يمكن للتونسي أن يمضي يوميا ساعتين في انتظار وصول الحافلة الصفراء لتنقله أو تعيده الى مركز عمله وهو ما يعني أنه يهدر سنويا عشرون يوما من عمره في انتظار وسائل النقل! لتبقى هواجس النقل أكبر ما يعانيه التونسي يوميا. هذا ما ذكره لنا أحد الموظفين وهو بصدد انتظار الحافلة كي يعود الى منزله بعد يوم شاق من العمل، موضحا أن التونسي يقضي حوالي 480 ساعة سنويا في انتظار الحافلات دون اعتبار ما يقضيه خلال عملية التنقل.
«الشروق» حاولت معرفة إيقاعات التونسي اليومية مع وسائل النقل، كما تحدثت مع مصادر مطلعة من وزارة النقل عن الجديد والحلول.
بداية الجولة كانت بين محطات الحافلة الصفراء التي اكتظّت بالحرفاء ومنهم من سئم الانتظار لأكثر من مرّة.
«طال انتظاري»
تقول ماجدة (موظفة) إنها تمضي يوميا أكثر من ساعة ين ذهاب وإياب في انتظار حافلتها، وأكدت أنه لا يمكن أن تثبّت وقتا محدّدا لخروج الحافلة يوميا حتى تقتصد في الوقت وتوفره، وتضيف بأن وصول الحافلة يستغرق وقت الاستماع الى أغنية كاملة من أغاني أم كلثوم ومنها «طال انتظاري» التي كانت تستمع إليها في المقهى المجاور لمحطّة النقل، فانتهت كلمات أم كلثوم ولم تحضر «العروس» الصفراء حسب تعبيرها.
لم تخل المحطات التي زرناها من شكاوى حرفاء وسائل النقل الذين أكدوا أن عدم الانضباط والتأخير ومشاكل النقل قد زادت بعد الثورة.
أما محمد أمين (موظف) الذي اختار المترو ليعود الى المنزل فقال إن ما يعيب وسائل النقل هو الاكتظاظ غير المحتمل في أوقات الذروة.. وأضاف أنه يفضل استعمال المترو على اكتظاظه على استعمال سيارته التي يكتفي باستعمالها للمشاوير العائلية أو في عطلة نهاية الأسبوع، ملاحظا أن الثورة قد عمّقت من مشاكل الاكتظاظ وعدم الانضباط. حلول 2013
أكدت مصادرنا من وزارة النقل أن موضوع النقل الجماعي قد استأثر باهتمام جلسة جمعت وزير النقل والسيدة المديرة العامة لنقل تونس ومسؤولين من الوزارة والشركة. وقد تمّ الحديث عن كيفية تحسين خدمات النقل الجماعي خلال 2013.
وأكدت مصادرنا أن قطاع النقل قد واصل نشاطه واستمراريته رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها البلاد، خلال وبعد الثورة. ومن المنتظر أن يتمّ إعداد مخطط مديري للنقل بتونس الكبرى في ظرف زمني لا يتجاوز ستة أشهر يقوم على معطيات جديدة. وسيتمّ تجنيد كل الاطارات والدراسات المتوفرة من أجل تقديم اصلاح عملي لمنظومة النقل الجماعي في تونس. كما سيتم من جهة ثانية إعداد تقرير سنوي حول النقل قبل موفى هذا الشهر.
من جهة أخرى سيتم العمل على ايجاد آليات كفيلة بحماية المسلك الخاص بالحافلات على الطريق GP9 حتى يؤدّي وظيفته الاساسية ويحقق الاهداف المرجوّة منه واتخاذه نموذجا يعمم في بقية إقليمتونس الكبرى.
كانت السيدة سارة رجب الرئيسة المديرة العامة لشركة نقل تونس قد تحدّثت عن الصعوبات التي تواجه شركة نقل تونس والتي تتسبّب في عدم قيامها بعملها على الوجه الأكمل.
ومن بين الصعوبات التي تؤدّي الى تعطيل المواطنين نجد الاكتظاظ داخل العربات، واكتساح الانتصاب الفوضوي والتاكسي الجماعي وتفاقم ظاهرة الاعتداءات على وسائل النقل والأعوان والتهرب من تسديد معلوم التنقل.
وفسّرت السيدة سارة رجب مشكلة الاكتظاظ داخل العربات بتجاوز طاقة استيعاب وسائل النقل خاصة في أوقات الذروة وبعدم جاهزية الاسطول حيث تسجل الشركة يوميا نقصا هاما في عدد من الحافلات المتجوّلة وصرّحت بأن جاهزية الحافلات لسنة 2012 قد بلغت 64٪ مقابل 77٪ سنة 2011 و84٪ سنة 2010. كما يساهم اكتظاظ حركة المرور المتسبب في انعكاسات على سير وسائل النقل في تعقيدات أخرى.
وتستعمل السيارات الخاصّة 50٪ من البنية التحتية وتؤمّن حوالي 72٪ من جملة التنقلات، فيما تستعمل شركة نقل تونس 2٪ من البنية الأساسية وتؤمن 90٪ من النقل العمومي.
وبلغ العدد الجملي للمسافرين سنة 2011 حوالي 254 مليون مسافر منهم 128 مليون طالب وتلميذ وهو ما يمثل 50٪ من مجموع المسافرين مقابل 8٪ من مداخيل الاستغلال وتؤمن شركة نقل تونس نقل مليون و400 ألف مسافر يوميا.
ومن جهة أخرى أشارت مصادرنا الى أن الحلول المثلى للنقل تتمثّل في تفعيل ما أقرّه المثال الجهوي للنقل بخصوص المسالك الخاصة للحافلات والتعهد بما تم اقراره بالأمثلة المرورية التي تدعم أولوية النقل العمومي. وتحدّث الوزير عن ضرورة تغيير العقلية تجاه وسيلة النقل العمومية.
عموما تبقى المعاناة مع وسائل النقل العمومية حسب ما يؤكّده الحرفاء متواصلة في انتظار ارساء شبكة حديدية سريعة في كل الاتجاهات.