كشفت مصادر سياسية عراقية عن بدء مفاوضات أمريكية سرية مباشرة مع الرئيس العراقي صدّام حسين في معتقله تهدف الى وقف أعمال المقاومة وإعادة تشكيل حزب البعث وإشراكه في الانتخابات المقبلة وإ طلاق سراح صدّام مع إبعاده عن واجهة السلطة. لكن حزب البعث العربي الاشتراكي أكد رفضه أي وساطة مع قوات الاحتلال وتمسّكه بالرئيس صدّام حسين. وقال أحد الوسطاء العراقيين رفيعي المستوى في الحكومة المعينة ان الولاياتالمتحدة بدأت بمحاورة صدام في معتقله بشكل مباشر مشيرا الى أن الادارة الأمريكية أوفدت مسؤولا كبيرا في وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي أي ايه) الى بغداد للتفاوض مع صدام. مفاوضات مضنية وأوضح المصدر أن المفاوضات تركزت حول وقف أعمال المقاومة وتهدئة المناطق التي يعتقد الأمريكان أن البعث يسيطر عليها، والسماح للبعث بالمشاركة في العملية السياسية ولكن بمسمّى آخر ودعم قوات الاحتلال لمرشحي البعث في الانتخابات المقرّر اجراؤها في جانفي المقبل. ودارت المفاوضات كذلك حول تبرئة صدام وإطلاق سراحه مقابل إبعاده عن واجة السلطة والاكتفاء بتسليمه مهام حزبية فقط ضمن حزب البعث الذي سيتخذ تسمية جديدة. وكشف الوسيط العراقي أن الادارة الأمريكية أوعزت لرئيس الحكومة المنصبة إياد علاوي القيام بخطوات «حسن نوايا» حسب وصفه تتمثل في الغاءقانون اجتثاث البعث وحل اللجنة التي أنشئت لهذا الغرض ثم إعادة الجيش العراقي السابق الى العمل. وأشار الوسيط الى اجراء مفاوضات غير مباشرة بين الامريكيين والبعثيين قبل التفاوض مباشرة مع صدّام. وقال قيادي بعثي كبير خارج الأسر إن مسؤولين أمريكيين وعراقيين من الحكومة الموقتة بدأوا مؤخرا بإجراء اتصالات مع القيادات البعثية عبر وسطاء دوليين وعراقيين. وأكد أن الوسطاء الدوليين أبلغوا البعثيين «بالنوايا الحسنة» الأمريكية للتفاوض وعرض عليهم عدة مقترحات للتوصل الى حل يرضي الجانبين بهدف تهدئة الأوضاع المتفجرة في العراق وخاصة في المناطق التي يعتقد الأمريكيون أن البعثيين يلعبون دورا كبيرا في أعمال المقاومة فيها كالموصل وسامرّاء وبعقوبة. وأكدت قيادات بعثية كبيرة من الموصل والأنبار وبغداد أن جولة مفاوضات مضنية وطويلة دارت بين الأمريكان والبعثيين عبر الوسطاء الدوليين لكنها لم تصل الى أي نتيجة لسببين أولهما اقتناع الكثير من قيادات البعث بأن النصر قادم بعد ارتفاع وتيرة المقاومة وأما السبب الثاني فهو اصرار البعثيين على اعتبار صدّام الأمين العام الشرعي للحزب وبالتالي بجب التفاوض معه. شروط البعث ووضعت القيادات البعثية ثلاثة شروط للاستمرار في المفاوضات وهي اطلاق سراح الرئيس صدام حسين وكبار مساعديه الذين أسروا بعد احتلال العراق دون أي قيد أو شرط وتأمين سلامتهم الشخصية وتحديد تاريخ زمني لخروج قوات الاحتلال من العراق وإلغاء كافة الاجراءات والقوانين والهيئات المترتبة عن الاحتلال. وأكد حزب البعث في بيان له تمسكه بقيادة الأمين العام للحزب صدام حسين وبقية المسؤولين الذين وقعوا بالأسر. واعتبر البيان أن تسليم صدام مهام حزبية فقط ضمن حزب البعث الذي سيتخذ تسمية جديدة يحمل إهانة للبعث الذي استعصى على القوى الأمريكية والصهيونية. وأضاف البيان ان الادارة الأمريكية بدأت تعدّ شعبها لتقبل الهزيمة في العراق بعد أن صرح وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بأن سحب قوات الاحتلال غير مرتبط بالضرورة باستتباب الأمن هناك.