تنطلق غدا الثلاثاء، الدورة البرلمانية العادية الخامسة. وهي الخطوة الأخيرة في عمل البرلمان الحالي، خطوة مثقلة بصراعات سياسية تحدث خارج أسوار البرمان. وسرعان ما ستنتقل الى كواليسه. تونس (الشروق) دورة من المنتظر أن يغلب على ملامحها الطابع السياسي عوض العمل التشريعي الذي يمكن أن يتعرض الى حالة انسداد، خاصة بعد أن انقلبت كل المعادلات في المشهد البرلماني. يعقد مكتب مجلس نواب الشعب، يوم الاثنين، اجتماعا ستتم خلاله مناقشة الترتيبات المتعلقة بالجلسة العامة التي ستنعقد يوم 2 أكتوبر والتي ستُمثّل انطلاقة الدورة البرلمانية الخامسة، من الفترة النيابية الأولى للبرلمان الحالي . دورة أخيرة دورة برلمانية أخيرة، ينتظرها طابور طويل من النصوص التشريعية، منها ما علق في اللجان ولم يصل الى مرحلة إحالته الى الجلسة العامة، ومنها ما بلغ الجلسة العامة وتم تأجيل النظر فيه، لسبب أو لآخر، ومنها ما دخل البرلمان حديثا ولم يصل حتى الى اللجان المختصة . سلسلة طويلة من النصوص التشريعية، يصعب على البرلمان إنهاؤها. وبالتالي فمن المنتظر أن يسعى الى حسم النصوص التي لها طابع اقتصادي والنصوص المستعجلة، والتي تُمثل آليات ضرورية للحكومة. لكن خارج المعطى القانوني، فإن الدورة البرلمانية الأخيرة، من المنتظر أن تكون «سياسية « بامتياز. فخارج منطق الصراع الفكري على المضامين التشريعية، ستكون هذه الدورة فرصة أخيرة للراغبين في العودة الى البرلمان، لاستقطاب ما أمكن من ناخبين قادرين على ضمان مقعد في البرلمان القادم . الصبغة السياسية لهذه الدورة، من المنتظر أن تتكثّف تدريجيا لتصل أقصاها في الأمتار الأخيرة لعمل البرلمان.وما يزيد حدة، انطلاق هذه الدورة في ظل أزمة سياسية حادة تعصف بتونس منذ فترة. فكل تفاصيل الخلاف القائم بين «القصبة» و»قرطاج» وبين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي... سيتم نقلها الى قلب البرلمان، لتتحول كواليسه من مساحة للبحث عن توافقات حول النقاط الخلافية في النصوص التشريعية، الى حلبة للصراع السياسي بين الفرقاء . انقلاب المعادلات وما يزيد الأمر تعقيدا، هو انقلاب كل المعادلات السياسية في المشهد البرلماني، خاصة بعد الخلاف الأخير بين حركة النهضة وحركة نداء تونس، والقطيعة التي احتلت مكان التوافق الذي جمع الحزبين منذ بداية أشغال البرلمان. هذا الانقلاب يمكن أن يجر حزب النداء الى شق صف المعارضة بعد أن كانت كتلة نداء تونس هي الكتلة الأولى في البرلمان. وسيساهم في تعقيد الأمور أكثر في ما يتعلق بالمصادقة على القوانين التي تتطلب أغلبية مطلقة أو على عضوية الهيئات التي تتطلب أغلبية ثلثي نواب البرلمان. أصبح المشهد البرلماني، أكثر بعثرة من الدورة البرلمانية الأولى. وأصبح ائتلاف السلطة أكثر هشاشة. فبعد أن كان الائتلاف الحاكم يمتد على أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان، أصبح الآن بالكاد يجمع الأغلبية المطلقة، بتنسيق بين كتلتي النهضة والائتلاف الوطني . التوتّر السياسي في البرلمان سينطلق بوتيرة متسارعة، منذ بداية مناقشة مشروع ميزانية 2019 وشروع قانون المالية لسنة 2019، في شهر أكتوبر.فالخلافات السياسية سيتم إسقاطها على التوجهات الاقتصادية. وستكون النقاشات في هذين النّصين، مفعمة بالصراعات والخلافات، حتى أن فرضية إسقاطها أصبحت مطروحة بأكثر جدّيّة، خاصة إذا قرّر نواب نداء تونس التصويت ضدها . صراع أيديولوجي النقاشات السياسية و توتراتها، يمكن أن تتحول الى خلافات أيديولوجية، إن قرّر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إحالة بعض مضامين تقرير لجنة الحريات الى البرلمان. وطلب مناقشتها، حينها سيتحول البرلمان الى سماحة لصراع الكل ضد الكل، خاصة أن هذا الملف أثار خلافات حتى بين نواب الكتلة الواحدة والحزب الواحد، وبالتالي ستتحول الصراعات من الاطار السياسي الى الاطار الأيديولوجي وتصبح أكثر خطورة .