بغض النظر عن القناعات الشخصية وعن سياسات القنوات التلفزية في تونس والخط التحريري لكل منها، يمكن الجزم بأن قناة نسمة الخاصة، ومن بين القنوات الأكثر مشاهدة ومتابعة في المشاهد التونسي، هي القناة الأكثر حرفية ومهنية. فمن خلال "نسمة نيوز" الذي تبث مختلف فقراته من استوديو خليل القروي بصفة يومية، تجد ضالتك، كمشاهد يبحث عن كل الأحداث الجديدة في البلاد التونسية، في قناة نسمة، التي نختلف معها في عديد الاختيارات، ومنها الإفراط في شراء وبث المسلسلات التركية، كل ليلة وعلى كامل سهرات الأسبوع، لكنها كقناة ابتعدت عن التهريج، والضجيج والضحك على الذقون، من خلال عدم انتاج برامج تافهة وباحثة عن البوز "الماسط اللاسط"، كالتي هي موجودة في برامج منافسيها من القنوات الخاصة. ويمكن القول أيضا أن قناة نسمة، نجحت ولو نسبيا في تجسيد الدور الذي من المفترض أن تقوم به التلفزة الوطنية التونسية أو المرفق العمومي إن صح التعبير، رغم أن قناة نسمة قناة خاصة، وصاحبها له انتماؤه السياسي الذي يعرفه القاصي والداني، لكن رغم ذلك حافظت القناة في أغلب الأحيان على حيادها، وأعدت وواكبت عديد الأحداث بحرفية، ولا أدل على ذلك من متابعتها المباشرة للحادثة الإرهابية الأخيرة التي تغافل عنها المرفق العمومي، وتابعتها قنوات أجنبية على المباشر. ولئن كان لهذه القناة الخاصة ولإدارتها غايات ربحية ولا ريب، هي من حقها، إلا أن نسمة كانت القناة الأكثر رصانة، ولم يكن لهثها وراء جلب المستشهرين بالطرق الرديئة التي انتهجتها قنوات أخرى خاصة، وهذا في حد ذاته مكسب، في ظل الرداءة والتفاهة التي أصبحت منهجا وعنوانا للنجاح (النجاح في جلب المستشهرين، وارتفاع نسب المشاهدة)، والذي يمكن أن نطلق عليه "النجاح الفاشل"...