للفنان الراحل جميل راتب محطات كثيرة في الدراما التونسية بدءا من المسرح مع علي بن عياد في مسرحية " عطيل " عام 1971 وصولا الى الشاشة الكبيرة او السينما مع المخرج رشيد فريشيو في " كش ملك " و المخرج محمود بن محمود في « شيشخان « والمخرج فريد بوغدير في " صيف حلق الوادي " ... ثلاثة فنانين من هذه الأعمال يتذكرون جميل راتب . المخرج السينمائي رشيد فرشيو عرفت جميل في الحمامات جميل راتب كان أحد أبطال فيلمي «كش ملك»، الفيلم الوحيد ضد الدكتاتورية في عهد أقوى الدكتاتوريات العربية والذي منع في تونس من التصوير وصورناه في المغرب وأمريكا، وكان آخر فيلم لشريهان، التي نشرت صورة لها مع جميل راتب من فيلم «كش ملك»، الذي لم تكلف التلفزة التونسية نفسها مجرد ذكره رغم أنني كنت من مؤسسيها واكتفت بفلمي «شيشخان» و"صيف حلق الوادي"... جميل راتب لم يأخذ الصدارة في مصر رغم أنه ابن هوليوود الشرق، بل إنه أصبح يحظى بالمشاركة في الأعمال المصرية في أدوار هامة إثر بروزه في الخارج وتحديدا في فرنسا في المسرح وفي السينما، بينما في تونس شارك في مسرحية «عطيل» لعلي بن عياد، وكان بطلا في ثلاثة أفلام وهي «كش ملك» لرشيد فرشيو، و"شيشخان" لمحمود بن محمود وفاضل الجعايبي، و"عصفور السطح" لفريد بوغدير. الفنان جميل راتب إنسان "حبوب" وملتزم، وممثل قدير وابن عائلة كما هو متعارف عندنا، يتقن دوره باللغتين العربية والفرنسية، ويحفظ جيدا، وكان العمل معه في «كش ملك» ممتعا رغم الصعوبات والعراقيل التي حفت بتصوير الفيلم، وأول ما عرفت جميل راتب على المباشر كان سنة 1971، بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، وقتها كان مدير المركز السوري شريف خزندار والرئيس الشرفي للمركز اللبناني سيسيل حوراني وهو أيضا كان مستشارا للزعيم الحبيب بورقيبة. ومنعت آنذاك من تصوير فيلم يسرى في المركز وتحديدا المسرح بتعلة أن المركز ذو بعد دولي، فهجت ومجت ووصل الأمر إلى مسمع بورقيبة الذي أقال المسؤول عن المركز الثقافي الدولي بالحمامات، وعين مكانه الطاهر قيقة، هذا تاريخ ذكرته لأن ذلك تزامن مع تمارين مسرحية «عطيل» لعلي بن عياد بالمركز. الممثلة كوثر الباردي جميل عرفني بالجعايبي رحم الله الفنان الكبير جميل راتب، الذي كنت محظوظة بالعمل معه في فيلم «الانتفاضة» لأحمد الخطيب، وبطولة فريد شوقي وماجدة الخطيب، إلى جانب الممثلين أمينة رزق ويوسف شعبان ومحسنة توفيق ومنى واصف، وجهاد سعد وهشام سليم...، وصورنا هذا الفيلم في سوريا، وبعد فيلم «الانتفاضة»، الفنان جميل راتب هو من عرفني بالفنانين في تونس ومنهم المسرحي فاضل الجعايبي، وبالتالي كان سببا في أن أكون معه في فيلم «شيشخان». الفنان جميل راتب، فنان قدير وإنسان رائع بما تحمله الكلمة من معنى، وهو كان يتعامل مع عديد الجمعيات، وبرز في عديد الأعمال المسرحية والسينمائية في فرنسا وفي تونس، وبجانبي الآن المخرج المسرحي عبد العزيز المحرزي، الذي يؤكد أن جميل راتب جسد دور «ياقو» في مسرحية «عطيل» لعلي بن عياد، وكان معه عديد الممثلين التونسيين على غرار مخرج المسرحية علي بن عياد والسيدة منى نور الدين والفنان جميل الجودي والممثلة أنيسة لطفي... الممثل جمال ساسي لا أنسى حفل دار زروق الفنان الراحل جميل راتب كان ممثلا عظيما، تعامله مع زملائه إنساني إلى أبعد الحدود، وهو شخص متواضع جدا، والتواضع من شيم الكبار، التقيته سنة 1994 مرتين أثناء تصوير فيلم «عصفور السطح» أو «ليلة في حلق الوادي»، أذكر أنه عندما أنهى تصوير المشاهد الخاصة به بدار زروق في سيدي بوسعيد، احتفل بنا عنده في مقر إقامته بتونس، بدل أن نحتفل به نحن، وأقام مأدبة عشاء دعا إليها فريق العمل بالفيلم. هو ممثل من طينة الكبار و"يرى بالعشرة"، ذاع صيته كنجم عربي، لكنه كان يمكن أن يكون نجما عالميا في التمثيل، وبرحيله فقدت الساحة الفنية والسينمائية تحديدا فنانا قديرا، شخصيا كانت لي فرصة لقائه والحديث معه خلال فعاليات الدورة الماضية من أيام قرطاج السينمائية، التي أصر على حضورها حبا في تونس وفي أصدقائه هنا، واسترجعنا في لقائنا ذكريات تصوير «عصفور السطح» والطرائف التي عشناها آنذاك.. رحم الله الفنان جميل راتب.