على إثر الأمطار الطوفانية التي عمت ولايات عديدة والتي تسببت في فيضانات وكوارث راح ضحيتها سبعة مواطنين هاهو جامع الزيتونة يستغيث بعد ان غمرت المياه سقفه . وأصبح مهددا بالانهيار.. تونس – الشروق: وقد أشار الشيخ الزيتوني لطفي الشندرلي رئيس المركز الدولي لحوار الحضارات إلى أن جامع الزيتونة أصبح مهددا من عديد الجوانب. و للتذكير فإن إمام وخطيب المسجد الحرام والمستشار بالديوان الملكي صالح بن عبد الله بن محمّد بن حميد أكد ان المملكة العربية السعودية قدمت هبة لتونس خلال شهر فيفري بأكثر من 3ر5 ملايين دولار (اكثر من 20 مليون ريال سعودي أي حوالي 6ر12 مليون دينار تونسي ) لترميم جامع الزيتونة وجامع الملك عبدالعزيز بالمنار بالعاصمة تونس. وإلى يومنا هذا لم يقع أي ترميم وأي أشغال فجامع الزيتونة يستغيث فهل من منقذ ...؟ وأضاف لطفي الشندرلي أن جامع الزيتونة المعمور أصبح مهمشا بعد هجران أئمته إلى الخارج كرها نذكر منهم على سبيل المثال الإمام عربي لكثيري حتى أصبح جامع الزيتونة مرتعا لمن هب ودب يؤمه المؤذنون الذين لا يفقهون شيئا على حد تعبيره. فجامع الزيتونة مهد العلم والعلماء لا تجد فيه من يعلم القرآن ويربي النشء على الوسطية والاعتدال ناهيك عن وجود عناصر سلفية متشددة موجودة داخل البيت مترصدين كل زائر. بالطرد والإهانة بتعلة أنهم غير مسلمين وغير محجبات . نبذة تاريخية عن الجامع جامع الزيتونة المسجد الثاني في افريقيا بعد مسجد عقبة بن نافع في القيروان، وأمر القائد المسلم حسان بن النعمان ببنائه سنة 76 هجريا، واكتمل بناء الجامع في عهد القائد عبيد الله بن الحباب، واستغرق بناؤه أعواما عدة حيث تميز المسجد بفخامة بنائه وحسن زخرفته، وتروى العديد من الروايات حول أصل التسمية إلا أن الراجح أنها أطلقت لوجود شجرة زيتون مكان الجامعة، فأصبح اسمه استئناسا بهذه الشجرة. كانت تونس تمثل نقطة هامة للوجود الإسلامي في أفريقيا، وجذبت إليها آلاف المهاجرين ليعمروها ويعيشوا في ربوعها الخضراء، وكان هذا البلد المدخل الطبيعي لأفريقيا لموقعها الاستراتيجي وبقي كذلك لقرون طويلة، وقصد الأئمة والفقهاء والعلماء جامع الزيتونة ليصبح منارة للعلم في أفريقيا، ويعتبر الجامع قبلة لطالبي العلم، ويأتيه الداخلون الجدد في الإسلام لتلقي علومه والعودة إلى مواطنهم في أفريقيا لينشروا تعاليم الإسلام السمحة. عندما تأسست دولة الأغالبة في تونس لقي الجامع المزيد من العناية والاهتمام، ليصبح أول مدرسة فكرية ومعهد علمي نموذجي في الإسلام وفي العالم، وليس مستغربا أن يعد الزيتونة أول جامعة في العالم حيث توسعت العملية التعليمية ونظمت، وظهرت العديد من الأسماء الكبيرة في التاريخ الإسلامي في جامع الزيتونة ومنهم أسد بن الفرات الفقيه المالكي المعروف، وأيضا المفسر الفقيه محمد ابن عرفة ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون. مثل الجامع أيضا همزة الوصل بين المشرق العربي ودول المغرب، فكان يمثل مدخلا طبيعيا للثقافة المغربية المتميزة، وأثنى العديد من أعلام المشرق على دور الجامع الديني والعلمي ومنهم الأمير شكيب أرسلان الذي يراه الى جانب الجامع الأزهر والمسجد الأموي من الحصون للدفاع عن اللغة العربية والشريعة الإسلامية، وهذا مثال واضح على الدور المثالي الذي يتحمله المسجد في الحياة الإسلامية، فلا يقتصر دوره على أداء العبادات ولكن يتخطى ذلك إلى دور اجتماعي وتنموي فاعل. بقي الجامع طيلة القرون الماضية يخرج العلماء والفقهاء الذين استطاعوا أن يثبتوا الوجود الإسلامي في افريقيا، ومنه تخرج رجالات الدولة فلا تقتصر قائمة من تلقوا علومهم في الجامع على إبراهيم الرياحي ومحمد النخلي ومحمد الطاهر بن عاشور، ومحمد الخضر حسين الذي أصبح شيخا للأزهر واهتم حكام تونس على تعاقب دولهم بالجامع الذي أخذ يشغل مكانة رفيعة وأثيرة لدى كل حاكم لتونس، فكان التنافس بينهم على العطاء الجزيل للجامع وإدخال التوسعات والقيام بأعمال الصيانة والترميم، وأصبح الاحتفال بالمناسبات الدينية طقسا يحرص عليه ملوك تونس وأمراؤها. في التاسع عشر من رمضان 1475 هجريا (1956 م) أصدرت الحكومة التونسية قرارا بتحويل جامع الزيتونة إلى جامعة عصرية حملت نفس الإسم، وبدأت الجامعة تدرس بأساليب عصرية اعتبارا من تلك السنة ومن خلال خمس كليات وأضيفت العديد من المعاهد العالية أهمها المعهد العالي لدراسات الإسلام ومعهد الحضارة الإسلامية، وتمنح الجامعة شهائد الباكالريوس والماجستير والدكتوراه، وبها قسم مهم لدراسات العمارة الإسلامية والفنون التراثية الإسلامية، وتدرس الجامعة أيضا تخصصات أخرى بالإضافة إلى الدراسات الإسلامية مثل علم الاجتماع، وعلم النفس والانثربولوجيا، وعلم الاقتصاد، واللغات الأجنبية. يدرس الآن في الجامعة أكثر من ألف ومائتي طالب في مرحلة الباكالريوس وثلاثمائة وخمسين طالبا في الدراسات.
