كل التونسيين اجمعوا على شرعية اضراب الوظيفة العمومية وكل التونسيين ايضا يدركون حجم التدهور الكبير في مقدرتهم الشرائية الموظفون اضربوا لأنهم بحاجة الى الزيادات في رواتبهم وقد أنهكهم ارتفاع الأسعار المتواصل مقابل عجز الحكومة على التدخل. لا احد يمكنه ان ينكر ان الاضراب العام حقق نسبة نجاح فاقت كل التوقعات بما في ذلك توقعات أصدقاء الاتحاد العام التونسي للشغل لكن الحكومة الان مطالبة بتحقيق المعادلة الصعبة بين غضب الموظفين المطالبين بالزيادة في اجورهم وبين شروط صندوق النقد الدولي الذي يتمسك بعدم الترفيع في كتلة اجور الموظفين. الموظف التونسي وجد نفسه من حيث لا يدري في مواجهة اكبر واهم المؤسسات المالية في العالم والمتمثلة في صندوق النقد الدولي والتي عادة ما تؤدي شروطه الى ثورات وانتفاضات في الدول الفقيرة مثل تونس التي اختارت ان تعيش على الاقتراض وعلى أموال الدول والجهات المانحة. التونسيون لا يعرفون سبب المصيبة التي يعيشونها بعد ان تضاعفت كتلة اجور الموظفين ثلاث مرات مقارنة بسنة 2010 وخاصة زمن حكم ترويكا الفاشلة مما أدى الى الاقتراض واللجوء الى صندوق النقد الدولي عدو الفقراء في هذا العالم. الان الحكومة التي تنتظرها انتخابات مصيرية قبل عدة أشهر عليها ان تجد حلول للازمة قبل ان يندلع الحريق الكبير بعد ان أصبحت عاجزة عن الزيادة في اجور الموظفين وفي الان نفسه عاجزة عن التحكم في ارتفاع الاسعار مطلقة العنان للمضاربين والمحتكرين يعبثون بقوت التونسيين. أخطاء السياسيين وفشلهم في السنوات الماضية سيدفعها التونسيون اليوم... هم فشلوا وخربوا الاقتصاد واقترضوا واستغلوا نفوذهم وانتخاب الشعب لهم في المقابل يعاني الشعب ويلات فشلهم ، ارتفاع في الاسعار وفي اعداد العاطلين وفي نسبة الفقر الى جانب ارتفاع عدد المنقطعين عن التعليم والمغادرين للمدارس بشكل لم يسبق له مثيل . امام الحكومة تحديات وإشكاليات كبيرة وصعبة أمامها مسؤلية إنقاذ الوضع من التدهور وتجنب غضب التونسيين الذي يمكن ان يخرج عن حده. يمكن للحوار ان ينقذ الموقف لكن الحكومة عليها ان تدرك ان مهمتها قبل الانتخابات القادمة ستكون صعبة وان الاقتراض والاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي والجهات المانحة لن يكون هو الحل وعليها ان تبحث عن الحل في الداخل.