وعود عديدة قدمها يوسف الشاهد في كلمته أمس أمام البرلمان تراوحت بين المجال الاقتصادي والمجال الاجتماعي والمجال السياسي، ليبقى التساؤل الأهم هو مدى القدرة على تحقيقها على أرض الواقع. تونس (الشروق) قدم رئيس الحكومة أمس أمام البرلمان حزمة جديدة من الوعود بمناسبة عرض التحوير الوزاري وذلك بعد تقييم عمل حكومته خلال العامين الماضيين وبعد تقديم جملة من المبررات حول صعوبة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي (تراكمات المرحلة السابقة تجاذبات سياسية تعطيلات..). «حرب» الأسعار المحور الاجتماعي وصفه الشاهد بالتحدي «الأهم» في الفترة القادمة، مركزا أساسا على محاربة التضخم والتحكم في الأسعار. وقد اعترف في هذا الإطار بأن سبب ارتفاع نسبة التضخم ( ارتفاع الأسعار) هو الاجراءات التي تم اتخاذها في العامين الماضيين للحفاظ على التوازنات الكبرى للاقتصاد ولتجنب الانهيار الاقتصادي وللتحكم في العجز العمومي. وقال الشاهد إن كل ذلك سينتهي في السنة القادمة خصوصا أن قانون المالية الجديد لن يتضمن زيادة في الضرائب والاداءات لا للمواطن ولا للمؤسسات. وهو ما سيحد في رأيه من ارتفاع الأسعار. وركز الشاهد في كلمته على ما وصفه ب»الممارسات اللاوطنية المتعلقة بالمضاربة والاحتكار». وقال إنه أعطى الاوامر لكل الوزارات دون استثناء لكي تضع ضمن أولى أولوياتها محاربة المحتكرين والمضاربين وردعهم والضرب على أيادي كل من يعمل على المس من قوت التونسيين الذي اعتبره خطا أحمر. وقال إنه سيتم تسليط أقصى العقوبات على من يمارس الزيادات غير القانونية في الاسعار والاحتكار والمضاربة والبيع المشروط وغيرها من الظواهر. ووعد الشاهد بتعزيز فرق المراقبة الاقتصادية على مستوى عدد من الوزارات. كما أعلن قرار إعادة اللجنة الوطنية للتحكم في الاسعار الى إشراف رئاسة الحكومة والعمل شخصيا على تنظيم اجتماعاتها بشكل دوري وعلى اتخاذها كل الاجراءات الاحتياطية لحماية المقدرة الشرائية. وأعلن ايضا قرار إحداث لجنة مشتركة مع اتحاد الشغل لدراسة اعادة النظر في منظومة الدعم ( وليس لالغائه) ولتوجيهه نحو مستحقيه. وقدم رئيس الحكومة وعدا بتحسين الحياة اليومية للمواطن عبر الرفع من جودة خدمات المرفق العمومي قائلا إن الحكومة بصدد اعداد حزمة من الاجراءات في مجالات الادارة والتربية والنقل والصحة. إنعاش الاقتصاد وحول الوضع الاقتصادي قال الشاهد إنه لا بد من إعطاء الاولوية للانعاش الاقتصادي من خلال اعادة النمو والاستثمار وإعادة التوازن الى المؤشرات الاقتصادية الكبرى والعمل على تعافي المالية العمومية. وسيكون ذلك عبر التركيز على القطاعات المنتجة مثل الصناعات الاستخراجية والفلاحة والسياحة التي تم دعمها بإجراءات تحفيزية في قانون المالية الجديد ومواصلة استثمار الدولة في البنية التحتية والبيئة ( مشاريع كبرى وقعت برمجة انطلاقها في 2019 مثل قنطرة بنزرت وميناء المياه العميقة بالنفيضة وتهيئة ميناء رادس وعدد من الطرقات السيارة ). كما سيتم التركيز في الفترة القادمة على حد قوله - على خلق مواطن شغل جديدة وتشجيع المبادرة الخاصة وذلك عبر اعتمادات استثنائية لفائدة صندوق التشغيل وصندوق الانطلاق لدعم الشباب وتوفير تمويل ذاتي لخلق المؤسسات وبنك الجهات. وسيتم أيضا التحكم في العجز التجاري لإعادة انتعاشة سعر صرف الديناروذلك بإعادة نسبة تغطية الواردات بالصادرات الى نسب معقولة والحد من التوريد العشوائي والتصدي للمضاربة التي يقوم بها البعض عبر توريد مواد وتخزينها مستغلين في ذلك تواصل تراجع سعر صرف الدينار. وقال إنه سيتم التصدي بقوة لذلك. تحدث الشاهد ايضا عن تعافي المالية العمومية بالقول إنه تم النزول بها من 7 فاصل 4 في 2016 الى 4 فاصل 9 في 2018 بفضل اجراءات قانوني المالية 2017 و2018 وانقاذ البلاد من مخاطر السيناريو اليوناني. وقال إن ذلك سوف يتواصل مع قانون المالية 2019 لتكون نسبة العجز في حدود 3 فاصل 9 بالمائة سنة 2019. وتتعافى بذلك المالية العمومية. وهو ما سوف ينعكس ايجابيا على التضخم ( نزول الاسعار) وعلى الترقيم السيادي لتونس وعلى الاقتصاد بشكل عام وعلى باقي المؤشرات الاقتصادية في 2019. ووعد الشاهد بمواصلة التحكم في العجز العمومي في ميزانية 2019. وهو ما سوف يخفض المديونية لاول مرة منذ الثورة وفق تقديره. وضوح سياسي سياسيا قال الشاهد إن قرار القيام بتحوير وزاري في هذا التوقيت كان لانهاء الأزمة السياسية لأنه سيزيح الضبابية عن المشهد السياسي. ويوضح عديد المسائل. وقد يحقق الاستقرار السياسي. كما وعد الشاهد بمواصلة التعاون والتواصل بين رأسي السلطة التنفيذية لا سيما بينه وبين رئيس الجمهورية من أجل المصلحة العليا للوطن قائلا إنه لن يسمح بالقطيعة معه من اجل تحقيق الهدوء السياسي. وقال الشاهد إنه متمسك باحترام الدستور في كل المجالات ( حقوق حريات حكم محلي تركيز الهيئات الدستورية مدنية الدولة الديمقراطية- العدالة العدل الامن وحدة الدولة) ولن يسمح بالإقصاء متعهدا بإعادة الأمل الى التونسيين الذي تراجع في السنوات الاخيرة بسبب الصراعات السياسية التي هزت ثقة التونسيين في الطبقة السياسية. وليست المرة الأولى التي يُقدم فيها يوسف الشاهد أمام البرلمان وعودا وأهدافا ستعمل الحكومة على تحقيقها. فقد سبق أن قدمها يوم جلسة الثقة في حكومته الأولى في أوت 2016 وكذلك بمناسبة التحويرات الوزارية التي أجراها طوال العامين الماضيين وايضا بمناسبة عرض قوانين الميزانية وفي مناسبات أخرى. وسيبقى تحقيق هذه الوعود على ارض الواقع أهم ما ينتظره المواطن خاصة بعد أن سئم تحقيق وعود السنوات الماضية. وفقد الثقة في الطبقة السياسية بشكل عام وفي السلطة الحاكمة على وجه الخصوص وبعد أن أصبح يواجه صعوبات عديدة في معيشته اليومية ( ارتفاع جنوني للأسعار خاصة في الايام الاخيرة غياب بعض المواد عن السوق بسبب الاحتكار والمضاربة تردي الخدمات العمومية في الصحة والنقل والتعليم والبنية التحتية فساد تعطيلات الادارة).. طاقات متجدّدة ورقابة على الغاز المنزلي سيتم في الفترة القادمة حسب رئيس الحكومة العمل على التقليص من العجز الطاقي الذي تفاقم في ظل ارتفاع أسعار الطاقة عالميا وارتفاع استهلاكنا. وقال إن التحدي الطاقي سيكون أولوية في الفترة القادمة من خلال دخول مجال الإنجاز الفعلي لمشاريع الطاقة المتجددة المعطلة منذ سنوات (شمس - رياح) والتحكم في استهلاك الطاقة (تشديد الرقابة على استهلاك الغاز المنزلي بداية من العام القادم ومنع استعماله التجاري) وبرنامج التدقيق الطاقي بكل البلديات وبرنامج عزل أسقف المساكن الفردية (65 ألف مسكن في 5 سنوات قادمة) وعديد الإجراءات الأخرى. مواصلة الحرب على الفساد قال يوسف الشاهد إنه سيواصل في الفترة القادمة مكافحة الفساد. وهو أولوية ستكون طويلة المدى وصعبة. وستكون بالأسلحة التشريعية من خلال القوانين بعد أن وقع في السابق سن قوانين عديدة مثلت «ثورة» في التشريع التونسي على حد قوله. وقال إن هذه الحرب محتاجة الى معاضدة السلطة القضائية والمجتمع المدني والمواطن الى جانب الارادة السياسية. كواليس الجلسة العامة مقاطعة نواب النداء قررت كتلة نداء تونس، أمس مقاطعة الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب المقررة لمنح الثقة لأعضاء الحكومة المقترحين في التحوير الوزاري الذي قدّمه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، مطلع الأسبوع الماضي. وأرجع سفيان طوبال، رئيس كتلة النداء بالبرلمان، خلال ندوة صحفية بمقر المجلس، سبب هذه المقاطعة بالأساس، إلى عدم التزام الحكومة بتطبيق قرارات الجلسات العامة وخاصة قرار عدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة الذي اتخذه المجلس في مارس 2018، مشيرا إلى أن الكتلة ستكتفي بالاضطلاع بدورها التشريعي والرقابي صلب اللجان وبالعمل في الجهات. 105 تدخلات امتدت المداخلات في الجلسة العامة على ما يقارب الثماني ساعات، أثثتها أكثر من 105 مداخلات لعدد من النواب ينتمون الى مختلف الكتل البرلمانية. وتم توزيع الوقت ارتباطا بالتمثيل النسبي للكتل. مشادة كلامية بين القوبنطيني وعمروسية شهدت الجلسة العامة المخصصة لمناقشة التحوير الوزاري، مشادة كلامية بين نائب الجبهة الشعبية عمار عمروسية ونائبة كتلة الائتلاف الوطني صابرين القوبنطيني. ووجه عمروسية خطابة الى القوبنطيني قائلا « اسكت يا صابرين ..اسكت يا متاع جربة « ..فردّت القوبنطيني عبر نقطة نظام طلبتها، مشددة على ضرورة أن يعتذر منها عمروسية ويقدم اعتذاره الى جزيرة جربة وكل سكانها. الشاهد والأمطار أكد نائب نداء تونس بشير بن عمر أنّه يصوّت للفريق الحكومي الجديد إيمانا منه بأنّ الائتلاف الحاكم أنقذ تونس من مصير كارثي. وتابع بتعليق دفع الى إضحاك النواب:» الامطار الأخيرة هي التي صوتت للحكومة وليوسف الشاهد» مناكفات المناكفات السياسية كانت حاضرة في جلسة أمس. ومن بينها قول عمار عمروسية «دجو قو آوت، go out» رد عليها كل من سمير ديلو بالقول «سيدي رئيسي الحكومة «دونت قو آوت» ومحمد الراشدي بالقول « Stay with the stand» مقاعد فارغة شهدت الجلسة العامة انسحاب أغلب النواب فور الانتهاء من تقديم مداخلاتهم وتوجههم الى أروقة البرلمان بما أعطى انطباعا سلبيا على صورة البرلمان المنقولة تلفزيا. حيث بدت مقاعده فارغة خاصة خلال الحصة المسائيةكما لو أن النواب غير معنيين سوى بكلامهم وبالظهور التلفزي.