إن بلادنا معروفة بمناخها شبه القاري كبقية بلدان شمال إفريقيا ما يجعل أمطارها المتساقطة تتحول فجئيا إلى فيضانات مدمّرة كما حصل أخيرا في ولاية نابل وما حدث سابقا في مختلف الجهات على مر السنين، وتوقّيا من أضرار هذه الأمطار الطوفانية جرت العادة في مثل هذه الظروف الطبيعية الطارئة أن يجتمع وزير الداخلية بأعضاء اللجنة الوطنية لتفادي الكوارث لضبط خطة التدخل والمتمثلة عادة في تحديد المناطق المهددة بالفيضانات وتجهيز آليات التدخل للقيام بالأشغال الوقائية المتأكدة وبحث الإمكانات الناجعة لنجدة المنكوبين وإيوائهم وحشد العاملين المؤهلين لتنفيذ هذه التدخلات بالسرعة والنجاعة اللازمتين حفاظا على أرواح المواطنين ومكاسبهم في كل الأحوال ونسجا على هذا تضبط اللجان الجهوية تدخلاتها بإدارة الولاة، لكن ما تم استخلاصه من فيضانات جهة نابل أن تدخلات لجنتها لم تكن ناجعة بالقدر المطلوب لسببين اثنين أولهما أن كميات الأمطار التي تهاطلت على الجهة وفي وقت وجيز كانت استثنائية بكل المقاييس وغير مقدور على مجابهتها بالإمكانات المتعارف عليها في الجهات وثانيهما أن إمكانات التدخل التي وفرتها اللجنة الجهوية بنابل كانت محدودة عددا وعدّة نظرا لمحدودية الإمكانات المادية لهذه المؤسسات الأساسية المتدخلة قبل وصول التعزيزات والمتمثلة في مؤسسات الحماية المدنية والتجهيز والفلاحة والصحة والبلديات... ومع ذلك لم يجرؤ أي من أعضاء هذه اللجان على التنبيه إلى هذه النواقص التي تعاني منها هذه المؤسسات المتدخلة بكل الجهات لتداركها في الإبان حتى تكون قادرة على درء أضرار هذه الفيضانات أو الحد منها والتي أضرّت أضرارا جسيمة بالنسل والزرع والحرث والبنية الأساسية والبناءات بالوطن القبلي هذه المرة، وفي هذا المجال لا يفوتنا أن نشير بكل مسؤولية وطنية أن توقعات المعهد الوطني للرصد الجوي لم تكن دقيقة لمزيد الاحتياط لمجابهة هذه السيول العارمة نظرا لتواضع تجهيزاته وتقادمها والتي لم يتم تغييرها واستبدالها بأجهزة مواكبة لعصرها كما هو الحال الذي عرفته محطات الأرصاد الجهوية العالمية من تطور مذهل لرصد المتغيرات المناخية المفاجئة والرهيبة لأخذ الاحتياطات اللازمة للتوقي منها وذلك بفضل ما توصل إليه الخبراء والباحثون المشرفون على إدارتها من معارف وعلوم في مجال الفضاء وأسراره لكن ما حال بيننا وتحقيق ذلك من خبرائنا بالمعهد انشغال خبيرنا الأول المشرف عليه بالدعوة والتبليغ في هذه المرحلة مجهولة العواقب التي تعيشها بلادنا، بدل انشغال أبناء العم سام بما ينفع أقوامهم وأقطارهم، هذا ولا يفوتنا أن نثني على كل المتدخلين باللجان الجهوية لتفادي الكوارث على المجهودات التي بذلوها للسيطرة على الوضع الصعب الذي تسببت فيه هذه الفيضانات التي كانت أشبه بالتسونامي بالرغم من محدودية إمكانات التدخل الموضوعة على ذمة المشرفين على مؤسسات التدخل، ولدعم تدخلات اللجان الجهوية لتفادي الكوارث أسوق هذه المقترحات للاستئناس بها في رسم معالمها. دعم مؤسسات اللجان الجهوية لتفادي الكوارث بالعدد والعدّة والإمكانات المادية باعتبارها تقف على الخطوط الأمامية للتصدي بكل اقتدار لكل التحديات الطبيعية. تعزيز مؤسسات التدخل الأمامية ببعث وكالة وطنية عسكرية لمجابهة الكوارث بناء على النجاحات التي حققها الجيش الوطني في التصدي لكل الكوارث التي عرفتها بلادنا عبر تاريخها وتركيز ممثليات لها بالثكنات العسكرية بالجهات تعميما للفائدة. منع وهدم وتحويل البناءات المقامة بالمناطق المنخفضة والمحاذية للأودية وبمجاريها تفاديا لأخطار الفيضانات على الأرواح والممتلكات. تفعيل برنامج مقاومة الانجراف للتحكّم في مياه السيلان وتجميعها في البحيرات والسدود واستغلالها للشرب والري للتغلب على ندرة المياه ببلادنا. جهر الأودية دوريا وتخليصها من فواضل البناء والفضلات المنزلية الملقاة بها وجهر السدود والبحيرات لاستيعاب أكبر كمية من مياه السيلان والتي مازالت تذهب إلى السباخ والبحار هدرا. دعم المعهد الوطني للرصد الجوي بالمهندسين والخبراء الأكفاء والتجهيزات المواكبة للتطورات المناخية في عصر التلوث الصناعي المنفلت. إقامة السدود والبحيرات بعيدا عن المناطق العمرانية لتجنب نتائج عمليات تنفيسها عند الاقتضاء ودرء لكل تأويل. هذا ما أمكننا استخلاصه من فيضانات ولاية نابل الكارثية وذلك مساهمة منا في إيجاد بعض الحلول للتوقي من خطر الكوارث الطبيعية التي أصبحت مستعصية حتى على أعتى الدول عددا وعددا وإمكانات علمية ومادية وما نيل المطالب بالتمني وإنما تؤخذ الدنيا غلابا. فرج بن مصطفى