بعيدا عن تحضيرات استئناف النشاط والإعداد للاستحقاقات الرياضية دخل النادي الإفريقي خلال الأسبوع المنقضي مرحلة خطرة للغاية تهدد استمراره بدرجة بات الحديث عن النتائج وغيرها أمرا ثانويا حتى لا نقول غير مهم بالمرة. نادي باب الجديد بات اليوم مهددا بالاضمحلال وكل تاريخه التليد وماضيه المجيد صار على كف عفريت وقد لا يجد «الأخوة الأعداء» فريقا يتنازعون حوله لو استمرت الفرقة وصراعات الكواليس التي لا هدف لها سوى خدمة أجندات خاصة ولا فائدة ترجى للفريق منها. الأفارقة اليوم مطالبون بهبّة غير مسبوقة أو ربما شبيهة بتحركات التأسيس في عهد الاستعمار بما أن الوضع الراهن قد ينسف تاريخا من الأمجاد التي قاربت قرنا من الزمن. مارسيليا تلتحق تلقى النادي الإفريقي مراسلة من لجنة التأديب التابعة للفيفا تطالبه فيها بخلاص مستحقات أولمبيك مارسيليا الفرنسي وقيمتها 700 ألف يورو بالإضافة إلى غرامات التأخير التي تمثل 5% من المبلغ المذكور (4 سنوات رفعت الغرامات الى 140 ألف يورو). وبلغة الحساب فإن الأحمر والأبيض يدين للفريق الفرنسي بمبلغ قدره 840 ألف يورو أي ما يعادل 2.772 مليون دينار تونسي على أن يلتزم النادي بالخلاص في أجل لا يتخطى 10 جانفي والا فإنه سيسحب من رصيده 6 نقاط. أولمبيك مارسيليا كان ملفا يمكن حله خلال سنوات رئاسة الرياحي وحتى محاولات «كادار» وكيل صابر خليفة في السنوات الماضية لإقناع الرئيس الأسبق بالتدخل لتقليص الدين إلا أنه أصرّ على أن الإفريقي غير مطالب بالخلاص وها أن النتيجة تكون كارثة حقيقية. وبوصول قضية مارسيليا يرتفع تهديد سحب النقاط إلى 24 نقطة في أربع ملفات كبرى هي تيريك غروزني الروسي ومولودية العلمة الجزائري ورود كرول بالإضافة إلى مارسيليا. ديون هذا الرباعي باتت تقدر ب8 مليارات وجميعها مستوجبة الخلاص في الأسابيع القليلة القادمة دون نسيان أقساط ثلاثة لاعبين سابقين هم ناطر والميكاري وساليفو. منع من الانتداب بالتوازي مع القرار الخاص بمارسيليا أصدرت لجنة التأديب يوم الخميس الماضي قرارا بمنع النادي الإفريقي من الانتداب لسوقي انتقالات تماما كما حدث مع النادي الصفاقسي قبل مواسم. القرار صدر بحق النادي ابتدائيا أي لدى لجنة النزاعات بالفيفا وذلك في ملف المالي ماليك تروي الذي قضي لفائدته بالحصول على 309 آلاف دولار أي ما يعادل 834 ألف دينار تونسي. وتعد قضية ماليك الثالثة التي يمنع فيها الإفريقي من الانتداب بعد بوبكر ديارا وسليمان كوليبالي.. ولئن نجحت الكتابة العامة في تجاوز ملفي ديارا وكوليبالي فإن ملف توري قد يكون معقدا خصوصا أن اتخاذ قرارات المنع من الانتداب إجراء تأديبي لحاله. وبحسب ما تحصلنا عليه من معطيات فإن الإفريقي قدم طعنين في ملف توري الأول يتعلق بقيمة التعويض المالي والثاني يهم المنع من الانتداب وكل الأمل أن ينجح الفريق في تسوية هذا الملف حتى يتفادى العقوبة. جرائم حقيقية حقق الإفريقي عديد النجاحات الرياضية في حقبة الرياحي وذلك لا يمكن لأحد إنكاره وقد يكون الرئيس الأكثر تتويجات في كافة الفروع بيد أن حقبته سيخلدها التاريخ ضمن أسود صفحاته. فترة الرياحي عرفت عديد «الجرائم» التي سيكشفها الزمن فكرول مثلا حصل على تعويض لأربع وعشرين شهرا رغم أن مراسلة بالبريد بقيمة 1350 مليما كانت كافية لتسلبه التعويض. وبعد كرول اتضح أن توقيع ديارا على وثيقة التنازل عن مستحقاته قد أضاعها أحد معاوني الرياحي والنتيجة أن عاد اللاعب مطالبا بمبلغ يناهز 276 ألف يورو (حوالي 910 ألف دينار). «الجرائم» لم تتوقف بما أن ماليك توري كان يمكن أن يكون محل نزاع لو مكنه الرياحي من 9 آلاف دولار وها أنه يعود مطالبا ب309 آلاف دولار مع حكم بالمنع من الانتداب. أما سليمان كوليبالي فتحصل على تعويض بقيمة 440 ألف دولار في وقت أن 12 ألف دولار كانت كافية لفك الارتباط معه. 749 ألف دولار للاعبين لم يستفد منهما الإفريقي والأسوأ أنهما لو حصلا على 21 ألف دولار لتم فضّ التعاقد معهما دون إشكال لكن الرياحي لم يهتم وها أن القضايا والمشاكل تتراكم. الشاهد والتدخل خلال نهاية الموسم الماضي تدخلت وزارة الرياضة السعودية وقامت بتسوية ديون كل أنديتها مع تحميل المسؤولين مستقبلا المسؤولية الجزائية في صورة تكرر ذات الأخطاء مستقبلا. ولئن لا يطالب النادي الإفريقي وجماهيره من حكومة يوسف الشاهد ووزارة الرياضة أن تقوم بالنيابة عنهم في خلاص الديون إلا أنه من الواجب على الحكومة التدخل للإسهام في إنقاذ الفريق وانتشاله من أزمته. الشاهد المعروف بانتمائه للإفريقي كان في نجدة الجار الترجي الرياضي وقاسم جماهيره ومسؤوليه فرحتهم بالتتويج القاري وبما أنه قفز إلى ملعب كرة القدم بإرادته فهو مطالب اليوم بالتدخل لفائدة الأحمر والأبيض والتسريع بصرف القرض الذي يطالب به الإفريقي. رئيس الحكومة سيتعين عليه أن يتدخل لمنح الإفريقي ما يستحق فالقرض مستوفي الشروط وبه كل ما يدعمه وبالتالي فإن تعطله اليوم لا يمكن أن يكون إلا ضربا للفريق ولا نعتقد أن الشاهد أو الافريقي سيستفيدان من ذلك. أين كبار النادي؟ في ظل الوضع المالي المتردي تتابع هيئة النادي الإفريقي خلاص أجور اللاعبين فلأول مرة منذ سنوات لا تنقل أخبار عن إضرابات أو احتجاجات عن المستحقات كما يتابع الفريق الإيفاء بالتزاماته وهناك عديد القضايا التي تم حلها سواء للاعبين الذين تم تجديد عقودهم وغلق النزاعات معهم أو غيرها كشهاب الليلي وكمال القلصي وناطر والميكاري والنويوي والصرارفي ومرزوق وغيرهم. الهيئة الحالية أو غيرها لا يمكن لهم مجابهة جبل الكوارث التي خلفها سليم الرياحي على امتداد سنوات رئاسته لذلك على الأفارقة اليوم أن يرموا كل شيء خلفهم وإلا فإن التاريخ الذي صنعوه سابقا قد يندثر بما أن الإفريقي تهدده العقوبات من كل حدث وصوب. رجالات الإفريقي اليوم يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم فلو لا سلبيتهم ما كان للرياحي أن يتسلل بينهم وعليه يجب أن يجتمعوا سريعا لخلاص الديون وإلا فإنها الكارثة. قد يقول البعض إن الهيئة الحالية ليست أهلا للثقة وما إلى ذلك إلا أن هذه التعلات لا يمكن أن تحل الوضع فالواجب اليوم يقتضي أن يجتمع أهل الدار لخلاص الديون ثم فلتسقط هذه الهيئة وتغادر في حال سبيلها وتعاد الانتخابات ويضعوا من يريدونه.