كلّما أنعم الله بالأمطار على البلاد ظهرت ملفات الفساد للعيان في مجال البنية الاساسية التي تنخر البلاد منذ الاستقلال وخاصة بعد 14 جانفي التي عرفت فيها البلاد أهوالا لم تعرفها طيلة تاريخها المعاصر في كل المجالات. ورغم الهيئات التي تم احداثها لمقاومة الفساد لم يلاحظ المواطن المقهور شيئا يذكر في مجال المحاسبة، فقد فضحت الآمطار التي بدأت هذا العام مبكرا منذ بداية شهر أوت الماضي هشاشة البنية الأساسية في الجسور والطرقات وقنوات تصريف المياه وهو الملف الذي تصمت كل الحكومات على مواجهته بل تمنح الصفقات الجديدة وعروض المقاولات لشركات ثبت بالدليل فسادها وعدم التزامها بكراس الشروط والمواصفات التقنية والفنية فمع قليل من الامطار تتحوٌل عديد الطرقات الى مجرٌد ذكرى ويكفي الرقم الذي قدٌمته أمس وزارة الداخلية عن 42 طريقا مقطوعة لكشف هذا النزيف من الفساد في مجال صفقات البنية الأساسية . فقبل 14 جانفي كان هناك فساد بلا شك لكن كانت هناك أجهزة رقابية وكان منح الصفقات العمومية يخضع لمقاييس صارمة ولكن خلال الثماني سنوات الآخيرة تحوٌل اهدار المال العام من خلال عدم احترام المواصفات ومنح الصفقات تحت ضغط أحزاب ومنظمات وجمعيات ومراكز نفوذ ظاهرة أشتكى منها عديد المقاولين ورجال الأعمال ممن لا سند لهم وازداد الوضع سوءا بغياب ثقافة المحاسبة والعقاب. لقد عرَّت الامطار التي كان يستبشر بها التونسيون عمق الهاوية التي سقطت فيها تونس فقد سقطنا في «قمّة» حقيقية تحت اسم مرّة «الثورة» ومرة أخرى «الانتقال الديمقراطي» في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في هاوية لا قاع لها!