طوال الأشهر الماضية تمكن يوسف الشاهد من كسب الكثير من الوقت في صراعه السياسي للبقاء أطول فترة ممكنة على رأس الحكومة غير أن ذلك قد ينقلب في الفترة القادمة الى ضغط ثقيل لعدة أسباب. تونس (الشروق) طيلة أكثر من نصف عام خيّر رئيس الحكومة يوسف الشاهد العمل على كسب الصراع الدائر بينه وبين شق رئيس الجمهورية استنادا الى عامل الوقت. لكن التطورات القادمة قد لا تسمح له بالمواصلة في المسار نفسه لعدة اعتبارات؟ صمت وربح للوقت باستثناء تصريح تلفزي مقتضب منتصف الصائفة الماضية للتعبير عن موقفه مما يجري في حزب نداء تونس، لم يفصح الشاهد عن ردّه على الدعوات المطالبة بإقالته أو التي ربطت بقاءه بعدم الترشح لانتخابات 2019. وواصل الشاهد انتهاج أسلوب الصمت تجاه دعوة رئيس الجمهورية في خطابه التلفزي الأخير التي دعاه فيها الى التوجه الى البرلمان لطلب نيل الثقة. وهو الأسلوب نفسه الذي تعامل به مع دعوات عديد الاطراف الى اجراء تحوير وزاري وايضا مع الانتقادات العديدة التي اتهمت أداء حكومته بالضعف في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتنموي . وتواصل اسلوب الصمت لدى الشاهد في التعامل مع قرار حزب نداء تونس تجميد عضويته وفي الرد على اتهامه الصريح من قيادات النداء ب»تكسير» الحزب وبافراغه من مكوناته ومكونات كتلته البرلمانية لفائدة الكتلة الجديدة « الائتلاف الوطني» واستعداده لتأسيس حزب جديد، تماما مثل صمته تجاه اعلان نهاية التوافق بين النهضة والنداء وتجاه اعلان النهضة الدخول في شراكة معه وايضا تجاه انضمام حزب الاتحاد الوطني الحر الى حزبه نداء تونس.. تقلبات عديدة تعامل معها الشاهد بصمت وصفه الملاحظون ب»المريب» وكذلك بالغريب مع اختلاف في تقييم تبعات هذا الصمت . أمام الأمر الواقع يرى شق من المتابعين أن الشاهد سيستفيد من هذه السياسة أي سياسة ربح الوقت اعتمادا على « تكتيك» الصمت ليتمكن من البقاء مدة أطول في الحكم . وسيكون ذلك حسب أصحاب هذا الرأي بوضع كل الأطراف أمام الأمر الواقع كلما اقترب موعد انتخابات 2019 ليتخلوا عن فكرة تنحيته. ويكون ذلك من خلال محاولة ارساء قناعة لدى الرأي العام الداخلي وحتى الدولي بأن تنحيته واقالة حكومته وتغييرها بأخرى ستكون غير ذات معنى قبل أشهر من الانتخابات. وإنه من الأفضل المحافظة على الاستقرار الحكومي. ضغوطات في الطريق يرى شق آخر من المتابعين أن ضغوطات المرحلة القادمة ستجعل الشاهد مضطرا الى إنهاء هذا الصمت وهذا التمشي في اتجاه كسب الوقت. وستضعه أمام أمر واقع عكسي. وهو حتمية التوجه في الأسابيع القادمة الى البرلمان في مناسبتين أو أكثر . المناسبة الأولى ستكون بمناسبة التحوير الوزاري الذي تتمسك به بقوة عدة أطراف فاعلة على الساحة السياسية على غرار نداء تونس واتحاد الشغل والنهضة ومنظمة الأعراف وغيرها. وسبق أن تعهد به الشاهد صراحة في مناسبات سابقة. ووعد بإتمامه في القريب العاجل. وسيكون توجهه الى البرلمان للحصول على تزكية التحوير مناسبة لنيل الثقة في الحكومة برمتها. وهو ما سيشكل بالنسبة اليه ضغطا ثقيلا لأن عدم نيل التحوير تزكية البرلمان قد "يلخبط" حساباته السياسية وما قد يكون خطط له . أما المناسبة الثانية فستكون عند التصويت في البرلمان على ميزانية 2019 وسيكون الشاهد وحكومته آنذاك تحت ضغط عال آخر لأن عدم حصول الميزانية على الأغلبية المطلوبة قد يربك حسابات مخططه السياسي للفترة القادمة . مؤشرات عديدة تقول إن الفترة القادمة ستكون فترة « ضغوطات عالية « على الشاهد وعلى حكومته. وسيكون أمام تحدي التعامل معها للمحافظة على حظوظ نجاحه في الصراع الدائر بينه وبين منافسيه.