسية يوميا فيما يبلغ عدد التسجيل السنوي للسيارات في تونس بين 70 و90 الف وحدة بين جديدة ومستعملة. وحسب دراسة لمنظمة الدفاع عن المستهلك فان السيارة تكلف صاحبها يوميا 20 دينارا بين محروقات وتامين وصيانة وركن ومعلوم جولان. والوقع ان تزايد عدد السيارات في تونس يعود الى قرار اتخذته الدولة في منتصف تسعينيات القرن الماضي يقضي بتمكين الموظفين ممن يتجاوز اجرهم الشهري ثلاث مرات الاجر الادنى من قروض ميسرة لاقتناء سيارة وبات يعرف هذا الاجراء بالسيارة الشعبية. ومع ظهور طبقة وسطى مرفهة في بداية التسعينيات من القرن الفارط لم يعد امتلاك سيارة حلما وهوما يفسر في جزء منه تزايد عدد العربات في بلادنا. ومن المهم الانكباب على دراسة علاقة التونسي بالسيارة من خلال سلوكه المروري واستعماله المفرط لها حتى ان بعض الدراسات اظهرت ان الوقت الذي يقضيه التونسي في السيارة اكثر من الوقت الذي يقضيه في العمل اوفي البيت اذ يكاد لا يفارق المقود الا عند النوم. تلوث ومآس اضافة الى الصناعة فان استعمال السيارة في تونس يعد سببا مباشرا في تلوث الهواء وحسب تقرير لوضع تلوث الهواء في العالم صدر في سنة 2017 احتلت تونس المرتبة الاولى مغاربيا من حيث نوعية الهواء المستنشق وافاد ذات التقرير ان تلوث الهواء في تونس مسؤول عن وفاة 4500 تونسي سنويا. وتستهلك تونس 8.3 مليون لتر من المحروقات يوميا ثلاثة ارباعها موجهة للعربات ويكلف دعم المحروقات ميزانية الدولة 5400 مليار سنويا. وحسب تقرير صادر عن وزارة النقل في سنة 2016 فان الاستعمال المفرط للسيارات في تونس يعود الى تردي الخدمات التي يسديها قطاع النقل العمومي والخاص فالنقل الحضري على سبيل المثال لا يوفر الا 30 بالمائة من مجموع التنقلات فيما تقلص عدد الحافلات من 4000 في سنة 2010 الى 2900 في سنة 2016 فيما تراجعت جاهزية الاسطول الى 70 بالمائة. ومع تدهور خدمات النقل العمومي للاشخاص وتردي حالة الحافلات تزايد استعمال التونسي للنقل الفردي وهوما خلق عديد المشاكل كاختناق حركة المرور وارتفاع تكاليف التنقل والتلوث الهوائي والسمعي وتزايد واردات تونس من قطع الغيار اضافة الى حوادث المرور اذ تسجل تونس سنويا 11 الف حادث مرور تحصد ارواح 1500 ضحية. قوانين متخلفة امام تزايد عدد السيارت في العالم اعتمدت عديد الدول سياسات تدفع باتجاه تطوير النقل العمومي حتى ان مدنا عديدة في اوروبا اقرت مجانية النقل لمواطنيها وطورت في ذات الوقت المسالك المخصصة لسير الدراجات الهوائية ففرنسا مثلا اعتمدت غالبية البلديات فيهاتعريفات خاصة تتعلق بالركن وخلاص معاليم الطرقات لاصحاب السيارات الذين ينقلون اشخاصا اخرين على متن سياراتهم فيما يعرف بالمرافقة. وفي تونس تمنع القوانين المتعلقة بنقل الاشخاص على اصحاب السيارت نقل افراد اخرين بمقابل.