لئن تحيل الاستقالات الأخيرة في الكتلة البرلمانية لنداء تونس وفي عدد من تنسيقاته الجهوية الى حديث البعض عن الزوال التدريجي للحزب فإن عودته المرتقبة الى افتكاك الموقع الثاني في البرلمان بعد اندماج حزب الوطني الحر فيه تدفع الى استشراف قدرته على استعادة إشعاعه. تونس «الشروق» ومن استقالة عدد من نوابه مرورا باستقالة عدد من تنسيقاته الجهوية ورفض وزرائه دعوة المدير التنفيذي الى مغادرة الحكومة وصولا الى خروج منير بن ميلاد من عضوية لجنة إعداد المؤتمر توقع المراقبون نهاية حزب تونس لصالح مشروع سياسي يعمل على إنجازه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، غير أن أحداث نهاية الاسبوع أتت بالجديد باندماج الوطني الحر في حزب النداء والذي جدد الأمل للندائيين باستعادة الاشعاع السابق. فهل سيقدر النداء على الصمود وافتكاك موقعه الأول؟ الحزب رهين التحولات السياسية في المقابل يبدو أن مستقبل نداء تونس لم يعد بين أيدي أصحابه. وهو رهين التحولات السياسية والتحالفات الجديدة. ويرى في هذا السياق الناشط السياسي والنائب المؤسس رابح الخرايفي أن استشراف وضع نداء تونس يخضع لمقاربة في مستويين أولا الحزب من جهة التمثيل في السلطتين التنفيذية والتشريعية وثانيا الحزب من حيث القواعد والناخبين. حيث أن القاعدة الحزبية للنداء في رأيه موقع المنعرج بين ترقب إصلاح قادم قد ينطلق من افتكاك الموقع الثاني في البرلمان وتشكيل جبهة سياسية واسعة أو الاصطفاف وراء المشروع السياسي الذي ينوي الشاهد إعلانه. وكل هذه المعطيات تضع مستقبل الحزب في منطقة رمادية مفتوحة على عدة سيناريوهات منها تواصل حالة الانقسام فيه أو العودة بتمظهر جديد أوسع. مخاوف وشروط ومن جهته يرى أستاذ القانون والناشط السياسي المستقيل من المكتب التنفيذي لحزب نداء تونس توفيق بوعشبة أن إعلان إنهاء التوافق مع حزب حركة النهضة الذي كان منطلق عزم قيادة نداء تونس على العودة الى الإشعاع القديم في رأيه قد لا يكون حتما نهائيا. وقد يدخل في إطار نوع من المسرحية طمعا في استرجاع أصوات من صوتوا للنداء في انتخابات 2014معتبرا أنه من المطلوب أن تكون هناك مساءلة حول فقدان الهياكل الجديرة بحزب سياسي محترم. واعتبر بوعشبة أنه لا يمكن الاطمئنان إلى المؤتمر الموعود طالما أن القيادة التي يعتبرها عبثت بالحزب هي ذاتها التي تعتزم تنظيم المؤتمر مضيفا أن تركيبة لجنة إعداد المؤتمر تبدو غير مقنعة. وإنه في جميع الحالات في رأيه لا يمكن لحزب حركة نداء تونس أن يحظى في الانتخابات التشريعية و الرئاسية المقبلة بما حظي به في انتخابات 2014. و«نداء تونس لم ينته، هو مكسب حفظ التوازن السياسي في البلاد. وهو امتداد للحركة الدستورية والحركة الاصلاحية البورقيبية». على هذا النحو كانت إجابة القيادي في نداء تونس انيس معزون ل«الشروق» التي أردفها بجملة من الشروط الموضوعية لعودة إشعاع حزب نداء تونس. أهمها أن تكون الفترة القادمة مرحلة التجميع بعيدا عن تصفية الحسابات الضيقة. الأمل الأخير ويرى معزون أن تواصل الحزب بات مشروطا بالجدية في التعاطي مع الأزمة التي يمر بها النداء والتي لم يلمسها سواء في عملية اختيار أعضاء لجنة إعداد المؤتمر أو في التعاطي مع استقالات النواب والمناضلين الجهويين والتي تعاملت معهم القيادة بمنطق « بالسلامة وربي يوجهو خير» عوض احتوائهم والاستماع الى مشاغلهم. وعلى الرغم من قرب موعد مؤتمر النداء ( جانفي 2019) الا أن جل البوادر لا تبعث على التفاؤل وفق أنيس معزون الذي لم يخف الخشية من أن يكون المؤتمر القادم نسخة رديئة من مؤتمر سوسة التوافقي مستندا في ذلك الى القيادة الارتجالية و غياب الرؤية اللوجستية ايضا لتوزيع الانخراطات وتنظيم المؤتمرات المحلية والجهوية والقاعدية في ظل إغلاق العديد من مقرات الحزب. وخلص معزون الى أن المؤتمر القادم لنداء تونس يعد الأمل الأخير للحزب وأن هذا الامل لن يتحقق الا بتراجع القيادة الحالية المرفوضة من الرأي العام الوطني والحزبي وبرفع التجميد على رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبالعمل ايضا على استرجاع أغلب القيادات التاريخية التي غادرته. ومن جهته كشف النائب حسن العماري من كتلة نداء تونس ل"الشروق" أن المكتب السياسي الموسع المنعقد في المنستير أمس قد ثبت موعد المؤتمر الانتخابي القادم الذي سوف يكون بين 25 و27 جانفي القادم أملا في أن يكون ديمقراطيا وشفافا وأن يثبت الحزب في موقعه الريادي مضيفا أن العائلة الندائية لم تفقد الأمل على امتداد جل الاشكاليات والازمات التي عاشها الحزب الا أن نداء تونس في رأيه يبقى فاعلا سياسيا مهما في المشهد السياسي والبرلماني. وإن عودة إشعاعه ستتأكد في الأيام القادمة.