ألفة الساحلي وجه تلفزيوني أنيق... جمع بين المظهر الرائع والحضور الركحي المبهر... ثقة في النفس تدعو الى الاعجاب والاحترام... وسرعة بديهة تدل على مخزون ثقافي ومعرفي هام ومتميّز.. اجتماعية في علاقتها بمحيطها... دقيقة في كل البرامج التلفزيونية.. حريصة على أن يكون كل ما تقدمه له طابع استثنائي متفرد... واضحة وصريحة في مواقفها... مواكبة ومتابعة حصيفة لكل ما تعيشه البلاد من حراك على أكثر من صعيد.. رغم مسحة التشاؤم التي تغلب عليها أمام هذا الضباب الذي يغطي سماء البلاد هناك إحساس ببارقة أمل قادمة من بعيد.. هي ألفة الساحلي التي كان يمكن أن تكون إحدى نجمات الفن الرابع فإذا بها احدى الوجوه التلفزيونية المتألقة وفي ذلك حكاية نكتشفها في هذا الحوار. * أعيش مرارة لما آل اليه الإعلام في تونس اليوم * جمال العروي أطّرني في المسرح... وهالة الركبي عبّدت لي الطريق الى التلفزيون * الفوضى سمة بارزة للحراك السياسي في البلاد اليوم * باب الخضراء شاهد على طفولتي الشيّقة والممتعة * بماذا تحتفظ ألفة الساحلي من ذكريات الطفولة؟ أحتفظ بالجميل والممتع الكثير من مرحلة الطفولة التي قضيتها في منطقة باب الخضراء بالعاصمة... منطقة التاريخ والثقافة والمعاني الجميلة للحياة... وتلقائية الناس وصفاء السريرة.. درست في العاصمة.. وكانت مرحلة متميزة عشت فيها مرحلة الطفولة بكل ما فيها... * تغيّر باب الخضراء اليوم؟ نعم... تغيّر المشهد في باب الخضراء اليوم... قلّت فيه الحركية وشهد نقصا في رواده وساكنيه. وأذكر ان العائلة كانت تقطن في الزنقة التي يسكنها الفنان الكوميدي الكبير صالح الخميسي... كان جارنا في السكنى حيث كان الابداع الفني... تعرفت وأنا في مرحلة الطفولة على الراحل قاسم كافي والهادي حبوبة والفنانة ليليا الدهماني. * والعمل التلفزيوني كيف كانت البداية؟ أشير في البداية أنني التحقت بكلية منوبة لدراسة الآداب واللغة العربية وكان توجهي حسب رغبة الوالد تدريس اللغة العربية بعد التخرّج .. كنت حريصة في ذات الوقت على حضور الأمسيات الشعرية واللقاءات الأدبية التي كان يشرف على تنظيمها نجل الفنان الراحل صالح الخميسي... وشاءت الصدفة في أحد هذه اللقاءات ان التقيت الممثل جمال العروي الذي عرض عليّ خوض تجربة التمثيل فقدمت معه مسرحية (الصرّار والنملة) نص الشاعر المنصف المزغني. * واصلت التجربة؟ أحببت التمثيل حيث شاركت في عمل مسرحي للكهول مع الممثلة حليمة داود والممثل الراحل جميل الجودي دون ان أنسى مشاركتي في عديد الأعمال المسرحية الأخرى. * لكنك تركت الفن الرابع واتجهت الى العمل التلفزيوني؟ بداية خطواتي التلفزيونية كانت هي الأخرى مع التمثيل من خلال المشاركة في أدوار صغيرة في سلسلة «شوفلي حل» ثم الكوميديا الموسيقية (دور ثان رئيسي) مع عائدة بوبكر وفي اخراج لرياض الكعبي وفي 2005 أعلنت هالة الركبي عن فتح اختبار لمنوعتها (أحلى جو) والذي يعدّ أول (تالك شو) في مسيرة التلفزة التونسية .. كسبت الرهان حيث كنت أقدم في المنوعة كل ما له علاقة بالشأن الثقافي لألتحق بعد ذلك بإذاعة تونس الثقافية في سنة تأسيسها لأقدم برنامجين مع الراحل سمير العيادي ثم مع المسرحي كمال العلاوي وجمعتي الصدفة في بهو مقر المؤسسة مع الأستاذ منصور مهني الذي عرض عليّ الانضمام الى قناة 21 لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرتي حيث قدمت برنامجا يهتم بالتراث ونشطت وقدمت منوعة (حكاية غرام) وكنت الى جانب حاتم بن عمارة في (وقيت حلو) و(هات الصحيح) مع شاكر بالشيخ.. وتلقيت الدعوة من لطفي بن نصر لتعويض يسر الصحراوي في المنوعة التلفزيونية (عشوية الأحد) بعد تمتعها بعطلة أمومة... بدأت بعدها مسيرة أخرى مع عديد البرامج والمنوعات وتنشيط السهرات التلفزيونية. * وقررت التخلي نهائيا عن الفن الرابع؟ الفن المسرحي عشقي الذي لن أتخلى عنه... لم أقاطع المسرح اذي كان خير مدرسة لي وأفادني كثيرا في مسيرتي التلفزيونية... المسرح علمني الاعتداد بالنفس والمواجهة المباشرة مع الجمهور دون خجل ولا ارتباك ومن هذا المنطلق أقول إن جلّ ما أقدمه من برامج تلفزيونية يتم مباشرة. وأنا سعيدة وفخورة بتجربتي المسرحية . * وكيف هي علاقة ألفة اليوم بالكاميرا التلفزيونية؟ علاقة حميمية فيها احترام للمشاهد وبحث وسعي لتقديم المقنع والممتع ناهيك وأن المقر كان يجمع بين الاذاعة والتلفزة في بناية واحدة كان التنافس الشريف ممتعا. * وتغيّر المشهد اليوم؟ نعم... وأقول لقد تغيّر نحو الأسوإ * كيف ذلك؟ هناك عراقيل على أكثر من مستوى عرقل العمل التلفزيوني الجاد. * تشعرين بمرارة؟ نعم... مرارة كبيرة من جراء هذه العراقيل المادية والمعنوية. * لم تنتظري مثل هذا الأمر؟ انتظرت ان يشهد الاعلام نقلة نوعية نحو الافضل والأرقى والأجمل اعتبارا لنبل رسالته ودقتها في نحت المجتمع... لكن ما نشاهده ونتابعه اليوم مؤلم جدا وشكلا مضامين لا ترتقي لتطلعات المشاهد الذي يروم اعلاما يؤسس لذائقة تعشق الحرية المسؤولة وترتقي بالخطاب الذي يؤسس ولا يهدم ولا يمسّ الأعراض ولا يقدم الرديء. * تتابعين الحراك السياسي؟ بحكم عملي أتابع ما يدور من حراك سياسي * وكيف يبدو لك هذا الحراك؟ فوضى وغموض.. * وتونس؟ تونس اليوم تهبّ عليها عاصفة. * يبدو عليك التشاؤم؟ كل ما أراه وأعيشه وألامسه يقود الى التشاؤم... ما نشاهده وما يقدمه الاعلام يندى له الجبين ثم إن السياسيين لا همّ لهم سوى الكراسي بعد أن قسموا البلاد على مقاسهم .. فكيف لي لا أعيش التشاؤم.. * في حياة ألفة الساحلي هل هناك خطوط حمراء؟ الوضوح والصراحة شعاري في الحياة... ثم إنني متصالحة مع ذاتي.. * وماذا عن العلاقة بالعائلة؟ الاحترام والتعاون من أجل تنشئة الأبناء تنشئة متوازنة. * هل تشجعين الابناء السير على خطاك؟ أترك لهم حرية الاختيار ولا أخفي سرّا إذا قلت إن ابنتي مرام مواكبة لمسيرتي وهي ترافقني في التلفزة ولها حضور ركحي وبديهة متميزة. * اي حضور للمطالعة ضمن اهتماماتك؟ رغم أنني أملك مكتبة منزلية فالمطالعة ليست بالشكل الكبير. * والموسيقى؟ أعشق الموسيقى الكلاسيكية الطربية كما أنني أعشق العزف وقريبا سألتحق بأكاديمية المطرب محمد الجبالي لتعلّم العزف على آلة القانون. * وترتادين الفضاءات المسرحية؟ نعم... وآخر عمل شاهدته «فركة صابون» * والسينما؟ حريصة على متابعة ومشاهدة الأفلام في المنزل بدرجة أولى. * تحدثت عن المطالعة وأشرت الى توفر مكتبة في منزلك... ماهي محتوياتها؟ متنوعة المؤلفات والكتب بحكم عملي التلفزيوني الذي يهتم بالشأن الثقافي والفكري على وجه الخصوص وهناك ايضا المؤلفات التي تشد انتباهك وهي ذات الطابع التاريخي ك «تاريخ البايات في تونس».. * هل تخصصين وقتا لمشاهدة البرامج التلفزيونية؟ ليس كلها أختار منها البعض لمتابعتها.. منها ما يقدمه حمزة البلومي (الحقائق الاربع) و(ما لم يقل) لزهير الجيس. * ألا يهمك أن تكوني في منصب سياسي؟ تمنيت أن أكون وزيرة للسياحة. * لماذا هذه الوزارة بالذات؟ أنا مقتنعة بأن هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد التونسي مظلوم بشكل كبير... أقول هذا الكلام بحكم سفري وزيارتي الى الكثير من دول العالم.. وألاحظ ما يقوم به المسؤول في هذه الدول لإعلاء شأن السياحة.. حيث تأهيل المواقع الأثرية والتأسيس للسياحة الطبية والاستشفائية والرياضية والسياحة الجبلية .. ونحن في تونس كل التركيز على السياحة الشاطئية في الوقت الذي يعيش فيه الشمال الغربي ظلما سياحيا رغم ما يتوفر عليه من مواقع سياحية تشد الأنظار حيث جمال المواقع الطبيعية والآثار الضاربة في أعماق التاريخ.. الاهتمام واستغلال ذلك سيرفع حتما من شأن السياحة ببلادنا.. * تعشقين السفر... ما هو البلد الذي كان له تأثير استثنائي؟ الصين... مثلت مفاجأة كبيرة لي.. بنظافتها والنظام الذي يعيش عليه سكانها... ثم هذا العشق الكبير للعمل والعقلية المحبة للوطن رغم كثرة السكان هناك احترام متبادل وعشق للوطن والعمل بعيدا عن الحسابات الضيقة. * وبالنسبة لألفة الساحلي الى اي مدى يمكن القول إنك تسيرين وفق الخط الذي تم تحديده؟ على المستوى المهني أرى أنني خطوت خطوات هامة كإعلامية مسؤولة وهناك طموح كبير للمواصلة في نفس الطريق لأجل تقديم أعمال تساهم في الارتقاء بالذوق العام. * بطاقة لمن توجهيها وماذا تكتبين فيها؟ اوجه هذه البطاقة الى والدتي تحية واعترافا وحبا لما وجدته من دعم وسند على أكثر من مستوى... (اللهم احفظ لي الوالدة).