لماذا تنكرت للباجي واستبدلته بيوسف؟ هذا تقريبا ملخص رسالة الامتعاض التي وجهها مؤخرا بعض النهضويين إلى الغنوشي… في النهضة موقفان متضادان أحدهما يميل إلى قايد السبسي والثاني إلى الشاهد ولكن من منهما ينفع الحركة أكثر من الثاني؟. تونس الشروق: عادل العوني «رأيتم أن الوقت مناسب لتشق الحركة طريقها، في اتجاه تغيير قواعد التوافق… هذا الموقف يتحول مع مرور الوقت من موقف سياسي إلى خط استراتيجي، بدا لنا مناقضا لخط التوافق المعتمد سابقا، دون عودة إلى المؤسسات في مراجعة الخيارات والخطة السنوية ودون أي أفق سياسي واضح…». هو نوع من الامتعاض والعتاب توجه به عدد من النهضويين إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي في رسالة «يقف وراءها مستشاره السياسي لطفي زيتون» وفقا لتقديم موقع الرأي الجديد الذي نشر الرسالة. الخلاف بين أصحاب الرسالة التي تحمل تاريخ الثالث من أكتوبر الجاري وبين المرسل إليه (الغنوشي) يرتكز حول الأنفع للحركة من بين الباجي والشاهد فما هي مستندات كل طرف من الطرفين النهضويين؟. «لا تحافظ على عهودها» يمكن لمن يتدبر أمر الرسالة أن يقف على ملاحظة مهمة فهي تكشف في ظاهرها عن رأيين مختلفين حول هوية الشخصية الأنفع للحركة (الشاهد أم الباجي) ولكن التدقيق فيها يظهر وجود آراء ثلاثة متضاربة صلب الحركة يميل أولها إلى الدفاع عن التوافق مع الباجي وحزبه نداء تونس ويدافع ثانيها على فكرة استبدال قايد السبسي بالشاهد ويدعو ثالثها إلى ضرورة الحياد والإبقاء على ما هو قائم. ننطلق من الرأي الأول لنلاحظ أن لأصحابه مبررات معقولة فالباجي وحزبه وفرا الحماية اللازمة لحركة النهضة في فترة خطرة من حياتها ومكّناها من المشاركة في الحكم فيما كانت العديد من الأصوات الداخلية والخارجية (خاصة منها الإقليمية) تعارض فكرة الإسلام السياسي. صحيح أن قوة النداء ومرشحه تتلاشى يوما بعد آخر ولكن هناك خطورة بالغة على الحركة أهمها أنها ترسخ في الأذهان «صورة النهضة التي تدمر كل من يتحالف معها والتي لا تحافظ على عهودها» وفق العبارات التي استعملها أصحاب الرسالة. طي صفحة الباجي في المقابل يبدو رئيس الحركة راشد الغنوشي وأتباعه ميالين إلى استبدال الباجي بالشاهد وهو ما نكتشفه من دفاعه المستميت عن الحكومة واستخفافه برئيس الجمهورية وحزبه نداء تونس في المطالبة بإقالتها فضلا عن اعتراف أصحاب الرسالة بميل الغنوشي إلى التوافق مع الشاهد عبر قولهم للغنوشي «رأيتم أن الوقت مناسب لتشق الحركة طريقها، في اتجاه تغيير قواعد التوافق». هذا الموقف يحمل هو الآخر مبررات معقولة فالباجي بلغ من فترات الضعف أشدها وحزبه نداء تونس يتلاشى يوما بعد آخر فيما يزداد الشاهد قوة بالتوازي مع كتلة الائتلاف الوطني المفترض أن يتزعمها في الوقت المناسب ما يعني أن التوافق مع يوسف لا يوفر الاستقرار السياسي فحسب بل يضمن أيضا شريكا مستقبليا قويا في توافق يفيد الحركة. النهضة تتطور وتتأقلم بناء على ما يؤمن به زعيمها، ومنفعتها تقتضي طي صفحة الباجي وفتح صفحة جديدة في رأسها (en - tete) يوسف الشاهد سواء تزعم «الائتلاف الديمقراطي» أو ارتأى تجميع النداء من حوله. لكل خيار مرارة الخياران المتضادان ينفعان الحركة لكن كل واحد منهما يخلف آثارا جانبية قد تضر بها فلو تمسكت بالسبسي وحزبه في طبعته القديمة فقد تراهن على جواد خاسر لاسيما إذا نالا نتائج كارثية في الانتخابات القادمة. ولو استبدلته بالشاهد فإنها تفقد معركتها السياسية الأخلاقية تجاه من يتهمها بالأنانية والوصولية وتدمير حلفائها في سبيل تحقيق مصلحتها. المفاضلة الصعبة تطرح من زاوية أخرى وهي زاوية الحماية الخارجية فالباجي تصدى في السابق لخصوم النهضة وخاصة منهم الخليجيين بفضل علاقاته الخارجية الجيدة وقدرته على المناورة والمحاججة. أما الشاهد فيستند إلى مباركة خارجية أهمها رضى الولاياتالمتحدة وفرنسا وصندوق النقد الدولي عن سياسته ما يجعله راعيا أمينا وحاميا جيدا لأي طرف سياسي يقبل بالتوافق معه. الإشكال أن الباجي الذي لم يخن العهد خلال فترة قوته بات ضعيفا ولا شيء يوحي بعودته إلى ما كان عليه وفي المقابل يغلب على يوسف الطموح السياسي المبالغ فيه مما يجعله غير مضمون (علينا أن نستحضر في هذا المجال تخوفات سيد الفرجاني منه). الحل في الحياد؟ يبدو الحل (حسب رأينا) في ما انتهى إليه أصحاب الرسالة من أنه «ليس هناك من مخرج من الأزمة السياسية الحالية إلا بالعودة إلى سياسة التوافق، والمحافظة على التوازن بين المؤسسات الدستورية. وهذا يقتضي من الحركة التوقف عن الانخراط في النزاع، والإنتصار لطرف على الآخر. والمبادرة من جانبكم (يقصدون الغنوشي) بإصلاح العلاقة مع رئيس الجمهورية». هذا ما أشرنا إليه سابقا بوجود رأي ثالث لا يدافع عن الباجي في شخصه ولا يرفض الشاهد في صفته بل يدعو إلى نوع من الحياد يحمل جانبا سلبيا وآخر ايجابيا في الآن ذاته: أما السلبي فيقتضي عدم التدخل في أزمة النداء الداخلية عبر تغليب طرف منها على الآخر (عدم دعم الشاهد وعدم الانتصار للباجي وابنه). وأما الإيجابي فيتطلب التدخل لإصلاح العلاقة بين الباجي والنهضة من جهة وحتى بين الباجي والشاهد من أخرى حتى يتم إنقاذ النداء والحفاظ على قوته وإدامة التوافق معه بغض النظر عمن يقوده. النهضة في مأزق حقيقي، فهي في حاجة ماسة إلى شريك مدني وحداثي تتوافق معه وتشاركه الحكم وتحتمي به وتحقق معه الأغلبية البرلمانية، وفي ظل الغموض الذي يلف المشهد السياسي الحزبي عليها أن تغامر من الآن بتحديد شريكها فإما أن تصيب في اختيارها وتتفرغ لاحقا للاحتفال وإما أن تختار ركنا تكتفي فيه بعض أصابعها ندما. من التوافق إلى التعايش «التوافق بين النهضة والسبسي انتهى منذ مدة، والآن نحن في مرحلة التعايش بين الجانبين» هذا ما نقله موقع «العدسة» عن المحلل السياسي خالد عبيد الذي أضاف أن «السبسي قدم الكثير من الخدمات للنهضة، كما ضحى بسمعته السياسية، بينما لم تجاره النهضة في قراراته ومن بينها أساسا إقالة رئيس الحكومة». التكتل يقترح «خارطة طريق» اقترح حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ما اعتبره «خارطة طريق» لإنجاح الانتخابات القادمة والخروج مما أسماه «الأزمة الشاملة» التي تمر بها البلاد. وأكد الحزب، على ضرورة تركيز المحكمة الدستورية بعيدا عن التجاذبات الحزبية وبأغلبية ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب، لضمان اعلى درجات الكفاءة والحياد لمن سيعينهم المجلس، وتركيز بقية الهيئات الدستورية ودعمها بكل الامكانيات، حتى تضطلع بدورها الموكول لها مثل هيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. كما أبرز أهمية التسريع في انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعويض أعضائها المستقيلين، بالإضافة الى دعم السلطة القضائية والقطب القضائي الإقتصادي والمالي حتى يضطلعا بدورهما في مقاومة الفساد والحد من ظاهرة الافلات من العقاب (رغم تكريسه بقانون المصالحة الإقتصادية الذي لم يكن ليمر لو وجدت المحكمة الدستورية). وشدد على ضرورة إيقاف النزيف على المستوى المالي والاقتصادي خاصة انزلاق الدينار والتضخم، من خلال التحكم في الميزان التجاري، وكذلك المحافظة على المرفق العام وعلى منظومات الانتاج الموجودة، والتحرر من اللوبيات والعمل للصالح العام وتنفيذ برنامج تعصير الادارة، داعيا الى مصارحة الشعب بالواقع وبالإخفاقات والابتعاد عن «الاعلانات الجوفاء لحلول غائبة»، وعن استعمال بعض المؤشرات بصفة انتقائية للتضليل وتلميع الصورة.