لا شيء يثير الاهتمام خلال هذه الأيام سوى الأخبار التي ترجح إجراء تحوير وزاري يطيح بعدد مهم من الوزراء. كل ما رشح إلى حدّ الآن لا يعطي صورة واضحة عما يجري بالتحديد وعدا بعض التسريبات الاعلامية، ليس هناك ما يقود إلى الخبر اليقين في ما يتعلق بموضوع التحوير الوزاري المنتظر وبالمعايير التي سيتم اعتمادها في هذه المسألة. وفق رئيس الحكومة يوسف الشاهد فان «هناك العديد من المعايير في التحوير الموعود، فيها الموضوعي و فيها غير المنطقي»، مؤكدا على تحسن العديد من المؤشرات منذ توليه رئاسة الحكومة في أوت 2016، و موضحا أن عديد المعطيات والأرقام مرت إلى اللون الأخضر خاصة في ما يتعلق بالنمو. لكن هل أن هذه المعايير تجد صدى لدى المواطن؟. إن دلالة هذا السؤال لا تكمن في صيغته بل في مجرد طرحه لكنه يولّد سؤالا آخر هو ربما أكثر أهمية لم نستطع حتى اللحظة الإجابة عنه: هل أن التحوير الوزاري يمثل شأناً عاما يمسّ حياة الناس ومصيرهم؟. هذا السؤال الذي ينتظر إجابته الكثير من المواطنين. نعلم من تجارب الحكومات السابقة، وحتى من تجربة هذه الحكومة، أن الآمال لا تتحقق كثيرا، بل إن كثيرا منها يذهب مع الرياح ومع الوعود، ويبقى على الأرض واقع مرير. المعنى هنا، أن الناس يريدون تحويرا مقنعا و ليس «مقنّعا»، ويريدون تغييرا وليس «تدويرا» بحيث يدخل الحكومة وزراء قادرون فعلا على القيام بأعمالهم على أكمل وجه، وتحسين أداء الحكومة، وإيجاد حلول للقضايا والتحديات الكبيرة والكثيرة، بعيدا عن جيب المواطنين، وبعيدا عن إضافة أعباء جديدة عليهم. ومن هذا المنطلق، نتمنى، أن يدرس رئيس الحكومة يوسف الشاهد بشكل عميق ومتأنّ التحوير المنتظر، وأن يدخل الحكومة وزراء أقوياء قادرون على التعامل مع المعطيات والتحديات ومتطلبات المرحلة بإيجابية خصوصًا في ظلّ ما يتمّ تناقله عن «تحفّظات غير خفيّة» من أداء بعض الوزراء بدأ صداها يرتفع، علمًا أنّ ما يعزّز هذه النظرية أنّ أسماء الوزراء «المستهدَفين» و»المقصودين» بدأت تتسرّب هي الأخرى. الأهم في كل هذا هو الفكرة المقصودة من التحوير الوزاري.. فالخوف يكمن في الذهاب إلى تفكير ضيق الأفق تقني الطابع يهتم بالحسابات الجهوية والمحسوبيات المعروفة و المصالح الضيقة فيتمخض الجبل فيلد فأرا وتضيع الفرصة الحقيقية من التحوير وهي توفير دعائم سياسية تجعل من الحكومة حكومة انقاذ وطني تمثل التيارات السياسية الحزبية والاجتماعية الرئيسة في البلاد عبر شخصيات سياسية قيادية تحمل رصيدا من السمعة الطيبة والقدرات القيادية. ولذلك، فإن التحوير الوزاري، يجب أن يكون هدفه الاساسي تقوية أداء الحكومة وتفعيله، من خلال تحديات إدخال وزراء جدد يتوسم فيهم أداء جيدا يناسب المرحلة والتحديات التي تواجهها الحكومة وهي بلا شك كثيرة وصعبة.