في حين مازال الشارع التونسي يعيش صدمة ما حدث في برنامج «أمور جدية» حين تم استدراج مواطن عبر الهاتف و اتهامه بالتحرش و شتمه تطل علينا قناة التاسعة في برنامج «رونديفو التاسعة « بفضيحة اخرى تهديد بالعنف و هتك للأعراض و تبادل للشتائم في مشهد تليفزيوني فيه الكثير من التلوث و القبح و الرداءة ... تونس (الشروق) انحراف اعلامي وفراغ مضموني يعيش على وقعه عدد من البرامج التلفزيونية وتقتات منه عديد المحطات الخاصة التي تبحث عن الإثارة والترفيع من نسب المشاهدة ... ويبدو ان منسوب البذاءة والرداءة ارتفع في هذا الأسبوع فمن جهة اقدمت الممثلة مريم بن مامي على استدراج مواطن في برنامج «أمور جدية « حلقة الثلاثاء الماضي على قناة الحوار التونسي من خلال مكالمة هاتفية حاولت من خلالها استدراج صاحب مطعم قالت انه تحرش بها وبعد ان أبدى الرجل تفاعلا معها كشفت عن صفتها و تم رشقه بوابل من الكلام البذيء ساخرين منه في مشهد لا يليق بأخلاقية المهنة و لا بالمشهد الإعلامي التليفزيوني. من جهة اخرى يتكرر المشهد على قناة التاسعة في برنامج « رونديفو التاسعة «مشادة كلامية بين رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي و محمد بوغلاب ( كرونيكور البرنامج ) و صلت الى حد التهديد بالعنف و هتك الأعراض و السب و الإهانة على اثر ذلك قررت عبير موسي الإعتصام امام مقر القناة مطالبة بتدخل الهايكا ... كل ذلك يحدث على مسمع و مرأى من الهياكل المعنية و من المشاهد الذي يعد الضحية الأولى لهذه البرامج التي باتت تروج لمضامين تتنافى مع الآداب و الأخلاق فهذه البرامج التي اصبحت تجمع من هب و دب دون الخضوع للمعايير الصحفية المعتمدة في البرامج الحوارية و التي من المفروض ان يدعمها خبراء و مختصون في المجال او في تلك المواضيع المطروحة و المعلوم أن اختيار المواضيع التي يطرحها الصحفي تخضع إلى معايير موضوعية تدرس في جميع معاهد الإعلام ... هذا المشهد المفزع الذي تقدمه التلفزات التونسية و بصفة يومية الى المشاهدين بات يلوح بالخطر و رغم نسب المشاهدة العالية تسجلها هذه البرامج الا ان العديد من المشاهدين هجروها واصفين ب télé poubelle اي التلفزات التي تفتقر الى الجانب البيداغوجي و الفني ... هذا الوضع الذي بلغه الإعلام السمعي البصري في تونس دفعنا الى طرح الإشكال حول اسباب انزلاق المستوى الإعلامي الى الحضيض ؟ و مدى دور الهايكا في التصدي الى هذا الإنفلات ؟ غياب الخط التحريري و بحث عن الإعلام التجاري في هذا الصدد يقول استاذ التلفزة و مدير قناة سابق رضا النجار ان تدهور الخط التحريري للقنوات الخاصة التي تبحث عن الاعلام التجاري بأي طريقة هو السبب الأول في تدني مستوى الإعلام التليفزيوني الذي سقط في التفاهة و التهريج دون ذكاء يضيف النجار خاصة و ان جل هذه البرامج هي مجرد محاكاة و سرقة أفكار و ديكور لقنوات اجنبية دون احترام حقوق التأليف حسب تعبيره . اما في ما يتعلق بما حصل في قناة الحوار التونسي يقول رضا النجار « أشك ان تكون تلك الحكاية حقيقة و انما هي مجرد تمثيلية و هو خطأ أنتولوجي و خدعة للمشاهد و بالتالي المخالفة هي مخالفتان الأولى تتعلق بالذوق و الثانية بالمصداقية .» استاذ التلفزة بمعهد الصحافة و علوم الإخبار اكد ايضا ان اكتساب المصداقية شيء صعب و فقدانها شيء سهل مستغربا من اقدام ممثلة محترمة على حد تعبيره على مثل هذا السلوك . و في تعليقه عما حدث في قناة التاسعة عاب النجار على محمد بوغلاب التشنج مؤكدا ان لومه الوحيد هو مهني مضيفا ان الصحفي لا يتشنج بل التشنج يترك للضيف على حد تعبيره . أطراف اجنبية تتدخل في الإعلام التونسي حول المضامين الإعلامية التليفزيونية التي تميزت بركاكة التعبير وتحوّل القول إلى لغة الشارع يرى الإعلامي صلاح الدين الدريدي ان اسبابها عديدة و من ذلك لجنة كمال العبيدي التي ظهرت بعد تغير النظام و تكفلت بمشكلات الوضع الإعلامي الجديد و من ثمة انطلقت المصيبة الكبرى على حد تعبيره و التي حلت بالإعلام من خلال هذه الهيئة و تركيبتها الخاطئة و عملها العشوائي المسيس حسب تصريحه . اذ يرى الدريدي انها لم تستطع تقديم الخطوط الصحيحة للنظام الإعلامي الجديد فكان تشخيصها سطحيا و سياسيا و ضعيفا جدا من حيث التوجهات الإستراتيجية الموجودة و التي ستخول لتونس الدخول في مرحلة جديدة على حد قوله مضيفا ان هذه الهيئة الوطنية لإصلاح قطاع الأعلام و الإتصال تمخض عنها المرسوم 116 و المرسوم 117 ثم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري و مهمتها تعديل المشهد الاعلامي و خاصة الإعلام العمومي لكنها لم تضف و لم تغير في الإعلام العمومي او الخاص حسب تقديره مؤكدا ان غياب طرف او هيئة وطنية باسم الدولة تسهر على وضع فلسفة الإنتقال الإعلامي هو سبب آخر في ما وصل له الإعلام السمعي البصري اليوم مضيفا ان الخطأ الكبير هو في ربط وزارة الإعلام بالدكتاتورية و الدليل ان في البلدان الديمقراطية هناك وزارات للإتصال او هيآت تعنى بالمشهد الإعلامي بمختلف جوانبه على حد تعبيره . من جهة اخرى تحدث الدريدي عن دور مجلس نواب الشعب الذي يظطلع في المجتمعات الديمقراطية بتعديل المشهد الإعلامي في حين ان هذا الدور غائب تماما في المجلس النيابي التونسي حسب صلاح الدين الدريدي الذي يقول ان ما حدث في التلفزات التونسية كان لابد ان يتفاعل معه المجلس بتشكيل لجان و تحرير تقارير ترفع للسلطة التنفيذية كما يحدث في البلدان الديمقراطية حسب تصريحه. و في غياب هذه الأطراف يقول الإعلامي صلاح الدين الدريدي وجدت اطراف اجنبية تتحكم في الإعلام التونسي وهي الإتحاد الاوروبي من خلال تمويلات ضخمة تنفقها على خبراء أجنبيين يقدمون تصوراتهم للإعلام التونسي و دون اي متابعة حسب تقديره اما المتدخل الثاني هو من طرف منظمات دولية غير حكومية فرنسية و أمريكية و انقليزية تمولها الحكومات الأوروبية من اجل القيام بندوات لتوجيه الإعلام التونسي على حد تعبيره ... كل ذلك ساهم في تدني مستوى الإعلام المرئي في تونس وهو ما يتطلب الإسراع في ايجاد الحلول الممكنة للإنقاذه كما ذكر الإعلامي صلاح الدين الدريدي. الهيئة تقرر استدعاء اصحاب القنوات وعن تفاعل الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري مع ما يحدث في التلفزات التونسية علمت الشروق من مصدر مطلع انه على اثر اجتماع عقده مجلس الهيئة امس الجمعة تقرر استدعاء الممثلين القانونيين عن قناة التاسعة و الحوار التونسي والنقاش معهما حول ماحصل من خروقات في الحصص التلفزية «رونديفو 9» و»ليميسيون» على قناة التاسعة و»أمور جدية» على الحوار التونسي لتعلن فيما بعد عن قرارها النهائي حسب مصدرنا .